الآلاف يشاركون في احتفالية «حب مصر» بميدان التحرير

المشير طنطاوي في ميدان التحرير لأول مرة منذ تنحي مبارك

جنود مكافحة الشغب يتأهبون لأخذ مواقعهم في ميدان التحرير أمس (رويترز)
TT

للمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير، قام المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في مصر بزيارة مفاجئة إلى «ميدان التحرير»، رمز الثورة المصرية، للاطمئنان على الأوضاع الأمنية بالميدان، ولم تستغرق الزيارة سوى 8 دقائق.

ويأتي هذا في حين تجمع آلاف المنتمين للطرق الصوفية في ميدان التحرير مساء أمس منذ آذان المغرب للمشاركة في احتفالية «حب مصر» التي دعا إليها ثلاث طرق صوفية و31 حركة وحزبا سياسيا، وتضمنت إفطارا جماعيا وفقرات دينية امتدت حتى السحور وآذان الفجر للمطالبة بالدولة المدنية.

وظهر ميدان التحرير، أمس، بمشهد مختلف منذ قيام ثورة «25 يناير» التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، حيث انتشرت قوات الشرطة والأمن المركزي في محيط الميدان بشكل مكثف، ذكر بالأيام التي سبقت الثورة عندما كانت القوى السياسية تنظم مظاهرة فيحيطها الأمن من كل اتجاه.

وعقب أداء المشير طنطاوي صلاة الجمعة في مسجد «آل رشدان» بحي مدنية نصر (شرق القاهرة)، برفقة الفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية، وأعضاء المجلس العسكري، احتفالا بذكرى العاشر من رمضان، توجه طنطاوي إلى ميدان التحرير، وظل داخل سيارته، قبل أن ينزل لدقائق، وهتف المتظاهرون فور نزوله يطالبونه بالقصاص من قتلة الثوار، فبادر بالحديث إلى بعضهم، إلا أن الهتافات دفعته للعودة إلى السيارة، لتنتهي الزيارة التي لم تتعدَّ الـ8 دقائق.

وقال مصدر عسكري إن «زيارة المشير تأتي للمساهمة في رفع الروح المعنوية لقوات الأمن المكونة من الجيش والشرطة الموجود بالميدان، وللإعراب عن ثقته في القيام بمهامهم في حماية المواطنين».

يُذكر أن المشير طنطاوي قام بزيارة إلى منطقة «ماسبيرو» بالقرب من ميدان التحرير في بدايات أحداث الثورة قبل تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي، وقام بتحية الجنود المرابطين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون. وتركزت خطبة مفتي مصر الدكتور علي جمعة أمس على احتفال المصريين بيوم الـ10 من رمضان. وقال جمعة: «الحمد الله الذي مكننا في الأرض ومكننا من صد العدوان في هذا اليوم الذي نحتفل به كل عام لنذكر أنفسنا بأن النصر يتأتى من الإخلاص والصواب»، مضيفا: «لقد أخلص الجيش النية لله وقدم الشهداء أنفسهم في سبيل الله من أجل أن تتحرر الأرض». وشهد محيط ميدان التحرير انتشارا كبيرا لقوات الأمن المركزي والشرطة العسكرية، وتوافد الآلاف لتناول الإفطار بالميدان في الدعوة التي وجهتها ثلاث طرق صوفية هي: (العزمية، الشبراوية، الهاشمية)، وقوى سياسية أخرى، ردا على مليونية 29 يوليو (تموز) الماضي التي حشد لها الإسلاميون.

وفي خطبة الجمعة بمسجد عمر مكرم، طالب الشيخ مظهر شاهين بعض الدعاة بالاعتذار للشعب المصري والشهداء والثوار، وخاصة من الذين حرموا الثورة والخروج على الحاكم. وأضاف شاهين، الذي أم المصلين لأول مرة منذ 40 أسبوعا داخل مسجد عمر مكرم، وليس من قلب الميدان، أن ثورة «25 يناير» شرعية ومن مات بها شهيد، واصفا الفتاوى التي تحرم محاكمة مبارك وكانت تحرم من قبل الخروج عليه، بـ«غير الشرعية» وليس لها سند من القرآن والسنة.

وطالب شاهين عدم مغازلة المجلس العسكري (الذي يتولي إدارة شؤون البلاد عقب سقوط النظام)، مضيفا: «أقول لمن يغازل النظام السابق: من كان يعبد مبارك فإن مبارك قد خلع، ومن كان يعبد الله فإن الله باق لا يموت».

وتضمنت فاعلية الاحتفالية في ميدان التحرير، التي استمرت حتى آذان الفجر، ابتهالات دينية ومديحا وترانيم قبطية، وقام المتظاهرون الصوفيون الذين وصلوا بمسيرتين إلى الميدان قبل أذان المغرب، بتوزيع بيان أكدوا فيه أن الشعب المصري سيبقي يدا واحدة، مطالبين ببناء مصر الحرة ذات الكرامة وبتكاتف جميع أطياف الشعب.

من جهته، قال الشيخ أحمد فاروق، عضو حزب التحرير المصري الصوفي (تحت التأسيس) إن الاحتفالية، أمس، بدأت عقب صلاة العصر من خلال وصول مسيرتين؛ إحداهما من أمام مسجد الفتح بميدان رمسيس وهم يتغنون بمدح الرسول والصحابة ويرتلون بعض آيات القرآن الكريم، حاملين لافتات مكتوب عليها سلمية، والأخرى من مقر الطريقة العزمية بحي السيدة زينب إلى الميدان حاملين ما يقرب من 10 آلاف وجبة إفطار.

وقال فاروق لـ«الشرق الأوسط» إن مطالبنا تنحصر في المطالبة بالدولة المدنية والقصاص العادل من قتلة الثوار وتطهير أجهزة الدولة من رموز النظام السابق، كاشفا عن أنه لم يتعرض أحد من قوات الجيش أو الشرطة للمتظاهرين بسوء ولم يجبروا أحدا على مغادرة الميدان، لافتا إلى أن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء طالب المتظاهرين بعدم الاعتصام بالميدان.

ووصف محمد عادل، المتحدث الإعلامي لحركة شباب 6 أبريل، احتفالية أمس بأنها ليست مليونية، وليست موجهة ضد أحد، بل كانت أمسية إفطار وسحور وفقرات فنية.

وقبل ساعات من احتفالية «حب مصر» أعلنت الجمعية الوطنية للتغيير رفضها المشاركة فيها، وقالت إن تعليقها للفاعلية إلى ما بعد شهر رمضان يأتي لإفساح المجال أمام المسؤولين للسيطرة على الوضع وإعادة الأمن إلى الشارع.

وشددت الجمعية في بيان لها، أمس، على تمسكها بمدنية الدولة وعدم جواز قيام أحزاب على أساس ديني، مطالبة بضرورة احترام الحريات الأساسية، وخاصة حرية التظاهر والاعتصام السلميين.

إلى ذلك، قررت الجماعة الإسلامية وأسرة الدكتور عمر عبد الرحمن، المسجون في السجون الأميركية منذ 18 عاما، تعليق اعتصامهم الذي بدأوه صباح الجمعة أمام السفارة الأميركية بالقاهرة، لمدة أسبوع آخر، لإعطاء المجلس العسكري والحكومة فرصة لتنفيذ مطالبهم بالإفراج عن الشيخ وعودته إلى مصر.