القيادي في الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا: القذافي يرمي جثث قتلى المواجهات في مناطق استهدفها الناتو

زكريا صهد لـ «الشرق الأوسط»: موقف الجامعة العربية ومجلس التعاون قمة في العطاء.. ولا خونة بين الثوار

القيادي في الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا زكريا صهد («الشرق الأوسط»)
TT

أكد زكريا سالم صهد، القيادي في الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، أن هناك تنسيقا تاما وكاملا مع المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، وأنهم يضعون كل قدراتهم وإمكاناتهم تحت تصرف المجلس. كما بيّن أن الثوار الآن على مشارف طرابلس وأنه لا يوجد أنصار للقذافي لأن القذافي لا يحمل آيديولوجية، وأن القذافي حكم ليبيا بآلة الإجرام والإذلال وسلب الحريات.

وعن عمل الناتو في ليبيا بيّن صهد أن الحلف كان حريصا على عدم استهداف المنشآت المدنية، وأن القذافي كان يقوم بجلب جثث القتلى الذين قضوا في المواجهات ضده، ويرميها في المناطق التي تم استهدافها من قبل طائرات الناتو ويتم تصويرها على أنهم أناس مدنيون قضوا في الغارات و«لدينا أدلة على ذلك».

وعن قرار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي الليبي، بحل المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله بيّن الصهد أن هذا القرار أتى في مرحلة حساسة ودقيقة، متمنيا أن لا تؤثر على العمل السياسي للمقاومة. وعن المواقف العربية بيّن أن جميعها جاء بالشكل المطلوب والمُرضي. وعن الدول التي تدعم القذافي بيّن الصهد أنها أفريقية، ومنها تشاد ومالي والنيجر وحكومة الجزائر حسب مصادر الثوار.

وزكريا سالم صهد متحدر من مدينة بنغازي، ومعارض سياسي لحكم العقيد القذافي منذ ثلاثين عاما، وقيادي في الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، التي تأسست عام 1980، وتقلد عدة مناصب ومهام مختلفة، وشارك في الكثير من برامج الجبهة العسكرية والإعلامية وأيضا السياسية. «الشرق الأوسط» أجرت معه حوارا عبر البريد الاكتروني، هذا نصه:

* هل تعملون بشكل مستقل عن المجلس الانتقالي أم تتعاونون معه؟ وكيف يتم التنسيق؟

- المجلس الوطني الانتقالي يمثل كل الشعب الليبي، والجبهة هي إحدى شرائح الشعب الليبي، الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا منذ اليوم الأول لتشكيل المجلس الوطني أصدرت بيانا رسميا تؤيد فيه المجلس، وما يقوم به أعضاء الجبهة منذ اندلاع هذه الانتفاضة المباركة هو مؤازرة الانتفاضة لأننا جزء من هذا الشعب، فالجبهة قدمت شهداء في الماضي إبان محاولة جناحها العسكري الهجوم على معسكر باب العزيزية في ملحمة جريئة، قادها المفوض العسكري للجبهة آنذاك الشهيد البطل أحمد احواس في 8 مايو (أيار) 1984، وقدمت الآن الجبهة شهداء في البريقة ومصراتة وجبهات الجبل الغربي، ونحن في تنسيق تام وكامل مع إخوتنا في المجلس، وقد وضعنا كل قدراتنا وإمكاناتنا تحت تصرفهم.

* ما يصرح به القذافي وممثلوه من وقت لآخر من أنه يسيطر على الأحداث وسينتصر، هل هو استعراض عضلات أم أنه ما زال يتمتع بقوة تسمح له بالصمود؟

- الثوار الآن على مشارف طرابلس من ثلاثة محاور، من مدينة الزاوية شرقا، وبئر الغنم جنوبا، والخمس غربا.. القذافي لا يسيطر الآن إلا على جزء بسيط من العاصمة طرابلس، حيث يسيطر الثوار داخل طرابلس على الكثير من مناطقها المترامية الأطراف.. هذا بالإضافة إلى هروب الكثير من الضباط… أما عن حالة الكتائب التي تحاصر عددا من المدن كمدينة بني وليد (معقل قبائل ورفلة) ومدن ترهونة والخمس وأيضا تتمركز حول مدينة سبها في الجنوب، حال هذه الكتائب لا تسرّ.. نظرا لانقطاع خطوط الإمدادات عنها منذ مدة نتيجة لضربات الناتو وتململ المرتزقة الذين تم جلبهم من عدة دول أفريقية.. أيضا انضمام بعض قادة هذه الكتائب إلى طلائع الثوار.. كل هذه العوامل جعلت الكتائب في موقف ضعيف وضعيف جدا.. ونراهم الآن يتقهقرون إلى العاصمة كما حصل في معركة بئر الغنم والكثير من المعارك التي دارت رحاها لتحرير بلدات وقرى جبل نفوسة.

* هل يوجد في ليبيا فعليا مناصرون للقذافي؟

- لا، لا يوجد أنصار للقذافي لأن القذافي لا يحمل آيديولوجية أو فكرا بعينه حتى يكون له أتباع ومؤيدون أو مريدون.. القذافي حكم ليبيا بآلة الإجرام والإذلال وسلب الحريات.. فكل أتباع القذافي هم أفراد من اللجان الثورية والشعبية دأبوا على سلب الممتلكات العامة والخاصة..

* لقي تدخل حلف الشمال الأطلسي في ليبيا ترحيبا من مختلف الأطراف في البداية، لكن سقوط ضحايا من المدنيين على أثر قصف منه أثار جدلا عن شرعيته. ما موقفكم من تدخل الناتو في ليبيا؟ وهل هو شرعي؟

- تدخل حلف الناتو جاء بناء على قرار مجلس الأمن 1973 وقد اتخذ هذا القرار بأغلبية ساحقة.. أيضا الناتو جاء بعد شهر من قمع القذافي ومرتزقته للمدنيين العزل بالراجمات والدبابات والطائرات وحتى البوارج العسكرية لأكثر من شهر، حيث اندلعت الانتفاضة في 15 فبراير (شباط)، وحلقت أولى طائرات الحلف فوق سماء ليبيا في 19 مارس (آذار).. الناتو كان في بعض الأوقات بطيئا في ضرب الأهداف، خصوصا في حصار مدينه مصراتة.. لأن الحلف كان حريصا على عدم استهداف المنشآت المدنية التي كانت تستخدمها كتائب القذافي وبها المدنيون كدروع بشرية. القذافي يقوم بجلب جثث الشهداء الذين قضوا في المواجهات ضده. نعم، يأتي بهذه الجثث ويرميها في المناطق التي تم استهدافها من قبل طائرات الناتو ويتم تصويرها على أنهم أناس مدنيون قضوا في الغارات.. لدينا أدلة على ذلك.. بل لدينا تسجيلات لاتصالات لا سلكيه للمدعو البغدادي المحمودي رئيس وزراء القذافي يعطي الأوامر للكتائب لأخذ جثث من مشارح المستشفيات ورميها في المناطق التي استهدفها قصف الناتو.

* ما رأيكم في المواقف العربية من الثورة الليبية؟

- المواقف العربية جميعها الرسمية والشعبية جاءت بالشكل المطلوب والمُرضي.. لأن الشعب الليبي ينتمي إلى هذه الأمة العربية والإسلامية، ونحن نشكر وندين بالعرفان لكل الحكومات التي وقفت إلى جانب الليبيين، أيضا كل المنظمات الأهلية، الإغاثية كانت أو غيرها.. أيضا فقد كان موقف جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي قمة في العطاء والتفاعل مع ما حل بشعبنا الليبي.

* الغرب وفي عدة مؤتمرات عقدت في أوروبا يعد لمرحلة ما بعد القذافي. هل ترون أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن هذه المسألة؟

- لا أعتقد أن الوقت مبكر لهذه المؤتمرات.. حيث مسألة سقوط نظام القذافي باتت قاب قوسين أو أدنى.. هذا أولا، أما ثانيا فإن القذافي طيلة فترة حكمه جرّم تكوين الأحزاب وألغى كل مؤسسات المجتمع المدني. وأخطر شيء يهدد ثورتنا المباركة هو حدوث فراغ سياسي كبير وكبير جدا فور سقوط هذا النظام وحدوث فوضي، لذلك شُكلت لجان محلية لكل مناطق ليبيا الآن، بما فيها المدن المنتفضة ولكنها لا تزال تحت سيطرة الكتائب، مدن بني وليد وترهونة والخمس وسبها وإقليم أوباري.

* هل تتلقون كمعارضة دعما ماديا ملموسا من جهات خارجية؟ وفيمَ يتمثل؟

- لم يحدث أننا تلقينا مبالغ مادية من أي دولة كمساعدات، فكما هو معلوم أن ليبيا دولة غنية ولا تحتاج إلى مساعدات. نحن نملك أصولا مالية في شتى أرجاء العالم، وتقدر هذه الأصول بأكثر من ثلاثمائة مليار دولار، كل ما نتحصل عليه الآن هو جزء من هذه الأموال المجمدة. الجهات الأجنبية تنقسم إلى قسمين، حكومات (عربية إسلامية وأجنبية) رسمية ومؤسسات أهلية، في ما يخص الحكومات كما يرى الجميع فإن الدعم السياسي الكبير هو المتمثل في إسقاط شرعية حكم القذافي والاعتراف بالمجلس الوطني، أما في ما يخص الناتو فقد جاء كما ذكرت في إطار شرعية دولية. هذا في ما يخص الحكومات، أما على صعيد المؤسسات الأهلية فقد كان للمجازر التي تعرض أبناء شعبنا الليبي الصدى الكبير في ضمائر الشعوب المحبة للسلام والخير، فهبت مؤسسات خيرية طبية وإغاثية من كل أرجاء العالم من الدول العربية، وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي والإسلامية والأوروبية وحتى في أميركا اللاتينية، ونخص بالذكر هنا جميع هيئات الأمم المتحدة والهلال الأحمر القطري والإماراتي وجمعية «أطباء بلا حدود» وجمعية «الأطباء العرب».

* اللاجئون الليبيون على الحدود التونسية، هل تتابعون أخبارهم؟ ما مصيرهم، خصوصا وأنه يرافقهم أطفال بحاجة إلى صحة وتعليم؟

- بداية أود أن أشكر الحكومة التونسية والشعب التونسي على ما قدموه لنا من حسن رعاية وكرم، حيث قررت الحكومة التونسية متمثلة بالسيد رئيس الوزراء (الباجي) السبسي بفتح الحدود لاستقبال الجرحى والمصابين، وهذا موقف ليس مستغربا على الشعب التونسي العريق البطل. لدينا أكثر من خمس جمعيات أهلية ليبية تنسق مع المجلس، وأعضاؤنا موجودون مع إخوتنا اللاجئين الليبيين في المخيمات الثلاثة التي شيدت في الحدود الليبية التونسية، حيث توفر هذه المؤسسات الإغاثية الأكل والمسكن والأدوية، وهناك أيضا حضور كبير ومهم للهلال الأحمر القطري والإماراتي.. جزى الله الجميع عنا كل خير.

* في لقاء إذاعي سابق ذكرتم بعض التفاصيل عن حادثة مقتل القائد العسكري للمعارضة عبد الفتاح يونس، هل يمكن أن تفيدونا بها؟

- هذا الحادث المفجع يكتنفه الكثير من الغموض، ولكننا كلنا ثقة في قدرة المجلس الوطني الذي سيقوم بكشف الحقائق، ولهذا يجب أن نضع حدا للتكهنات ولا نستبق الأحداث ونعطي بعض الوقت للجنة التحقيق التي شكلت من قبل المجلس للنظر في ملابسات وظروف هذا الحادث الأليم.

* إقالة مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، الهيئة السياسية للثوار في بنغازي، المجلس التنفيذي، الاثنين الماضي بعد ما وصفه الناطق باسم المجلس بأنه قصور من قبل بعض الأعضاء في التعامل مع حادث مقتل القائد العسكري للمعارضة عبد الفتاح يونس. هل ترون أن هذا القرار صائب؟

- على الرغم من حساسية ودقة المرحلة التي تمر بها الثورة الآن في كون أن الثوار على مشارف مدينة طرابلس، يأتي حل المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله، نحن نتمنى أن لا يعيق الأمر أي من الخطط الجارية دراستها ووضعها الآن، ولا يعطل الاتصالات السياسية المكثفة التي تجري مع الكثير من الدول الشقيقة والصديقة في ما يخص مرحلة ما بعد القذافي.

* يروج حاليا أن الخلاف يدب بين ثوار بنغازي قبل اندحار القذافي، ألن يحدث حل المجلس وتكوين هيئة سياسية جديدة عداوات بين الثوار؟ وهل من المحتمل أن يصل إلى صدام عسكري بين الثوار أنفسهم؟

- لم ترد إلى مسامعي قط أن هناك اختلافات بين الثوار، بل على العكس من ذلك، فقد اندمج الكثير من مجموعات الثوار لتشكل (سرايا الثوار)، وهي تقاتل جنبا إلى جنب مع قوات الجيش الوطني الليبي في كل الجبهات، وأيضا بعض مجموعات الثوار تلك انضم إلى قسم وزارة الداخلية في المجلس، لتنضم إلى مجموعات الأمن التي تسهر على أمن وسلامة أهلنا في المناطق المحررة.

* هل هناك أطراف خارجية تساعد القذافي على الصمود أمام الثوار؟ وما مدى صحة المعلومات التي تقول إن بعض الأفارقة يساعدونه وبقوة؟

- نعم، خصوصا في بداية الانتفاضة هناك دول بعينها مثل تشاد ومالي والنيجر، وللأسف حكومة الجزائر حسب مصادر الثوار، أيضا هناك حكومة صربيا التي وفرت طيارين عسكريين لقيادة طائرات نقل عسكرية لنقل المرتزقة الذين تم جلبهم إلى ليبيا من أفريقيا قبل بدء الحظر الجوي، وأيضا قناصة صرب، وذلك أثناء حصار مصراتة.

* ما رأيكم في من يقول بوجود «طابور خامس» داخل المقاومة ومن سموهم بـ«أنصار النظام» الذين تسللوا إلى صفوف الثوار؟

- لا أوافق هذا الرأي، ما يسمى بالطابور الخامس وهم المرتزقة وضعاف النفوس تم التعامل معهم من قبل الثوار بحزم وليس لهم أثر في مناطقنا المحررة، ولن يكون لهم أثر إن شاء الله في المناطق التي سوف تحرر قريبا من قبضة هذا الطاغية وعصاباته.

* هل تعتقدون بوجود خونة في صفوف الثوار؟

- القذافي وأولاده الآن يقاتلون وحدهم مع عصابة قليلة ممن حسموا أمرهم وربطوا مصيرهم بمصير هذا الطاغية، مِن هؤلاء مَن تلطخت أيديهم بدماء الليبيين، وهم يحاولون بين الفينة والأخرى الدفع ببعض المرتزقة لإحداث بعض المشكلات في المناطق المحررة.. ثورة 17 فبراير لا يوجد بينها ولا معها أي خونة، هي ثورة الشباب وثورة كل الليبيين.