الحكومة المصغرة في إسرائيل تهدد بمقاطعة السلطة.. وتستنفر الجيش بشكل مفاجئ

في إطار محاولاتها عرقلة الذهاب للأمم المتحدة ومواجهة أي ردود فعل في الأراضي المحتلة

TT

على الرغم من التقديرات الإسرائيلية الرسمية بأن سبتمبر (أيلول) القادم، موعد بحث الطلب الفلسطيني للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، سيمر من دون مظاهرات احتجاجية فلسطينية عنيفة، فرض رئيس أركان الجيش تدريبا مفاجئا على قواته المرابطة في منطقة رام الله، الليلة قبل الماضية، شمل استنفارا عسكريا كبيرا لمواجهة «المظاهرات والمسيرات المعادية لإسرائيل وكبتها في أقصى سرعة ممكنة».

وحسب مصادر عسكرية مطلعة، زار رئيس الأركان العماد بيني غانتس على نحو مفاجئ قيادة الجيش في المناطق الفلسطينية المحتلة قرب رام الله، وأمر على الفور باستنفار القوات الميدانية المدربة على قمع وتفريق المظاهرات، لمواجهة سيناريو خروج آلاف الفلسطينيين في مظاهرات ومسيرات نحو الحواجز العسكرية للجيش ونحو المستوطنات. وقد أراد غانتس بذلك فحص مدى جاهزية قواته ونجاحها في صد هذه المسيرات.

وكانت قيادة الجيش والمخابرات قد أعلنت عن إجراء دراسة تقييم شاملة للأوضاع في الضفة الغربية وخرجت باستنتاجات واضحة مفادها أن الفلسطينيين لا ينوون إعلان انتفاضة ثالثة وأن المسيرات التي دعوا إليها في سبتمبر القادم مع طرح مشروع الاعتراف بفلسطين دولة على حدود 1967 عاصمتها القدس وقبولها عضوا في الأمم المتحدة، ستكون مسيرات سلمية وستحاول الامتناع عن الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي. وقال الناطق بلسان الجيش، العميد يوآف مردخاي، خلال لقاء مع مندوبي الصحافة العربية، في الأسبوع الماضي، إن هذه التقديرات تؤكد أن سبتمبر سيمر بهدوء ولن تكون هناك حاجة لاستدعاء قوات الاحتياط. وأضاف أن «كل أصدقاء الفلسطينيين في العالم نصحوهم بالامتناع عن طرح مشروعهم على الأمم المتحدة وأنهم إذا أصروا على طرحه، فعلى الأقل عليهم ألا يرفقوه بنشاطات عنيفة على الأرض لأن هذه في غير صالحهم».

ومع ذلك، فإن غانتس أقدم على خطوته في هذا التدريب المفاجئ معلنا أنه يريد ضمان أن يكون الجيش مستعدا لأي طارئ. وقد ربط مراقبون بين هذا التدريب الاستعراضي وسعي الجيش إلى إقناع الحكومة بألا تقلص ميزانية الجيش وألا تحاول أرضاء حملة الاحتجاج في إسرائيل بميزانيات على حساب الميزانية العسكرية.

وكانت مجلة الشرطة الإسرائيلية قد نشرت تقريرا لها في العدد الصادر أمس قالت فيه إنها انتهت من الاستعدادات لمواجهة خطر انفجار مظاهرات فلسطينية في الضفة الغربية وكذلك في إسرائيل (فلسطينيو 48). وكتب رئيس قسم العمليات في الشرطة، اللواء نيسيم مور، فإن قيادة الشرطة أطلقت على خطة هذه الاستعدادات اسم «بذور الصيف» وأقامت لها قيادة خاصة تعمل بالتنسيق مع الجيش والمخابرات. وقال مور إن قيادة الشرطة أضافت 2000 شرطي للقوات العاملة في هذه المناطق، وأن كل القوات المقرر مشاركتها تدربت على مجابهة التحديات وفق عدة سيناريوهات، بينها اندلاع مظاهرات عنيفة جدا أو عنيفة جزئيا أو سلمية. وأكد أن مخازن الشرطة جاهزة لتزويد القوات بما يلازم من عتاد وأجهزة لتفريق المظاهرات وأجهزة رصد ومراقبة متطورة. وأنها أحضرت من بلجيكا 15 حصانا مدربة على العمل في قلب المظاهرات. من جهة ثانية، هددت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة بفرض المقاطعة على السلطة الفلسطينية إن هي أصرت على الذهاب إلى الأمم المتحدة. وعارض هذا التوجه وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراكو محذرا من أن فرض مقاطعة على السلطة سيؤدي إلى انهيارها.

أما السلطة الفلسطينية فقد اعتبرت هذا التهديد تعبيرا عن المنطق الإسرائيلي الذي يتبع القوة وسياسة التسلط في محاولة لمنع إقامة الدولة الفلسطينية. وقال نمر حماد أحد مستشاري أبو مازن «هذه التصريحات تضاف إلى سجل التهديدات الكثيرة، لكن زمن التهرب من العقاب انتهى وسينطبق على إسرائيل». وتساءل حماد ماذا تقترح إسرائيل بدلا عن توجهنا للأمم المتحدة؟. وأضاف: «إسرائيل والكونغرس الأميركي يلوحان بمقاطعتنا، وهذا يدل على أن الديمقراطية الأميركية هي ديمقراطية مريضة تخضع لأهواء لوبي معين».

وتحدث حماد عن ثلاثة وفود من الكونغرس ستزور رام الله خلال الأسبوعين القادمين للقاء الرئيس عباس «والاستماع إلى وجهة نظرنا حول التوجه للأمم المتحدة.. لكن لم تقدم لنا أي صيغة حتى اللحظة تكون مقنعة للعودة إلى المفاوضات، كما أن الذهاب إلى الأمم المتحدة ليس الهدف، بل إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 هو هدفنا الرئيسي».