تضارب حول انسحاب الجيش من حماه.. وأردوغان يتوقع انتهاء «كل شيء» خلال أسبوعين

السفير التركي أدى الصلاة مع الأهالي.. والسلطات أخذت الصحافيين في جولة بالمدينة

حاملة دبابات في طريقها الى ثكناتها بعد الانسحاب من وسط حماه أمس (إ.ب.أ)
TT

تضاربت الأنباء حول انسحاب الجيش السوري من حماه، ففي وقت قال فيه نشطاء إن الجيش لم ينسحب بل أعاد تموضعه وانتشر في القرى المحيطة، قال آخرون إن الجيش عاد بدباباته إلى ساحة العاصي مساء.

وجا ذلك في وقت قال فيه رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إنه يأمل أن «ينتهي كل شيء في غضون 10 إلى 15 يوما»، وذلك بعد يوم على زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أغلو دمشق، وتوجيهه رسالة إلى النظام بضرورة وقف العنف.

من جانبه، قال ضابط في الجيش السوري في تصريح للصحافيين إن الجيش «خرج بشكل نهائي من حماه عائدا إلى ثكناته العسكرية» ووصف مهمة الجيش في حماه بأنها كانت «وطنية» وقد نفذها «بكل شرف وإخلاص وأعاد الأمن والاستقرار إلى المدينة». وأكد الضابط أن الجيش نفذ «مهمة نوعية وكان حريصا على دماء وأرواح المواطنين» مشيرا إلى أن «المجموعات الإرهابية المسلحة كان بحوزتها أسلحة حديثة جدا تسببت بالكثير من التخريب في مناطق عدة من المدينة».

وأعلن أردوغان أن السفير التركي لدى سوريا زار أمس مدينة حماه، حيث شاهد بدء انسحاب الجيش السوري منها، بعد انتشاره بأعداد كبيرة نهاية يوليو (تموز)، إثر مظاهرات حاشدة. وقال أردوغان خلال اجتماع لكوادر حزبه في أنقرة: «زار سفيرنا حماه ورأى أن الدبابات وقوات الأمن بدأت تنسحب من حماه». وربط رئيس الوزراء التركي بين انسحاب القوات السورية وزيارة وزير الخارجية التركي، أمس، لدمشق.

وأضاف: «إنه بالطبع أمر مهم جدا بالنسبة إلى النتائج الإيجابية للمبادرة (التركية)»، ودعا أردوغان سوريا إلى بدء الإصلاحات دون إبطاء، وقال: «نأمل أن ينتهي كل شيء في غضون 10 إلى 15 يوما، وأن تخطو سوريا خطوات نحو تطبيق الإصلاحات».

وفي تصريح للصحافيين، قال داود أوغلو إن السفير عمر أونهون أجرى «اتصالات مباشرة» مع أهل حماه، بعد لقاءات مع السلطات المحلية.

وأضاف أنه «مشي في حارات حماه وأحيائها مع فريقنا الدبلوماسي، وتحدث مع السكان، وأدى صلاة الجمعة معهم».

وتابع أن «المعلومات التي وصلتني تفيد بأن كل المدرعات والأسلحة الثقيلة تنسحب (...) هناك وجود عسكري على طريق حماه ونقاط مراقبة في المدينة لكن ليست هناك معارك ولا أسلحة ثقيلة».

وأكد داود أوغلو أن زيارة الصحافيين والسفير التركي حماه تم الاتفاق عليها خلال اللقاء الذي عقده مع الرئيس السوري بشار الأسد. وأضاف: «قلنا أمس للأسد إنه من المهم فتح هذه المدن للممثلين الدبلوماسيين، وخصوصا لوسائل الإعلام.. حرية الصحافة هي أهم أداة لإنهاء التكهنات والجدل.. ولتتمكن الأسرة الدولية والشعب من تكوين رأي» بشأن ما يعلنه النظام.

وكانت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية قالت إن العشرات من آليات نقل الجنود شوهدت وهي تغادر، صباح أمس، حماه.

وذكرت المراسلة أنها شاهدت العشرات من آليات نقل الجنود تغادر صباح أمس المدينة الواقعة في وسط سوريا التي انتشر الجيش بقوة في بعض أحيائها في نهاية يوليو (تموز)، بعد مظاهرات حاشدة.

وقالت الصحافية من الوكالة التي شاركت في زيارة نظمتها السلطات السورية لنحو ستين صحافيا، إن نحو أربعين آلية ترفع كل منها العلم السوري وتقل جنودا شوهدت وهي تغادر المدينة قبيل الظهر. وردد بعض الجنود الذين كانوا يرفعون إشارة النصر «بالروح بالدم نفديك يا بشار»، و«الله سوريا بشار وبس». وبدت ساحة العاصي، حيث يقع مبنى المحافظة في وسط المدينة وجرت مظاهرات ضمت حتى نصف مليون شخص أيام الجمعة في يوليو (تموز)، خالية، باستثناء بعض السيارات والمارة.

وأغلقت المحلات التجارية أبوابها، أمس، لكن محافظ حماه، أنس ناعم، أكد أن المواد الأساسية بدأت تدخل إلى المدينة، ولا سيما الخبز والخضار. وكان الرئيس السوري عين أنس ناعم منتصف الشهر الماضي محافظا لمحافظة حماه. وأقيل المحافظ السابق أحمد خالد عبد العزيز في الثاني من يوليو (تموز) بمرسوم رئاسي، غداة المظاهرة الحاشدة التي دعت إلى سقوط النظام. وفي أماكن أخرى، تقوم السلطات بتنظيف الشوارع وجمع الحجارة التي تغطي الأرض وإزالة كتابات من على الجدران.

وكان الجيش السوري دخل في 31 يوليو (تموز) حماه، وفي ذلك اليوم قال ناشطون إن نحو مائة شخص قتلوا فيما اعتبروه «أحد أكثر الأيام دموية» منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد الأسد، منتصف مارس (آذار) الماضي.

وقال الناشطون وشهود عيان إن العمليات التي تلت ذلك أسفرت عن سقوط عشرات القتلى الآخرين في المدينة، التي قطعت فيها السلطات وسائل الاتصالات، وأكدت أنها تعمل على مكافحة «العصابات الإرهابية المسلحة» التي تؤكد أنها تقف وراء الاضطرابات.

وشملت زيارة الصحافيين مركزا للشرطة تبدو عليه آثار النيران. وقال الضابط في الشرطة أسامة مخلوف: «لقد أحرقه ودمره مخربون».

وأوضح هذا الضابط أن «كل مراكز الشرطة تعرضت لهجمات متزامنة من قبل المخربين» في 31 يوليو، مؤكدا أن «17 شرطيا قتلوا». وذكر سكان تحدث إليهم الصحافيون أيضا عن «مخربين»، ورحبوا بتدخل الجيش، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت خديجة، التي تبلغ عشرين عاما من العمر، إن «الوضع عاد إلى الهدوء مع دخول الجيش»، موضحة أنه «قبل ذلك كان المخربون ينصبون الحواجز في المدينة، وكان إطلاق النار متواصلا».

وكانت خديجة ترد على أسئلة الصحافيين من داخل سيارة في طريق عودتها إلى حماه، بعد عشرة أيام أمضتها في قرية مجاورة لجأت إليها مع والديها وأخواتها الخمس.

أما فواز الذي يقيم في حي السويق، فقد قال إن «الجيش جاء لحمايتنا». وأضاف: «كلنا متحدون نحن والجيش وبشار». وأكد أن «مخربين دخلوا إلى الحي الذي أقيم فيه وأطلقوا النار، ونهبوا منازل». واتهم ضابط آخر تحدث إلى الصحافيين «عصابات مسلحة» بمحاولة «زرع الشقاق بين السكان». وقال الضابط أمام مركز الشرطة المحترق في حي الحاضر: «كما ترون، ليس هناك وجود للجيش في حماه. وحدات الجيش انسحبت إلى ثكناتها بعدما أنجزت مهامها». وأضاف أن «السكان عادوا إلى بيوتهم وهم سعداء بالتخلص من العصابات المسلحة، التي حاولت زرع الشقاق بين السكان».