على إثر أحداث الشغب الصحافة تنقل: القضاء والشرطة تحت ضغط السياسيين في بريطانيا

«لوموند»: الأحداث الأخيرة غيرت صورة «البلد الآمن» في نظر سياح لندن

TT

«قليلون جدا، بطيئون جدا، خجولون جدا».. هكذا هاجم حزب المحافظين الشرطة إثر أحداث الشغب، وهكذا عنونت «الغارديان» البريطانية مقالها الافتتاحي الذي تحدثت فيه عن الصدام الذي وقع بين كاميرون والشرطة على أثر اجتماعه في مجلس العموم ومناقشة «عدم كفاية» الخطط التي عملت بها الشرطة خلال فترة الشغب. وقال كاميرون إن الشرطة تعاملت مع المسألة على أنها إخلال بالنظام العام لكنها في الحقيقة كانت أعمالا إجرامية. وزيرة الداخلية أيضا فسرت تصرف الشرطة قائلة «إنهم تصرفوا بعقلانية وهي الطريقة البريطانية»، وقالت إنه لو أن الشرطة تصرفت بحزم في مواجهة الأعمال الإجرامية منذ بدايتها لما تطور الأمر، وأعادت الوزيرة الخطأ الرئيسي لعدم كفاية عدد العناصر التي نزلت للشوارع. أما الشرطة وحسب الصحيفة فقد أبدت غضبها من موقف الوزراء وعبر أحد كبار المسؤولين فيها قائلا «ديفيد كاميرون يريد أن يكون للشرطة كرة كريستالية تنظر من خلالها إلى التوقعات الأسوأ»، كما اتهم رئيس الوزراء قائلا «كاميرون يتخلى عن الشرطة عندما يكون الأمر مناسبا له، ليحول اللوم عن نفسه». وكما بقية الصحف الأخرى استعرضت الصحيفة صور متورطين في أحداث الشغب وقصصهم.

تصدر عنوان «العودة للشوارع» صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية التي انتقدت تسريح صغار السن من المشاركين في أعمال الشغب بدون محاسبة ولا عقاب بل على العكس فقد منحتهم المحاكم حتى حق عدم إظهار هويتهم في وسائل الإعلام وهو قانون بريطاني معمول به لمن هم تحت السادسة عشرة من العمر. وقالت الصحيفة إن هذا الإجراء تم رغم وعود رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بأنه ستتم محاسبة الجميع ولن تكون هناك استثناءات بسبب السن لكن المحكمة لم تعمل بهذا وغضت النظر عن بعض الحالات مراعاة لسن المشاركين. وفي مقال آخر قدمت الصحيفة مثالا لطفل عمره 12 عاما صور بوضوح في كاميرات المراقبة وهو يشارك في السطو على أحد الأماكن وفي يده قنينة نبيذ لكنه بعد يومين تم تحريره بدون اتخاذ أي إجراء يذكر بشأنه.

كما عرضت الصحيفة مجموعة من الحالات التي تم القبض عليها وأخرى تم الحكم فيها والمتعلقة بأعمال الشغب.

وفي مقال داخلي تحدثت الصحيفة عن موقف كاميرون من وسائل التواصل الاجتماعي وقراره بمنح الشرطة سلطة أكبر في هذا المجال قد تصل إلى وضع قوانين رقابية على «تويتر» ومواقع أخرى.

وحسب شرطة لندن فإن ما يقارب نصف الذين ثبت تورطهم في المشاركة في أعمال الشغب وعددهم 240 نصفهم ممن تقل أعمارهم عن 18 سنة. أما «الإندبندنت» فقد اختارت «قانون كاميرون» لتعنون به مقالها الافتتاحي في الصفحة الأولى، وشرحت ما يعكسه هذا العنوان مستعرضة قرارات كاميرون التي تتمثل في قدرة الشرطة على إغلاق مواقع اجتماعية، وأن محدثي الشغب يمكن أن يخسروا بيوتهم والإعانات الاجتماعية التي تقدمها الدولة لهم. وبينت الصحيفة في عددها الصادر أمس أن رئيس الوزراء وقوى الأمن تدرس بجدية إمكانية غلق مواقع التواصل الاجتماعي وتعطيل التراسل عبر الجوال في حالات اختلال النظام العام في مناسبات قادمة مع الأخذ بعين الاعتبار الجانب الأخلاقي والتقني.

وتحدثت الصحيفة عن أن هذا القرار سيثير مسألتين مهمتين وهما حرية التعبير والجانب التجاري بالنسبة إلى الشركات التي تعمل في مجال الشبكة العنكبوتية. وفي الوقت نفسه لم تبد الشرطة حماسا كبيرا للقرار متخوفة من أن يحدث فقط ما سمته بـ«تأثير هامشي»، وبين أحدهم أنه قد وضح أن المشكلة الحقيقية في هذه الأحداث كانت عدد عناصر الشرطة وليس أي سبب آخر. لكن وحسب الصحيفة فقد بين رئيس جمعية ضباط الشرطة السير هاج أوردي أنه من الخطأ اتخاذ حجة «حقوق الإنسان» لتقف في طريق عمل رجال الشرطة. كما عرضت الصحيفة مجموعة الحالات المنفردة والمحاكمات الجماعية عارضة صورا للمتهمين وأعمارهم متحدثة عن مشاركة كل واحد منهم في أعمال الشغب.

كما خصصت الصحيفة مقالا داخليا تحدثت فيه عن توجه المحاكم التي تنظر في أعمال الشغب نحو التشدد خاصة بعد ما واجهته من انتقادات وضغط من رجال الشرطة ونواب في البرلمان حول تسهلها في الأحكام التي أصدرتها. حيث عمدت المحكمة إلى الاحتفاظ بكل المتهمين في السجن إلى حين ظهورهم الثاني في المحكمة وإصدار الأحكام في حقهم على عكس ما وقع في اليوم الأول عندما عمدت المحكمة إلى تسريح الأغلبية بكفالة وبقائهم تحت الرقابة إلى أن يحين موعد محاكماتهم. وكان ديفيد كاميرون قد قال في كلمة في هذا السياق وجهها للبرلمان إن كل من يثبت تورطه في أعمال العنف لا يجب أن يتم تسريحه بكفالة وعودته للشوارع، وأضاف أن البرلمان سيتحرك إذا احتاجت المحاكم إلى سلطات جديدة.

كما بين مسؤول من الشرطة للصحيفة أنهم مصابون بخيبة أمل من الأحكام التي صدرت تجاه المشاركين في أعمال الشغب وأنهم سيثيرون هذه المسألة مع الحكومة في وقت لاحق.

صحيفة «لوموند» الفرنسية تناولت مسألة المحاكم البريطانية التي، كما جاء في الإعلام البريطاني، تحولت إلى أكثر شدة وصرامة تجاه مثيري الشغب، وتحدثت الصحيفة أيضا عن السلطات الإضافية التي منحها ديفيد كاميرون للشرطة، منها حق إزالة الأقنعة أو الفولار أو أي شيء مستعمل لإخفاء الوجه في حالات شغب عام. كما خصصت الصحيفة مقالا كاملا عن الشاب الماليزي الذي تحول إلى «نجم» وهو الذي تعرض لاعتداء من طرف مجموعة من الشباب أثناء أحداث الشغب وطعنه أحدهم بسكين في رقبته، وقد أقام السفير الماليزي لدى بريطانيا ندوة صحافية حول الموضوع. كما بينت «لوموند» أن تعليق رئيس الوزراء حول الشاب الماليزي أشرف عكس التوتر الكبير للمسؤولين البريطانيين أمام الشريط الذي صور للحادثة وشاهده العالم، وربطت الصحيفة هذا بأولمبياد 2012، وذكرت أن عدد السياح الأجانب الذين يدخلون لندن يوميا يبلغ 330 ألف سائح لأنهم يرون فيها صورة البلد الآمن الذي يبحثون عنه في مثل هذا الزمن الصعب مع كل ما يحدث في العالم وأوروبا، لكن هذه الأحداث غيرت الصورة.