سكان درعا يتجنبون السير في الشارع في مجموعات.. خوفا من إطلاق النار عليهم

قانون الطوارئ يطبق عمليا رغم إلغائه وقوات الأمن تمارس القمع

طفلة تبكي لاعتقال ابيها وعمها في منطقة الطيبة بحوران أمس (أوغاريت)
TT

يستبيح الخوف مدينة درعا وبعض قراها، من حيث انطلقت شرارة الانتفاضة السورية، وتزداد وتيرته في ليالي رمضان، حيث يتنقل السكان بحذر، ويفضل كثيرون منهم عدم الخروج لتأدية صلاة التراويح، خوفا من «قوات الأمن الممسكة بتفاصيل المدينة».

ويصف أحد أبناء درعا الوضع هناك بـ«الصعب جدا»، مشددا، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، على أن «القمع بات صفة متلازمة لسلوك قوات الأمن، وقد اعتاد الناس على هذا السلوك الذي يتخطى حدوده ليصل إلى البطش أحيانا، فيتجنبون لقاء الرجال الأمنيين أو الاقتراب منهم». وأوضح أن القوات الموكلة حفظ الأمن في المدينة، «تمارس عملها بحزم، وتضيق الخناق على القاطنين»، مشيرا إلى أن «قانون الطوارئ الذي انتهى قانونيا، ما زال معمولا به عمليا، ويمارس رجال الأمن سلوكهم الأمني بذهنية الماضي وعقلية هذا القانون».

ويشير الشاب الدرعاوي، كما يفضل تسمية نفسه من دون ذكر اسمه، إلى أن سكان درعا «يتجنبون السير في الشارع في مجموعة يتخطى عددها الثلاثة رجال، خوفا من إطلاق النار عليهم في الشارع لترهيبهم وترويعهم وتفريقهم، وقد حدث ذلك مرارا في المدينة، خصوصا في أوقات الليل، ما يضطر أهالي المنطقة إلى اتخاذ احتياطاتهم والتنقل فرادى». ويصف «الدرعاوي» سلوك أبناء بلده بـ«العمل بالتقية»، تجنبا للاحتكاك مع رجال الأمن والمخبرين.

مشهد العسكر، بات مألوفا في المدينة، كذلك «القمع الذي يمارس على حرية تنقل الأفراد»، مؤكدا أن «الخوف يعتري من يريد التنقل والتجمع».. لكن أهم إيجابيات الأزمة، كان «ازدهار حرية الرأي والتعبير»، حيث «تجاوز أبناء المدينة عقدة الخوف، وباتوا لا يعملون ألف حساب قبل المجاهرة برأيهم، لكنهم يتهيبون الاعتقال الذي بات إجراء سهلا وسريعا بحق المتجمعين أو المتظاهرين».

الإجراءات الأمنية، القاسية المفروضة على المدينة، منذ انسحاب الجيش من أحيائها عقب الحملة الأمنية الكبرى، يشعر بضائقتها الدرعاويون خلال شهر رمضان، بما يتخطى الأيام العادية. ويؤكد المصدر أن «الخوف الذي يخلفه الوجود الأمني، وإجراءاته السريعة، يدفع كثيرا من الرجال إلى التزام البيوت بعد الإفطار وعدم التوجه إلى المساجد لأداء صلاة التراويح»، لافتا إلى أن من يخرج من المسجد «يتجنب الوقوف مع أصدقائه وأبناء بلده، ويتوجه مباشرة إلى منزله بعد أداء الصلاة». وفي هذا السياق، قال «الدرعاوي» متهكما: «إذا بقي الوضع على حاله حتى عيد الفطر، من غير أي تسهيل للحياة في درعا وتخفيف من حدة الإجراءات الأمنية، فإن العيد سيمر بلا سلام ولا كلام».

وكانت درعا المنطقة الأولى التي تعرضت لعملية أمنية وعسكرية شرسة، وشكل قتل الطفل حمزة الخطيب البالغ من العمر 14 عاما، بعد تعذيبه، صدمة للعالم، وزاد من موجة الغضب في أنحاء سوريا، وبات رمزا لوحشية النظام ضد الشعب. وحمزة من قرية الجيزة في محافظة درعا خرج في مظاهرة مع أهله ومتظاهرين آخرين يوم «جمعة الغضب» في 29 أبريل (نيسان)، وتم اعتقاله عند مساكن صيدا وسلم لأهله بعد أكثر من أسبوع جثة تبدو عليها آثار التعذيب. وتوضح صور الجثة التي عرضت على موقع «يوتيوب» أنه تم قطع عضوه التناسلي مع تعرضه للضرب المبرح حيث توجد آثار كدمات على الوجه والساق وكسر العنق، ومن ثم تعرض لإطلاق الرصاص، حيث تبين الصور أن طلقة اخترقت ذراعه واستقرت في خاصرته اليسرى وطلقة أخرى في خاصرته اليمنى خرجت من ظهره، وتبدو طلقة ثالثة في صدره.