مصر: علي السلمي لا يجد عونا من حلفائه للخروج من المأزق السياسي

نائب رئيس الوزراء اعتمد على تحالفه مع الإخوان المسلمين.. فخذلوه

TT

في وقت بدأ فيه المجلس العسكري (الحاكم في مصر) التمهيد لإصدار إعلان دستوري جديد لتهدئة مخاوف القوى الليبرالية واليسارية من هيمنة التيارات الإسلامية على السلطتين، التنفيذية والتشريعية، سيكون على الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء نائب رئيس حزب الوفد الليبرالي، إقناع حلفائه من الإسلاميين بخطته، وفي الوقت نفسه تقديم تنازلات ملموسة للقوى الثورية التي أعلنت في وقت سابق تعليقها الاعتصام في ميدان التحرير في انتظار وعود حكومية لتلبية مطالبها.

وكان السلمي قد تولى منصب نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية والتحول الديمقراطي منتصف الشهر الماضي بضغوط من القوى الثورية، التي أجبرت السلطات على إجراء تعديل وزراي موسع ضمن حزمة مطالب سياسية أخرى. لكن السلمي «لم ينجح حتى الآن إلا في إقناعنا بالتخلي عن ميدان التحرير الذي احتله الأمن المركزي».. هكذا يعلق هاشم السيد، الناشط اليساري الذي أصيب في اشتباكات بين قوات الجيش والمعتصمين، أثناء فض الاعتصام بالقوة مطلع الشهر الحالي.

ويبدو أن السلمي، الذي راهن على تحالف قاده شخصيا ممثلا عن حزب الوفد مع حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وضم نحو 26 حزبا وحركة سياسية أخرى، لم يجد عونا حتى من حلفائه.

ويقول مراقبون إن السلمي بنى خطته في الخروج من المأزق السياسي الذي هيمن على البلاد من خلال وثيقة خرجت عن تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين، ورفعت مبادئ حاكمة للدستور الجديد، لكنه فوجئ أن أنصاره رفضوا الموافقة على إصدارها في إعلان دستوري.

وشهدت مصر منذ مطلع الشهر الماضي حالة استقطاب حاد، كادت تصل إلى اقتتال في ميدان التحرير، بعد أن هددت تيارات سلفية بتطهير الميدان ممن وصفوا بـ«العلمانيين الليبراليين».

وتسعى القوى الليبرالية واليسارية التي ترفع شعار مدنية الدولة، لوضع مبادئ ملزمة للجنة التأسيسية المنوط بها وضع دستور جديد، التي تختار من أعضاء البرلمان المنتخبين. لكن التيارات الإسلامية التي ترى أن فرصها أكبر في تحقيق أغلبية برلمانية في الانتخابات المقبلة، لا ترغب في تقييد يدها، مبررة موقفها بقولها إن موضع مبادئ حاكمة يمثل اعتداء على الإرادة الشعبية.

ولا تبدي جماعة الإخوان المسلمين ولا حزبها (الحرية والعدالة) قلقا من إصدار إعلان دستوري جديد، ويعلق الدكتور محمود غزلان، المتحدث باسمها، قائلا: «لا نعتقد أن يتم إصدار إعلان دستوري.. هذا أمر مستبعد»، الأمر نفسه يبديه الدكتور محمد البلتاجي، القيادي في حزب الإخوان المسلمين، الذي قال: «لا نفكر في الوقت الراهن في أساليب رد على إصدار الإعلان الدستوري.. لأننا نعتقد أنه لن يصدر».

وتقول جماعة الإخوان المسلمين إنها ترفض، من حيث المبدأ، الانقلاب على ما سمته شرعية الاستفتاء على التعديلات الدستورية، الذي جرى في 19 مارس (آذار) الماضي، وأقر أن ينتخب أعضاء البرلمان لجنة تأسيسية لوضع الدستور.

كما خاطبت الجماعة المجلس العسكري، في بيان لها أمس، قائلة: «إننا نربأ بالمجلس العسكري أن يساير فريق (المواد الحاكمة) ضد إرادة غالبية الشعب، لأن هذا من شأنه أن يستفز جماهير الرافضين لمبدأ المواد الحاكمة والحريصين على حق الشعب وحريته والراغبين في استقرار الوطن، والسير في اتجاه الانتخابات ونقل السلطة للمؤسسات المدنية التي ينتخبها الشعب كي يعود الجيش إلى التفرغ لمهمته المقدسة في حماية الوطن والشعب ضد أي عدوان خارجي».

وأضاف البيان: «كما أننا نربأ بالجيش أن يستجيب لضغوط هذه الفئة بإقحامه في المجال السياسي، وإغرائه بأن يكون حاميا للدستور وحارسا للدولة المدنية - كما يزعمون - فالدولة المدنية هي مطلبنا جميعا، والشعب هو خير حارس وضامن للدستور».

لكن السلمي مهدد بعودة القوى الثورية للميدان مرة أخرى إن لم تصدر حكومته خلال الأيام القليلة المقبلة الإعلان الدستوري وحزمة التعديلات القانونية التي وعدت بها وعلى رأسها تعديل نسبة الانتخابات بقائمة النسبية والفردي لجعلها ثلثين للقائمة وثلث للفردي، بدلا من النصف والنصف، وسيكون على نائب رئيس الوزراء أن يشارك تلك القوى في دعوة مليونية يوم الجمعة المقبل هو ورئيس وزرائه الدكتور عصام شرف الذي نجح في تأجيل دعوة يوم الجمعة الماضي.