«وول ستريت جورنال»: لا توجد أدلة على عمليات تنصت على ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر

الصحيفة المملوكة لروبرت مردوخ استندت إلى مصادر قريبة من ملفات الشرطة البريطانية

TT

في أوج فضيحة التنصت في بريطانيا، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) في 14 يوليو (تموز) أنه بدأ تحقيقات لمعرفة ما إذا كانت وسائل مماثلة طبقت على عائلات ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة الأميركية. وفي الأمس أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» التي يملكها روبرت مردوخ أن الشرطتين البريطانية والأميركية لم تجدا أي أدلة على عمليات تنصت على ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر 2001 يشتبه بأن المجموعة الإعلامية التي يملكها قد تكون قامت بها.

فضيحة التنصت على اتصالات هاتفية في بريطانيا (هاكغيت) هزت مجموعة «نيوز إنترناشيونال» الذراع البريطانية لـ«نيوز كوربوريشن» المدرجة على بورصة نيويورك في مطلع يوليو وأدت إلى إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» إحدى الصحف التي تنشرها المؤسسة ويملكها قطب الإعلام روبرت مردوخ بعد 168 عاما من النشر.

ونقلت «وول ستريت» عن مصادر قريبة من الملف أن الشرطة البريطانية لم تعثر على اسم أي من هؤلاء الضحايا في الوثائق التي جمعتها حتى الآن.

وكان قد مثل روبرت مردوخ أمام لجنة برلمانية بريطانية للإجابة عن تورط صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» وصحف أخرى يمتلكها في بريطانيا مثل «ذي صن» الشعبية وصحيفة «صنداي تايمز» في قضية التنصت، التي امتدت نشاطات محققيها ليس فقط إلى المشاهير والسياسيين وأبناء العائلة المالكة، ولكنها تضمنت عائلات ضحايا الإجرام والتفجيرات الإرهابية في لندن وقيل آنذاك إنها امتدت إلى اعتداءات نيويورك، ووصل عدد الأشخاص الذين استهدفوا من قبل الصحيفة إلى أكثر من 4000 شخص.

وقالت شرطة نيويورك أيضا إن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يجد أي دليل على مخالفات من هذا النوع، حسب الصحيفة نفسها التي تملكها مجموعة «نيوز كوربوريشن» العائدة لمردوخ. إلا أن «وول ستريت جورنال» قالت إن الـ«إف بي آي» تواصل التحقيق ووسعته ليشمل مخالفات أخرى للقانون قد تكون المجموعة ارتكبتها.

لكن مشكلات روبرت مردوخ قد تنتقل من الناحية القانونية إلى المحاكم الأميركية، وبهذا فقد بدأ بعض المراقبين يتحدث بصراحة بأن تطورات القضية قد تقوض نشاطاته التجارية الإعلامية حول العالم.

وقال خبراء في القانون إنه من المحتمل جدا أن يواجه روبرت مردوخ دعاوى قانونية في المحاكم الأميركية بسبب ما حدث في بريطانيا. وقال هؤلاء إن «نيوز كوربوريشن» قد تواجه محاكمات جنائية تحت قانون يعود إلى عام 1977 ويخص ممارسات في دول أجنبية، والذي يسمح بمحاكمات تنفيذيين قدموا رشى لأجانب من أجل الحصول على عقود تجارية. وصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» متهمة بدفع مبالغ مالية لرجال الشرطة البريطانية، وهذا ما قد يفسر حسب القانون الأميركي بأنه خرق لقوانين الرشى في الولايات المتحدة الأميركية. ولهذا فإن وزارة العدل الأميركية هي المسؤولة عن هذا الجانب، ويرجع لها أن تقرر إذا كان ذلك يعتبر جنحة. أما لجنة الأوراق المالية والصرف الأميركية فهي مخولة بتحديد ما إذا كان هناك أي خروقات مالية قامت بها مؤسسة «نيوز كوربوريشن».

وكان تحقيق الشرطة البريطانية الأصلي أدى إلى سجن محرر «نيوز أوف ذي وورلد» للشؤون الملكية آنذاك ومحقق خاص يدعى غلين مالكير، عام 2007، غير أن الكثير مما انكشف مؤخرا استند إلى ملفات مالكير التي تحفظت عليها الشرطة.

وارتفع عدد المعتقلين من قبل جهاز الشرطة البريطاني إلى 12 شخصا لحد الآن وجميعهم ممن عملوا في وظائف كبرى تنفيذية وتحريرية في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد».

كما بدأت الشرطة البريطانية بتوسيع التحقيقات في القضية لتشمل ما يتردد عن عمليات اختراق طالت الكومبيوتر أيضا، في تهديد جديد تواجهه مؤسسة روبرت مردوخ الإعلامية. وكانت قد صرحت شرطة العاصمة البريطانية أنها بصدد تعيين فريق جديد من رجال الشرطة للبحث فيما تردد خلال تحقيقها الراهن في عمليات التنصت على الهواتف من أن أجهزة كومبيوتر أيضا قد تكون قد تعرضت لعمليات اختراق وقرصنة بهدف الحصول على معلومات.

ويضيف هذا التحرك المزيد من الضغوط على مؤسسة «نيوز كوربوريشن» المملوكة لمردوخ التي تواجه الكثير من الصعوبات في نفس اليوم الذي صرح فيه محقق في معترك فضيحة التنصت أنه تصرف بناء على أوامر من صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». ومثل كل من جيمس وروبرت مردوخ، إضافة إلى رئيسة تحرير الصحيفة سابقا ريبيكا بروكس، للاستجواب أمام اللجنة البرلمانية لشؤون الإعلام في 19 يوليو. وفي وقت سابق هذا الشهر تركت بروكس منصبها كرئيسة تنفيذية لمؤسسة «نيوز إنترناشيونال».

وكان رئيس التحرير السابق لـ«نيوز أوف ذي وورلد»، كولين ميلر والمدير القانوني توم كرون قد صرحا الأسبوع الماضي أن جيمس مردوخ قدم شهادة مضللة بشأن مدى معرفته بعمليات التنصت من جانب الصحيفة حينما أقر دفع مبلغ مالي لأحد الضحايا عام 2008. ويحاول مردوخ منذ أسابيع احتواء الفضيحة الآخذة في الاتساع، التي طالت رجال شرطة وسياسيين واتسع نطاقها لتشمل الولايات المتحدة وأستراليا.

وكانت الشرطة تعرضت لانتقادات شرسة بسبب عدم التحقيق بشكل كاف في مزاعم التنصت خلال التحقيق الأول الذي أجرته عام 2006. وأدى ذاك التحقيق إلى الحكم بسجن محرر الشؤون الملكية في «نيوز أوف ذي وورلد» فضلا عن المحقق الخاص مالكير في 2007.

كما واجه جيمس مردوخ دعوات بالتخلي عن رئاسته مجلس إدارة مؤسسة «بي سكاي بي» التلفزيونية البريطانية الخاصة. غير أنه تلقى دعما لبقائه في منصبه حينما أوردت المؤسسة العملاقة التي تقوم ببث قنوات تلفزيونية متنوعة للبيوت مقابل اشتراكات شهرية، أرباحا ضخمة بلغت 1.073 مليار جنيه إسترليني (1.74 مليار دولار، 1.22 مليار يورو) في العام المنتهي في يونيو، بارتفاع بنسبة 23 في المائة عن العام السابق.

وكان قد صرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده تمر بـ«فترة أزمة». وطالب كاميرون بوضع مدونة قواعد جديدة لتنظيم العمل الصحافي، بعد ما وصفه بـ«نذير صحوة» إزاء المعايير الصحافية والحرية. وقال في مؤتمر صحافي بمقر الحكومة البريطانية: «هذا وقت أزمة وقلق». وأعلن كاميرون تشكيل لجنة تحقيق مستقلة برئاسة قاضٍ، وذلك بالتزامن مع تحقيق تجريه الشرطة، وقال: «لن نهمل شيئا».