مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»: 20 قتيلا في القصير بينهم طفلان وعشرات المعتقلين

اضطراب في القرى الشمالية بفعل الحملة الأمنية.. ويُخشى من حملة نزوح جديدة إلى لبنان

جانب من مظاهرة في ادلب بعد صلاة الجمعة (أوغاريت)
TT

أكدت مصادر ميدانية في شمال لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن عدد قتلى بلدة القصير السورية، المحاذية للحدود مع لبنان، اقترب من العشرين، بينهم طفل في الثانية عشرة من العمر، ورضيعة لم تبلغ الأربعة أشهر، لافتة إلى أن أبناء القصير شيعوا أمس، بعضا من تقلاهم، وسط اضطراب عاشته البلدة بفعل الإجراءات الأمنية السورية المشددة.

وقالت المصادر عينها، إن «القتلى سقطوا خلال حملة مداهمات واعتقالات واسعة بدأت فجر الخميس في البلدة، وتواصلت حتى مساء يوم الجمعة»، مشددة على أن الحملة «لم تنته بعد، وجاءت ردا على مظاهرات مناهضة للنظام خرجت خلال الأيام الماضية في المنطقة، مطالبة بالحرية وسقوط النظام». وكشف شهود عيان سوريين من المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية عن أن «الشبيحة أطلقوا النار في الهواء أثناء تشييع الشهداء، بغية ترهيب المشيعين وتفريقهم»، مؤكدين أن «الأوضاع في البلدات السورية متوترة جدا، ويخشى من حملة نزوح جديدة إلى لبنان هربا من القمع».

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن 15 شخصا قضوا في الدقيقة نفسها حين هاجمت القوات السورية حافلة كانت تقلهم على جسر القنطرة على تخوم البلدة، لافتة إلى أن الآخرين «قضوا أثناء حملة الاعتقالات والمداهمات التي بدأت فجر الخميس في البلدة». وأشارت المصادر إلى أن «الجيش اتخذ إجراءات عسكرية صارمة، حيث قطعت خطوط الهاتف والكهرباء والإنترنت والمياه، بالتزامن مع دخول ما يزيد على خمسين آلية عسكرية ومدرعة حشدها الجيش لتلك الغاية».

وكشفت المصادر عن بعض من أسماء القتلى الذين عرف منهم محمد جمول، حسن الواو، حمزة الشحود، قدور تماس، محمود عدنان الكنج، محمد الكنج، محمد مطر، غازي حرفوش، بالإضافة إلى طفلة رضيعة هي ابنة عادل حرفوش، وتبلغ من العمر أربعة أشهر، والطفل عمر حرفوش البالغ من العمر 12 عاما، وقضى تحت مجنزرات دبابة داست عليه.

والى جانب القتلى، أسفرت الحملة عن اعتقالات واسعة في صفوف أبناء البلدة، عرفت من بين المعتقلين فتاة في الثالثة والعشرين من العمر من آل حفيان، اعتقلت مع طفلها من منزل ذويها، بغية الضغط على أشقائها لتسليم أنفسهم. وأكدت المصادر أن اعتقال المرأة «جاء بعد أن فشلت القوى الأمنية في العثور على أشقائها المطلوبين في المنزل». كما عرف من بين المعتقلين عضو اتحاد الكتاب العرب عبد الرحمن عمار، البالغ من العمر 70 عاما، بعد مداهمة منزله، ود. حسن جمول، بالإضافة إلى عروة الكنج، حسن أديس، محمد عامر، الصيدلي إحسان السحر، المهندس عبد الوهاب إدريس وحسن أخرس وشقيقه.

في هذا الوقت، أشارت مصادر سورية متابعة لـ«الشرق الأوسط» أن أمس «شهد انشقاقات داخل الجيش السوري في بلدة القصير، مما أدى إلى تبادل إطلاق النار بين العسكريين أنفسهم، وتدخلت عناصر من الشبيحة التي أطلقت النار على الجنود المنشقين إلى جانب جنود النظام».

إلى ذلك، أكدت مصادر من شمال لبنان لـ«الشرق الأوسط» أن مظاهرات حاشدة من كل قرى وادي خالد، خرجت بعد صلاة الجمعة، تضامنا مع الشعب السوري، ونددت بقتل الأبرياء وبالحملات الأمنية والعسكرية على المدنيين والقرى والبلدات الآمنة. ودعت مظاهرات وادي خالد الدول العربية والمجتمع الدولي إلى التحرك إزاء ما يحصل في سوريا، والتدخل لحماية الشعب من القمع والقتل والذبح.

وفي إقليم الخروب (جبل لبنان)، نفذ عدد من شبان بلدة كترمايا، بعد صلاة الجمعة في ساحة البلدة، اعتصاما سلميا، تضامنا مع الشعب السوري. ورفع المعتصمون الأعلام اللبنانية والسورية واللافتات التي استنكرت ما يجري بحق الشعب السوري. كما خرجت مظاهرتان من بلدة جب جنين وأخرى في كامد اللوز في البقاع بعد صلاة الجمعة، للتنديد بجرائم النظام السوري، مرددين هتافات مؤيدة للشعب السوري.

وفي المساء، انطلقت مظاهرة حاشدة في طرابلس بعد صلاة التراويح من مسجد حمزة في منطقة القبة، شارك فيها آلاف المصلين من كل مساجد المنطقة والتقوا في ساحة ابن سينا. وألقى أئمة المساجد خلال الاعتصام كلمات نددت بما سمته «الإجرام والقتل الجماعي الذي يرتكب في سوريا، من غير أن يحرك أحد في العالم ساكنا». وناشد المتظاهرون الدول العربية «التدخل لحماية شعب سوريا الذي يقتل يوميا».

سياسيا، جدد الأمين القطري لحزب البعث في لبنان فايز شكر انتقاده للأصوات المتضامنة مع الشعب السوري، ورأى أن «ما يحصل في لبنان هو تجاوز كامل لمقتضيات الوفاق الوطني ووثيقة الطائف ومعاهدة الأخوة والتنسيق التي كانت برعاية الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، معتبرا أنه «ليس في جعبة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري سوى التجييش»، منتقدا ما سماه «حقد أمانة 14 آذار الدفين»، وهي تتهم حزب الله بتسريبات بإرسال مقاتلين إلى سوريا. وشدد شكر على أن «ما نشاهده في طرابلس وفي محيط السفارة السورية، مخطط له من الخارج، وكل من يسهم في هذه الأفعال التخريبية التحريضية لم ولن ينجو من فعلته، وليس بمقدوره تحقيق شيء»، داعيا «إلى أن يعودوا إلى جادة الصواب».

وكان المجلس الأعلى للدفاع الذي عقد في القصر الجمهوري أمس، بحث الوضع الأمني في البلاد بوجه عام، وفي «تشديد الإجراءات لتعزيز السلم الأهلي ومنع أي إخلال أو عبث فيه، والتشديد على منع نقل وتهريب السلاح». كما بحث المجلس «الإجراءات التي تقوم بها الوزارات والإدارات المعنية لمساعدة المواطنين السوريين الذين قدموا إلى لبنان من جراء الأوضاع القائمة في سوريا».