«مدونة» للسفير البريطاني في الخرطوم تثير أزمة مع حكومة البشير

نيكولاس: السودان سيجد صعوبة في تعيين مدير تسويق خارجي له لارتباطه بالقمع السياسي

TT

فجر السفير البريطاني في الخرطوم أزمة مع الحكومة بعد أن لمح في مدونة كتبها على الإنترنت إلى صعوبة أن يجد السودان مدير تسويق خارجي له لارتباطه بالحرب والقمع السياسي، وربط إلغاء الديون الخارجية بتقليص الصرف البذخي على جهاز الأمن الوطني والمخابرات باعتباره أعلى من الصرف على التعليم.

وعبرت الخرطوم عن غضبها من مقال السفير واعتبرته تدخلا بريطانيا في شؤون السودان الداخلية. وقال السفير البريطاني في الخرطوم نيكولاس كاي في مقال نشره في مدونته الخاصة على الإنترنت «إذا كان على السودان تعيين مدير تسويق له، فإنني أتساءل كم عدد الذين سيتقدمون لشغل هذه الوظيفة؟ مهمة صعبة في مكان صعب. السودانيون مشهورون بكرم الضيافة، حسن المعشر والثقافة العالية. لكن من جهة أخرى صار اسم السودان مرادفا للحرب، والفظائع، والفقر والقمع السياسي. هذا الانفصال بين الطبيعة الأساسية لشعب السودان وسمعته كدولة يشكل تحديا تسويقيا».

وطرح الدبلوماسي البريطاني عدة تساؤلات قائلا «هل تسبب التأخير بإجلاء الجرحى من قوات حفظ السلام الإثيوبية في موتهم؟ وإذا كان هذه صحيحا، فما دور حكومة السودان في ذلك؟ كيف يمكنك أن تحلل ردة الفعل العنيفة تجاه تجديد التفويض الخاص بالبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (UNAMID) والعقبات المتزايدة التي تضعها الخرطوم في طريق بعثات الأمم المتحدة هنا؟ وماذا ينبغي أن نفعل إزاء الرفض المستمر للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى جنوب كردفان، وقبل كل شيء، إجراء تحقيق مستقل في الادعاءات المتعلقة بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان هناك؟».

وانتقد السفير البريطاني الخرطوم بتخصيص ميزانية للمخابرات أعلى من ميزانية التعليم، وقال «هذا خيار داخلي»، لكنه أشار إلى أن للآخرين كذلك «خيارتهم»، منوها إلى قضية الديون الخارجية على السودان التي تقدر بنحو 38 مليار دولار أميركي. وردت الخارجية السودانية بعنف داعية الحكومة البريطانية إلى عدم التدخل في شؤونها الداخلية، لافتة نظرها إلى أن الخرطوم تدرك مهامها وواجباتها وعلى لندن إذا كان لديها الرغبة في مساعدة السودان لحل قضاياه فلتساعد أو أن تمسك مساعداتها ولسانها. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية العبيد مروح في تعليقه على انتقاد السفير البريطاني في الخرطوم نيكولاس كاي «إن الحكومة السودانية مدركة لمهامها وواجباتها وتعرف كم تصرف وعلى ماذا».

إلى ذلك، قالت الحكومة السودانية إنها أحبطت محاولات من تحالف ثلاث حركات مسلحة بإقليم دارفور المضطرب، للهجوم على مواقع استراتيجية وتدمير منشآت نفطية، ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية التابع للحكومة السودانية أن تحالفا من حركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، وحركة عبد الواحد نور، والعدل والمساواة التي يتزعمها خليل إبراهيم تخطط لتخريب منشآت النفط بجبل عوينات، وأكد سيطرة القوات الحكومية على الأوضاع بعد أن طردت المتمردين من المناطق المعنية قبل البدء في تنفيذ هجماتهم المسلحة.

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة في الخرطوم عن أن الحكومة السودانية ستصدر قرارا بإغلاق مكاتب الحركة الشعبية في كل السودان الشمالي، وقالت إن البرلمان يبحث في إصدار يحظر نشاط الحركة السياسي وطرد نوابها البرلمانيين، وترتكز حيثيات القرار على أن الحركة أعلنت الحرب على الدولة، وذلك بتبني جيشها الشعبي حربا في ولاية جنوب كردفان منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، وتهديداتها بنقل الحرب إلى ولاية النيل الأزرق، ويوجه مسؤولون كبار انتقاداتهم للحركة الشعبية ويتهمونها بالعمالة لدولة السودان الجنوبي.

يذكر أن نحو 40 ألفا من الشماليين كانوا يحاربون إلى جانب الجيش الشعبي الجنوبي لأكثر من عشرين عاما، فيما انضم مئات الآلاف إلى الحركة بعد أن عقدت اتفاق سلام مع الخرطوم، إلا أن الاتفاق أفضى إلى استقلال الجنوب وإنشاء دولته الجديدة، وهو ما قاد زعماء الحركة بالشمال إلى إعلان فك الارتباط مع الجنوب واستمرار نشاطهم السياسي كحزب قائم بذاته، من جانب آخر.