السفير الأميركي يعد إسرائيل بدعم متواصل رغم الأزمة الاقتصادية

بعد أن توعد الفلسطينيين بتقليص التعاون معهم إذا ذهبوا للأمم المتحدة

جندي إسرائيلي يعتقل فلسطينيا خلال احتجاجات على جدار الفصل في بلدة الولجة قرب بيت لحم بالضفة أمس (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي تعرب فيها واشنطن عن قلقها واستنكارها لقرار وزير الداخلية الإسرائيلي بناء 900 وحدة سكن جديدة في القدس الشرقية المحتلة، أعلن السفير الأميركي الجديد في تل أبيب، دان شابيرو، أن بلاده ستواصل تقديم الدعم المالي والسياسي والعسكري لإسرائيل بوصفها حليفا استراتيجيا رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الولايات المتحدة.

وكان شابيرو يتكلم خلال جولة له في الجنوب الإسرائيلي تعرف أثناءها على عمل منظومة الدفاع الجوي الجديدة، «القبة الحديدية»، التي صنعتها إسرائيل بتمويل من الولايات المتحدة لمجابهة الصواريخ الفلسطينية واللبنانية متوسطة وقصيرة المدى، وأعرب عن إعجابه بها وبما تمثله من تعاون أمني عميق بين البلدين. وقال إنه وعلى الرغم من الأزمة المالية التي تنتاب الولايات المتحدة، فإن الإدارة الأميركية تحرص على ألا يتم المساس بالدعم لإسرائيل في أي مجال.

واعتبرت هذه التصريحات الحميمة بمثابة محاولة للتوازن في الموقف الأميركي، بعد أن كانت الإدارة قد بعثت أول من أمس برسالة إلى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تعبر فيها عن عدم الرضا والقلق من قرار وزير الداخلية الإسرائيلية إيلي يشاي، يوم الخميس الماضي، المصادقة على بناء 900 وحدة سكنية في مستوطنة «هار حوماه» المقامة على جبل أبو غنيم جنوب القدس المحتلة. ونقل عن مصدر في الخارجية الإسرائيلية قوله إن سفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل قد شددت في توجهها إلى مكتب رئيس الحكومة على قلق الإدارة من المصادقة على البناء والأبعاد السلبية لذلك على الجهود التي تبذلها لوقف المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) القادم، وعلى تجديد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

ولفتت الصحافة الإسرائيلية إلى أن هذه الرسالة، التي وصفتها بـ«السلبية»، من جانب الإدارة الأميركية في قضية البناء الاستيطاني في القدس المحتلة تأتي بعد شهور كانت تبدو فيه قضية البناء الاستيطاني الإسرائيلي المتواصل، على أنها مسألة هامشية في نظر الولايات المتحدة، كما أنه لم تجر أي محادثات بهذا الشأن بين مسؤولين أميركيين ومكتب رئيس الحكومة. وقالت إن هذا الإهمال شجع الوزير يشاي على إعطاء الضوء الأخضر لبناء وحدات سكنية في المستوطنات.

من جهة ثانية، قال دبلوماسي أميركي في تل أبيب، أمس، إن واشنطن الغاضبة من السياسة الإسرائيلية في موضوع المفاوضات، ما زالت تضع حدودا لانتقاداتها لإسرائيل، وفي الوقت نفسه باتت سلبية أكثر تجاه الفلسطينيين. وتوقع هذا الدبلوماسي أن يتقلص التعاون بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية بشكل كبير إذا أصر الفلسطينيون على مسعاهم بالتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل اعتراف دولي بدولة فلسطينية مستقلة في سبتمبر المقبل.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن الدبلوماسي من دون الكشف عن هويته قوله إنه «إذا ذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة سيكون من الصعب علينا الاستمرار في العلاقات التي نقيمها معهم، وهذا سيؤثر أيضا على المساعدات الاقتصادية الأميركية للسلطة الفلسطينية وعلى المساعدة بتدريب قوات الأمن الفلسطينية». وأضاف «لا نريد حدوث هذا، لكن سيكون من الصعب علينا التعاون في حال توجهوا إلى الأمم المتحدة».

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تركز جهودها حاليا على محاولات منع حدوث مواجهة بالأمم المتحدة في سبتمبر القادم. وأضاف «إننا نستثمر جهدا كبيرا من أجل التوضيح للفلسطينيين أنهم بإمكانهم تحقيق أهدافهم فقط من خلال محادثات مباشرة، وأكدنا أمامهم على أن التوجه إلى الأمم المتحدة هو فكرة سيئة ولن ينتج عنها شيء».

وتطرق الدبلوماسي الأميركي إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان يوم الأحد الماضي التي دعا فيها إلى قطع كل الاتصالات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتوقع سفك دماء بشكل غير مسبوق في سبتمبر، فقال إن الولايات المتحدة تدعو الجانبين للامتناع عن تدهور الوضع إلى حد العنف ومواصلة التنسيق الأمني الذي يرى فيه «قصة نجاح، وأدى إلى تحسن كبير في الوضع الأمني الميداني، ونحن نريد أن نرى هذا التعاون مستمرا.. فهذه مصلحة إسرائيل والفلسطينيين والولايات المتحدة».

على صعيد آخر، صرح الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، بأن اعترافا دوليا بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل سيكون فارغا من أي مضمون، وعبر عن أمله في عودة الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى المفاوضات. وأضاف خلال لقائه وفدا من أعضاء الكونغرس الأميركي أن «الإعلان عن دولة فلسطينية بالأمم المتحدة سيطيل الصراع». ورأى أن «الفلسطينيين ونحن أيضا ندرك أن البديل للسلام سيكون سلسلة من الأخطاء المؤسفة».