توسيع العمليات العسكرية واقتحام مدن جديدة عشية جمعة «لن نركع إلا لله».. وعودة المظاهر العسكرية إلى حماه

ناشطون يؤكدون مقتل 14 شخصا في القصير بحمص ودير الزور.. واعتقال أكثر من مائة قرب الحدود التركية

آثار قصف منزل بالدبابات في منطقة الحولة (شام نيوز)
TT

عشية جمعة «لن نركع إلا لله»، عادت المظاهر العسكرية للظهور في حماه أمس، بعد اختفائها لساعات قليلة خلال جولة نظمتها السلطات لصحافيين وحضرها السفير التركي في دمشق، بحسب ما أكد ناشطون أمس. وجاء ذلك في وقت وسعت فيه القوات السورية حملاتها العسكرية أمس، ودخلت مدينة القصير في حمص، وصعدت عملياتها العسكرية في دير الزور، مما أدى إلى مقتل 14 شخصا على الأقل في المدينتين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 100 شخص في بلدة سراقب في إدلب القريبة من الحدود التركية.

وفي حماه، قال ناشطون إن المظاهر العسكرية عادت للظهور بعد اختفائها لساعات قليلة، بمجرد انتهاء جولة الصحافيين المصحوبين بالسفير التركي. وبث ناشطون صورا على الإنترنت لما قالوا إنه دبابات وآليات عسكرية تابعة للجيش منتشرة في محافظة حماه. وقال سكان في مدينة حماه لـ«الشرق الأوسط» إن الدبابات والآليات العسكرية خرجت من المدينة، إلا أنهم أكدوا وجود سيارات جيب عسكرية متمركزة في عدة شوارع في مركز المدينة، منها حاجز في ساحة العاصي أمام مبنى المحافظة المكان الذي كان يشهد على مدى الأيام الماضية أكبر المظاهرات والاعتصامات في البلاد على الإطلاق، كما أشاروا إلى وجود حاجز عسكري آخر في منطقة الدبابات وثالث عند الكراج الغربي. وقالت المصادر إن الحياة الطبيعية لم تعد بعد للمدينة لا سيما في المركز، وإن حركة ضئيلة شهدتها أسواق الخضراوات.

وفي حمص، دخلت الدبابات إلى مدينة القصير فجر أمس، رافقتها أكثر من سبعين سيارة عسكرية، ومع حلول الساعة السادسة صباحا تم إغلاق جميع مداخل المدينة وإقامة حواجز عسكرية، مع قطع للاتصالات والكهرباء عن المدينة والقرى المحيطة بها. وفي الساعة السابعة بدأت الحملة الأمنية والعسكرية وسط إطلاق كثيف للنار، حيث قامت قوات الأمن والجيش بعمليات مداهمة واعتقال واسعة، وملاحقات إلى مناطق البساتين المحيطة بالمدينة، واكبتها عمليات تمشيط للمنازل.

وبحسب مصادر محلية، سقط خلال الساعة الأولى من الاقتحام نحو خمسة قتلى، بينهم امرأة وطفل، ليرتفع العدد عند الظهر ليصبح 11 قتيلا. كما تم اعتقال نحو مائتي شخص، من ضمن قائمة بالأسماء قالوا إن عددها بلغ نحو 200 مطلوب. وحسب المعلومات الشحيحة التي رشحت من المدينة، فإن عمليات تخريب وتكسير ونهب طالت العديد من المحلات التجارية، قبل أن ينسحب الجيش من المدينة بعد ظهر أمس، بحسب ما قاله شهود عيان. وأكدوا رؤية نحو ست دبابات وسبعين سيارة عسكرية محملة بالجنود تتجه خارج القصير إلى طريق حمص - دمشق الدولي.

ولم يستغرب أهالي المدينة دخول الجيش، فبعد نصف ساعة من بث قناة الجزيرة مقطع فيديو للمظاهرة التي خرجت في القصير يوم جمعة «الله معنا»، ورد في الأنباء الرسمية خبر عن وجود مسلحين يقطعون الطرقات في مدينة القصير. وقد جعل ذلك أهالي القصير على يقين بأن قرارا قد اتخذ لشن حملة عسكرية عليها، إذ حفظ السوريون السيناريو الذي تضعه السلطات تمهيدا لاقتحام أي مدينة.

ويشار إلى أن مدينة القصير تقع في منطقة الحدود مع لبنان من جهة الهرمل، كما تتصل بجنوب منطقة تلكلخ، وتتشاركان الإحاطة بالحدود مع الشمال اللبناني. والقصير ومنذ بدء الاحتجاجات في مدينة درعا منذ نحو ستة أشهر، تشهد مظاهرات يومية مسائية، كما تخرج فيها مظاهرات حاشدة أيام الجمع، من دون أن تسجل فيها أي حالة شغب أو فوضى أو تخريب. إلا أن السلطات تصر على روايتها بأن مسلحين في المنطقة يقومون بقطع الطرق ومهاجمة عناصر الأمن في المفارز الحدودية، وسبق أن دخلت الدبابات مدينة القصير منذ نحو شهر، لعدة ساعات، رافقتها عملية أمنية جرى خلالها اعتقال العشرات من الناشطين، ولم يتم حينها قطع الكهرباء والاتصالات.

وقال ناشط لوكالة الصحافة الفرنسية من مدينة حمص إن القوات السورية التي اقتحمت مدينة القصير «قامت بإطلاق النار على مواطنين كانوا يحاولون الهروب إلى منطقة البساتين»، وأفاد بأن عدد القتلى ارتفع إلى 11 قتيلا. وأضاف أن عشرات أصيبوا بجروح فيما تم اعتقال مائة شخص.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «ثلاثة مدنيين قتلوا في حي المطار في دير الزور وأحرقت منازل». ويأتي ذلك غداة مقتل 19 مدنيا على الأقل في سوريا الأربعاء، بينهم 18 في مدينة حمص بوسط البلاد بعد انسحاب الجيش السوري من حماه وإدلب. وكان ناشط حقوقي أعلن أن عشرات الدبابات اقتحمت مدينة القصير التي تبعد 30 كم إلى جنوب غربي حمص (وسط). وأكد هذا الناشط قيام القوات الأمنية بحملة اعتقالات وكذلك قطع جميع الاتصالات عن المدينة التي هرب العديد من سكانها إلى البساتين المجاورة.

وبالتزامن مع الحملة التي شنها الجيش في القصير، كانت دبابات أخرى تقتحم مدينة سراقب في محافظة إدلب وسط إطلاق نار كثيف، وشنت قوات الأمن فيها حملة دهم واعتقالات شملت عشرات الأطفال وكذاك أيضا في بلدة المسيفرة بمحافظة درعا.

وقال نشطاء وسكان ببلدة سراقب لوكالة الصحافة الفرنسية، إن عربات مدرعة اقتحمت أمس البلدة الرئيسية الواقعة على الطريق السريع في محافظة بالشمال قرب الحدود مع تركيا، وإنه تم إلقاء القبض على 100 شخص على الأقل. وقال ساكن فر من محافظة إدلب على بعد 50 كيلومترا جنوب شرقي إقليم هاتاي بتركيا «دخلت نحو 14 دبابة وعربة مدرعة سراقب صباح اليوم ومعها 50 حافلة وشاحنة صغيرة وسيارة أمن وبادرت بإطلاق النار بشكل عشوائي واقتحام منازل». وهذا هو اليوم الثالث للحملة العسكرية على مراكز الاحتجاجات المناهضة للحكومة في المناطق الشمالية من سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 100 شخص على الأقل اعتقلوا في سراقب التي تشهد مظاهرات يومية تطالب بإسقاط الرئيس بشار الأسد بعد صلاة التراويح. واستمر الجيش في محاصرة ثلاثة أحياء في مدينة دير الزور وسط إطلاق نار كثيف وعمليات مداهمة واعتقال. وأفاد اتحاد تنسيقيات الثورة بأن الجيش قصف مستشفى النور في المدينة. واعتقل جنود صاحب المستشفى وثلاثة من الأطباء العاملين فيه. كما حاصر الجنود منذ صباح اليوم حي الحميدية، إضافة إلى حيي العمال والمطار القديم وسط إطلاق نار كثيف. وجاءت هذه الحملة بعد يوم من استهداف المساجد في المدينة، حيث تم استهداف مئذنة مسجد عثمان بن عفان، إضافة إلى جامع خالد بن الوليد ومسجد التوبة ومسجد العارفين.