الدول الغربية في مجلس الأمن تحث على إجراءات إضافية ضد نظام الأسد

السفير السوري يقارن الوضع في سوريا بأعمال الشغب في بريطانيا.. والمندوب البريطاني يرد: تعليقاتك مثيرة للضحك

صورة مأخوذة من موقع اوغاريت لمظاهرات في ادلب
TT

كثفت الدول الغربية مطالبتها مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة عقدها مساء أول من أمس حول سوريا، بأخذ «إجراءات إضافية» ضد نظام بشار الأسد، بعد رفضه النداءات المتكررة والملحة لوقف قمعه الدموي للمتظاهرين المطالبين برحيله. ولكن الدعوة الغربية لم تلق آذانا مصغية لدى المندوب الروسي، الذي أكد أن العقوبات التي فرضت على النظام السوري لم تؤد إلى وقف حملة القمع التي يشنها النظام ضد المحتجين، والتي أسفرت بحسب منظمات حقوقية عن مقتل نحو ألفي شخص غالبيتهم من المدنيين.

وخلال عرضه أمام مجلس الأمن في جلسة مغلقة تقريرا عن تطورات الأحداث في سوريا، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، أوسكار فرنانديز تارانكو، إن عمليات القتل في سوريا لم تتوقف بعد أسبوع من إصدار المجلس بيانا رئاسيا يدين حملة القمع ويدعو إلى وقفها «فورا».

وأكد تارانكو أنه، وبينما كان مسؤولون من الأمم المتحدة يلتقون دبلوماسيين سوريين، كانت ترد تقارير عن وقوع مزيد من القتلى. ونقل عن المسؤول قوله إن 87 شخصا قتلوا في أعمال العنف يوم الثلاثاء وحده. وأضاف أن قوات الأمن السورية تقوم في بعض الأحيان بقطع الكهرباء عن بلدات مستهدفة في العمليات.

وعرض أيضا لتقارير تتحدث عن تنفيذ عمليات إعدام ميدانية وحالات انشقاق في صفوف الجيش بسبب رفض الجنود تنفيذ الأوامر المعطاة إليهم بإطلاق النار على المتظاهرين بقصد قتلهم، كما أفاد دبلوماسيون. وقال دبلوماسي إن الخلاصة الأساسية لتقرير تارانكو هي أن سوريا «لم تستجب» لدعوات المجلس لها بوقف العنف.

وبعد الاجتماع قال المندوب السوري في مجلس الأمن بشار الجعفري أن 500 عنصر من قوات الأمن قتلوا في المظاهرات منذ اندلاعها في 15 مارس (آذار). وقارن المندوب السوري بين الوضع في بلاده وما تشهده بريطانيا حاليا من أعمال شغب. وقال: «إنه لمن المفيد الاستماع إلى رئيس الوزراء البريطاني وهو يتحدث عن مثيري الشغب وينعتهم بالعصابات»، مضيفا: «لا يسمح لنا استخدام المصطلح نفسه للحديث عن مجموعات مسلحة وإرهابية في بلدي. هذا نفاق، هذه غطرسة».

وأكد الجعفري أن «ما حدث في لندن وبرمنغهام وبريستول لا يعدو كونه واحدا في المائة ربما مما حدث في بعض المناطق المضطربة في بلدي، ومع هذا يرفض بعض الناس الاعتراف بالواقع».

وسارع المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، فيليب بارهام، إلى الرد على هذه التعليقات، واصفا إياها بـ«المثيرة للضحك». وقال بارهام: «في المملكة المتحدة هناك وضع أخذت فيه الحكومة إجراءات متكافئة وقانونية وشفافة لضمان تطبيق القانون على مواطنيها». وأضاف أنه بالمقابل «في سوريا، تشن هجمات على الآلاف من المدنيين العزل الذين قتل الكثيرون منهم. المقارنة التي أجراها السفير السوري مثيرة للضحك».

وفي مسعى منها لإبقاء الملف السوري في أعلى سلم أولويات مجلس الأمن، طالبت الدول الغربية بتقرير ثان يقدم إلى مجلس الأمن الأسبوع المقبل ويتم خلاله الاستماع إلى كبار مسؤولي الأمم المتحدة في مجالي حقوق الإنسان والإغاثة الإنسانية، مما يعني أن مجلس الأمن سيناقش مسألة سوريا مرة أخرى الأسبوع المقبل. وبعد الاجتماع قال مندوبو كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال إنه إذا لم تتحسن الأحوال في سوريا بحلول الجلسة المقبلة، عندها يتعين على مجلس الأمن أن يتخذ «إجراءات إضافية».

وقال المندوب البريطاني بارهام للصحافيين أن التقرير الذي قدمه تارانكو رسم صورة للوضع في سوريا «محبطة وتقشعر لها الأبدان». وأضاف أن تارانكو قال إن «الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان» أضحت سمة أساسية لحملة القمع، في حين ليست هناك أي مؤشرات على أن النظام السوري مستعد للإنصات إلى نداءات الأسرة الدولية مع استمرار العمليات العسكرية وتواصل حملات الاعتقال.

من جانبه، قال مساعد المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة مارتين بريان أنه «إذا أصر النظام السوري على تجاهل مطالب المجتمع الدولي، وهي ليست مطالب مجلس الأمن فقط، بل تتزايد المطالبة بها في المنطقة وبشكل أكثر فأكثر إلحاحا، عندها يتعين علينا التفكير في سبل زيادة الضغط على النظام السوري».

أما السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، فاعتمدت في خطابها خلال الاجتماع لهجة البيت الأبيض المتزايدة في حدتها إزاء النظام السوري. وقالت رايس إن الأسد قابل «مطالب التغيير بوحشية وازدراء»، مؤكدة أن آلاف الأبرياء «قتلوا في سوريا بدم بارد»، وإن «الأسد انتهك أبسط قواعد الدبلوماسية بإرساله بلطجية لمهاجمة بعثات دبلوماسية». وأوضحت المندوبة الأميركية أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية تعتزم «ممارسة ضغط إضافي على النظام السوري من خلال تنسيق تدابير إضافية دبلوماسية ومالية». وأضافت أن الولايات المتحدة تسعى أيضا إلى وقف إمدادات الأسلحة والذخائر إلى القوات السورية.

ولكن نظيرها الروسي فيتالي تشوركين خالفها الرأي، مؤكدا أن النداءات الأميركية إلى فرض عقوبات على دمشق لا طائل منها. وقال: «نحن ندعو إلى ضبط النفس والإصلاحات والحوار»، مضيفا: «ما نقوله لهم (السوريين) هو أن عليهم القيام بإصلاحات جدية»، منتقدا المعارضة السورية لرفضها التحاور مع الأسد، ومؤكدا وجود «بعض الإشارات المشجعة».

وقال: «ما نقوله لهم هو أنه يجب عليهم إجراء إصلاحات جدية في أقرب وقت ممكن، مع أننا ندرك أن الأمر يستغرق بعض الوقت، ولا سيما في وضع مأساوي كهذا فلا يمكن تنفيذ الإصلاحات بين عشية وضحاها. وسئل تشوركين هل يعتقد أن العقوبات الأميركية الجديدة على سوريا التي أعلنت عنها واشنطن أول من أمس مفيدة، فرد بقوله: «لا».

وعارضت روسيا والصين اللتان تملكان حق النقض (الفيتو)، وتدعمهما الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، بشدة فكرة فرض عقوبات للأمم المتحدة على دمشق، الأمر الذي يقول دبلوماسيون غربيون إنه سيكون الخطوة المنطقية التالية مع سوريا. وقال دبلوماسيون في المجلس إنه لا تبدو علامة على أن الدول الخمس غيرت موقفها على الرغم من الحملة التي تشنها قوات الأمن السورية منذ خمسة أشهر على المحتجين في شتى أنحاء البلاد.

وكان مجلس الأمن قد أصدر الأسبوع الماضي بيانا رئاسيا يدين فيه العنف ويطالب بأن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا عن التطورات بعد أسبوع من صدور البيان. وقادت روسيا والصين المعارضة لإصدار المجلس قرارا رسميا يدين سوريا، وساندتها في ذلك كل من البرازيل والهند وجنوب أفريقيا.