القضاء التونسي يبرئ الجنرال السرياطي في قضية «المطار» ويحكم بست سنوات ضد ليلى الطرابلسي

خطايا مالية تفوق 140 مليون دولار أميركي.. وردود فعل تشجب الأحكام القضائية الصادرة

الجنرال علي السرياطي
TT

برأت المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية في جلستها أمس، ساحة الجنرال علي السرياطي، المدير العام الأمن الرئاسي في نظام بن علي، من تهمة «تدليس وتزوير جوازات السفر الموجهة له من قبل القضاء التونسي» فيما بات يعرف بـ«قضية المطار»، وذلك خلال محاولة فرار 32 فردا من أفراد عائلتي زين العابدين بن علي وليلى الطرابلسي غداة الإطاحة بنظام بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأمر بن علي الموجه للسرياطي بتجهيز جوازات سفر لعائلته وعائلة أصهاره.

كما برأ القضاء التونسي كلا من فخر الدين الإخوة وعصام الدين الواعر ولمياء الطرابلسي وليلى الدرويش وعبد السلام الشروندي. في حين أصدرت المحكمة أحكاما بالسجن في حق بقية المتهمين تراوحت ما بين أربعة أشهر وست سنوات سجنا. ونالت ليلى الطرابلسي، زوجة الرئيس التونسي المخلوع، أكبر عقوبة، إذ حكم عليها بست سنوات إلى جانب معز الطرابلسي في حين حكم على صخر الماطري، صهر بن علي، بأربع سنوات سجنا.

كما قضت السلطات القضائية بتخطئة المجموعة المتهمة بنحو 200 مليون دينار تونسي (نحو 143 مليون دولار أميركي) وذلك بتهمة تهريب عملة أجنبية وذهب ومجوهرات إلى جانب تهمة محاولة عبور الحدود بشكل غير شرعي.

ولم يفاجئ الحكم الصادر ضد علي السرياطي الخبراء في القانون والمتابعين للشأن السياسي، وفسر الكثير منهم هذا الحكم بكونه تأكيدا لتحقيق العدالة والحيلولة دون التشكيك في نزاهة الأحكام المستقبلية المتعلقة بقضايا على درجة أكبر من الأهمية.

وكانت ردود الفعل قد شجبت تلك الأحكام، وخاصة منها حكم عدم سماع الدعوى الصادر لصالح السرياطي، وتعالت أصوات التونسيين الذين حضروا جلسة إصدار الحكم بقصر العدالة، وقد عبر الكثير منهم عن سخطهم تجاه الأحكام الصادرة قائلين إنها لا تستجيب لتطلعات الشعب في معاقبة عائلتي المخلوع وزوجته، بالإضافة إلى علي السرياطي المتهم بقضايا وقتل تصفية المحتجين قبل أيام قلائل من فرار بن علي. ولم تسجل شوارع العاصمة التونسية احتجاجات تجاه تلك الأحكام، كما أن الأحزاب السياسية لم تصدر بيانات حول الموضوع إلى حدود مساء الجمعة، أي بعد ساعات من صدور الأحكام القضائية. وقال عدد من المحامين الحاضرين في الجلسة إن الأحكام القضائية «تعتبر عادلة، بل إنها بالعكس من ذلك لم تراع ظروف المتهمين في كثير الحالات».

وكانت تلك الأحكام قد صدرت وسط شكوك حول نزاهة واستقلالية القضاء التونسي وفي ظل ردود فعل سلبية، حيث وجه الشارع التونسي انتقادات لاذعة للقضاء التونسي. كما سجلت خيبة عميقة في صفوف التونسيين، في ظل قرارات الإفراج المتتالية عن عدد من المسؤولين السابقين ووزراء في عهد بن علي، كانوا قد تورطوا في قضايا فساد مالي وسياسي، وتسهيل عملية فرار السيدة العقربي، المسؤولة السابقة في عهد بن علي والمتورطة في قضايا فساد مالي واستغلال.

وكان الجنرال علي السرياطي، المدير العام للأمن الرئاسي في عهد بن علي، قد استبق قرار تبرئته الصادر أمس، بطلب العفو من التونسيين أثناء جلسة محاكمته مساء الأربعاء، حين قال بالحرف الواحد «أطلب من الشعب التونسي المعذرة.. أطلب منهم العفو.. أنا تونسي وأحب تونس وأحب علمها».

ويرى ملاحظون أن قضية المطار ليست كثيرة الأهمية بالمقارنة مع قضايا سياسية أخرى أكثر خطورة على غرار تهمتي التآمر على أمن الدولة وقتل متظاهرين عن طريق القناصة إبان الثورة، وهي تهم لم تبت فيها المحاكم التونسية بعد، وقد وجهتها إلى القضاء العسكري. وربما تجد «قضية المطار» أهميتها بالأساس من هويات المتهمين فيها وهم أقارب الرئيس المخلوع إلى جانب المدير العام للأمن الرئاسي.