إسرائيل تطلق يد الاستيطان في القدس.. والسلطة تتهمها بخلق وقائع جديدة

عريقات لـ «الشرق الأوسط» معلقا على إقرار بناء 4300 مسكن: نتنياهو اختار الإملاءات على المفاوضات

تواصل البناء في مستوطنة بزغات زئيف في القدس الشرقية أمس (أ.ب)
TT

استغلت الحكومة الإسرائيلية أزمة السكن التي قادت إلى مظاهرات كبيرة بل «ثورة خيام» شبيهة بثورات الربيع العربي، في إسرائيل، وقررت بناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات في القدس الشرقية. ويعتبر هذا الإجراء أكبر تحد لجهود الولايات المتحدة، لإعادة إطلاق عملية السلام، وقبل شهر واحد من طلب الفلسطينيين عضوية الدولة في الأمم المتحدة.

واعتبر رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، القرار الإسرائيلي ردا واضحا وصريحا على المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونتنياهو. وقال عريقات لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة نتنياهو «حكومة اختارت الاستيطان لا السلام.. واختارت الإملاءات بدلا من المفاوضات». ودعا عريقات إدارة الرئيس أوباما إلى إعادة النظر في موقفها، «وتأييد تحركنا نحو الأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة فلسطين الكاملة، على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على اعتبار أن ذلك هو المدخل الوحيد للحفاظ على خيار الدولتين». وأضاف عريقات أن كل من يؤيد حل الدولتين عليه أن يؤيد المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة للعضوية الكاملة.

وقد صادق وزير الداخلية ايلي يشاي بشكل نهائي على إقامة 1600 وحدة جديدة في مستوطنة «رمات شلومو» شمال القدس، في حين صادق مبدئيا على بناء 2700 وحدة أخرى منها 2000 وحدة في «غيفعات هامتوس»، و700 في «بسغات زئيف» ليصل المجموع إلى 4300 وحدة. وأكد المتحدث باسمه روئي لخمنوفيتش، أن يشاي سيعطي الموافقة على الوحدات الأخرى خلال «بضعة أيام».

وجاءت المصادقة الرسمية على هذه المشاريع بعد أيام من انتقادات وجهتها واشنطن للبناء الاستيطاني في القدس الشرقية، بعد مصادقة يشاي نفسه على بناء 930 وحدة سكانية في جبل أبو غنيم الواقع بين القدس وبيت لحم، ورغم أن مساكن «رامات شلومو» كانت السبب وراء أزمة عميقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، عندما أعلن عنها للمرة الأولى خلال زيارة نائب الرئيس جو بايدن في مارس (آذار) الماضي، وهو ما أغضب واشنطن التي وصفت الإعلان عن الخطة في وجود بايدن بأنه إهانة، فاضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإعراب عن أسفه لتوقيت الإعلان.

وقال لخمنوفيتش إن الموافقة على بناء الوحدات الاستيطانية جاءت لدوافع «اقتصادية» لا سياسية، ومرتبطة بالمظاهرات التي تشهدها البلاد. وزعمت ذلك أيضا مصادر مقربة من يشاي إذ قالت إنه يرى أن تنفيذ هذه المشاريع يندرج في إطار الجهود لحل ضائقة السكن في البلاد.

وفي محاولة لربط الأمر بالمظاهرات التي تجري في إسرائيل، ضد الأوضاع الاقتصادية، وأزمة السكن، قالت المصادر إن هذه المصادقات الجديدة تندرج ضمن مصادقات أخرى على بناء 7 آلاف وحدة سكنية في منطقة حيفا، والمصادقة قريبا على مخططات في مناطق أخرى.

أما فيما يخص السرعة في إصدار هكذا تراخيص، قالت المصادر إنه مرتبط أساسا بإقرار قانون البناء والتنظيم قبل 6 شهور، «الذي يتجاوز كثيرا من الإجراءات البيروقراطية» وهو ما سرع العملية.

واتهمت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، يشاي، باستغلال ضائقة السكن لتوسيع المستوطنات. وقالت «إن المصادقة على مشاريع البناء الجديدة تدمر احتمال التوصل إلى حل سياسي لقضية القدس وتمس بمكانة إسرائيل في العالم بشكل خطير».

ووصفت الحركة هذه الإجراءات من حكومة إسرائيل بمحاولة «لاستغلال أزمة السكن من أجل تكثيف البناء الاستيطاني لخدمة اليمين الإسرائيلي».

من جهتها أدانت الرئاسة الفلسطينية بقوة قرار إسرائيل بناء آلاف الوحدات السكنية في القدس. واعتبر الناطق باسمها نبيل أبو ردينة هذا القرار محاولة إسرائيلية لخلق وقائع جديدة على الأرض قبل توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة الشهر القادم لنيل الاعتراف بدولتهم. ودعا أبو ردينة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وجميع الجهات الراعية لعملية السلام في الشرق الأوسط إلى أخذ دورها والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه الإجراءات أحادية الجانب.

كما نددت منظمة التحرير الفلسطينية اليوم بالقرار ووصفته «بالاستفزاز الخطير والتحدي للإرادة الدولية المنددة بالاستيطان».

ورأى بيان للمنظمة، أن هذا القرار «يشكل محاولة إسرائيلية لتكريس أمر واقع يمنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية». واتهم البيان حكومة إسرائيل باستغلال «الوضع الدولي والتوجه الفلسطيني للأمم المتحدة لنيل اعترافها بفلسطين الدولة 194 فيها وتحاول الخروج من أزمتها الداخلية واحتواء المظاهرات المنددة بسياستها بتصعيد سياستها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية وبناء منازل جديدة للمستوطنين فيها». وطالبت المنظمة، المجتمع الدولي «بإدانة هذه السياسة التي تعمق الكراهية وتضع العراقيل أمام التوصل إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط».

وقالت إن «حل مشكلات إسرائيل يكمن في اعترافها بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإنهاء احتلالها واعترافها بدولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها حسب الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية».