مبعوث ليبيا لدى باريس: كنت أحد «الكلاب الضالة» التي طاردها القذافي حول العالم

سيف النصر قضى 42 عاما متنقلا بين فرنسا والمغرب وتشاد ونيجيريا والولايات المتحدة

TT

بعد أكثر من أربعة عقود مرت على فراره من ليبيا إثر تولي معمر القذافي مقاليد السلطة، لا يزال منصور سيف النصر، مبعوث المعارضة الليبية لدى باريس يحلم ببلدته سبها جنوب غربي ليبيا. يقول الدبلوماسي، 64 عاما، بلسان المعارض لتعيينه في باريس، لوكالة الأنباء الألمانية «قلت إنني سأقوم بهذه المهمة حتى تحقيق النصر.. بعدها أرغب في التقاعد (والعيش) في سبها».

لقد قضى سيف النصر الاثنين والأربعين عاما الماضية متنقلا بين فرنسا والمغرب وتشاد ونيجيريا والولايات المتحدة، كأحد أعضاء المعارضة الليبية».

يقول سيف النصر بامتعاض «كنت أحد الكلاب الضالة»، مقتبسا المصطلح الذي يفضل القذافي إطلاقه على خصومه المنفيين، والذين طاردهم حول العالم، ونجح في اغتيالهم في حالات ليست بالقليلة.

الآن القذافي هو من يتعرض للهجوم حيث يقاتل الثوار للإطاحة به، صاروا الآن على مسافة قريبة من العاصمة، كما أن المجمع الذي يقيم فيه قرب طرابلس بات هدفا للقصف في الغارات التي يشنها حلف شمال الأطلسي.

سيف النصر الآن هو من يتعامل مع الدبلوماسيين الغربيين في العاصمة الفرنسية، حيث تولى شؤون السفارة الليبية، رغم أن القذافي جرده من الجنسية الليبية.

في قاعة الاجتماعات بالسفارة الكائنة في الحي رقم 15 بالعاصمة باريس، جلس سيف النصر على مقعد وثير مكسو باللون الأخضر لون القذافي الأثير، بدت على وجهه ملامح عدم الارتياح بشكل واضح، ووقع نظره على خزانة بها عدة نسخ من الكتاب الأخضر للديكتاتور، وقال «علينا أن نقوم ببعض أعمال النظافة الشاملة».

بالأسفل كان هناك من يتولى أمر الدعاية بالفعل. علقت صورتان لضحايا التعذيب على أحد جدران البهو، إحداهما لرجل مصاب في رأسه والأخرى لرجل بترت ساقاه بشكل وحشي.

وقال سيف النصر إن الصور التقطت في بنغازي، وعلقت هنا بعد أن طردت فرنسا دبلوماسيي القذافي في مايو(أيار) الماضي. وقتها كانت فرنسا أعلنت بالفعل اعترافها بأن المجلس الوطني الانتقالي هو الممثل الشرعي للشعب الليبي، وأطلقت الرصاصة الأولى في الحملة المناهضة للقذافي.

كان ذلك قبل خمسة أشهر، ومنذ ذلك الحين والثوار الليبيون منهمكون في قتال شرس مع قوات القذافي، مما أثار مخاوف من طول أمد الصراع.

يقول سيف النصر مقارنا بين الاضطرابات التي تشهدها ليبيا والثورتين اللتين أطاحتا بالرئيسين التونسي والمصري في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين: «نعرف أن الأمر سيكون بالغ الصعوبة لأن القذافي رجل ذو عقلية دموية».

وقال سيف النصر، الذي نشأ في سبها أحد معاقل قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها القذافي، إن التقارير التي تتحدث عن وحشية القذافي كانت شائعة حتى قبل أن يقود الانقلاب العسكري ضد الملك إدريس السنوسي عام 1969، وإعلان الجمهورية.

وأضاف «كنا نعلم بالفعل أن الغيب لا يخبئ لليبيا مستقبلا أفضل. أحداث عام 1984 الدامية كانت تأكيدا على قسوة القذافي ووحشيته». 12 رجلا شنقوا علانية في أرجاء ليبيا، بعضهم شنق خلال شهر رمضان، في أعقاب هجوم على مجمع باب العزيزية الذي يقيم فيه القذافي، وخططت له الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، والتي كان سيف النصر أحد أعضائها. يقول سيف النصر بقدر من الاشمئزاز «فتح الناس نوافذهم ليروا ما إذا كان الوقت قد حان وقت الإفطار ليروا الرجال مشنوقين».

ذكريات كهذه وغيرها هي ما تجعل سيف النصر يشعر بالغضب إزاء مقترحات الغرب بأن يبقى القذافي في ليبيا إذا ما وافق على التنحي.

وتساءل الرجل «كيف تريدون أن يبقى في ليبيا بعد كل ما اقترفه؟» معتبرا أن أي اتفاق في هذا الصدد «غير وارد بالمرة».