مدونون: أعمال الشغب في بريطانيا نهاية شعور المصريين بأنهم أقل تحضرا من الغرب

المصريون فوجئوا بسعي كاميرون لقطع الاتصال بمواقع التواصل الاجتماعي على غرار ما فعله مبارك

TT

بعد عقود من الاستماع إلى صيحات الرثاء من الغرب على غياب القانون في المجتمعات العربية، شاهد المصريون بشعور مختلط بين الفتور والاشمئزاز وربما قدر من الرضا خلال الأسبوع الماضي السلطات البريطانية وهي تحاول جاهدة طوال أربعة أيام السيطرة على الحرق المتعمد للممتلكات وأعمال النهب في لندن ومدن كبرى أخرى.

بعد ستة أشهر من توصية ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، الاقتداء بنموذج الثورة المصرية في المدارس البريطانية، تبدو لكلماته بعد آخر وتكتسب معنى جديدا في أعين الكثير من المصريين في الوقت الذي تعم فيه الفوضى لندن، عاصمة الدولة التي استعمرتهم في الماضي. كتبت ياسمين جادو، المحامية الأميركية المصرية الناشطة في حقوق الإنسان، على موقع «تويتر» تعليقا على أعمال الشغب: «آمل أن يكف المصريون عن وصف أنفسهم بـ(غير المتحضرين) الآن».

وأثنى نور أيمن نور، الناشط ونجل المرشح الرئاسي السابق، على هذا التباين على صفحته على موقع «فيس بوك»: «أعمال الشغب في لندن بداية نهاية شعور المصريين بأنهم أقل تحضرا من الغرب».

في ناد بريطاني في حي المعادي بالقاهرة، يعد من الآثار القليلة الباقية لحقبة الاستعمار في حي لا يزال يعج بالأجانب، قال سامح زكريا، حارس بناية يبلغ من العمر 25 عاما، إنه يفخر ببلاده، ويوضح قائلا «ينبغي أن يكون الحال أفضل في دولة غنية مثل بريطانيا العظمى».

لم يستطع الكثيرون تحديد ما هو أكثر مفاجأة، أهو جشع مثيري أعمال الشغب البريطانيين الأثرياء أم رد كاميرون المألوف لنا والغريب بالنسبة للغرب. فقد اقترح كاميرون يوم الجمعة الماضي قطع الاتصال بمواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت مثل «تويتر» و«فيس بوك» لاستخدامها في حشد جموع الشباب لنهب الممتلكات وإضرام النيران بها. وكان ذلك بالضبط ما فعله مبارك عندما لجأ إلى قطع الاتصال بالإنترنت لوقف موجة الاحتجاجات التي اجتاحت مصر. وقال زكريا: «لم يتول مبارك منصبه من خلال صناديق الاقتراع، على عكس كاميرون».

كان الفقر وعدم المساواة هما وقود الثورة التي اندلعت خلال الشتاء في مصر، حيث يعيش نحو نصف السكان بأقل من دولارين يوميا. لكن بعد انسحاب قوات الشرطة من الشوارع، لم تدم أعمال النهب والتخريب سوى ليلة أو ليلتين في القاهرة، حيث نظم الناس لجانا شعبية لحماية أحيائهم.

واقترح كثير من المصريين من خلال رسائل على «تويتر» على البريطانيين تعلم الدرس، فكتب أحمد إيش، أحد النشطاء المصريين رسالة إلى البريطانيين يقول فيها: «يا مستخدمي (تويتر) في لندن، يمكنكم البدء بتشكيل دوريات في أحيائكم لحماية أنفسكم بدلا من الذعر على (توتير)». وكتب عمر برازي، وهو ناشط آخر: «يتمسك المتظاهرون المصريون بمبادئ الديمقراطية، بينما يتمسك مثيرو أعمال الشغب في لندن بشاشات البلازما».

انتهز قادة دول المنطقة الفرصة للاستمتاع بهذا الوضع المعكوس. ففي ليبيا التي تشارك بريطانيا في قصفها في إطار العمليات العسكرية التي تشنها الدول الغربية ضد العقيد معمر القذافي، بدا خالد الكعيم، نائب وزير الخارجية ساخرا متهكما على الخطاب الغربي عندما صرح لوكالة الأنباء الرسمية قائلا إن كاميرون «فقد شرعيته وعليه التنحي». وأضاف: «توضح هذه المظاهرات أن البريطانيين يرفضون هذه الحكومة التي تحاول أن تفرض نفسها بالقوة». ودعا الكعيم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف.

أما في إيران، التي واجهت انتقادات من القادة البريطانيين بسبب قمعها الوحشي للمظاهرات التي اندلعت عقب انتخاب أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية منذ عامين، بدا الرئيس أحمدي نجاد غاضبا بسبب ممارسات الشرطة البريطانية، حيث قال في تصريحه لصحافيين، بحسب وكالة «رويترز»: «هل هذه معاملة لشعب نفد صبره بسبب الفقر والتمييز؟ أنصحهم بالكف عن هذا السلوك الوحشي».

وبدا على البعض في مصر الاستمتاع بفرصة التعامل بتعال مع البريطانيين. وقال هاني بهانة، صاحب شركة استيراد يبلغ من العمر 44 عاما وكان يشارك في مظاهرات يوم الجمعة في التحرير: «إن هذا سلوك غير حضاري. ونحن كمصريين ندينه».

وكتب سيمون حنا، صحافي مصري بريطاني في القاهرة: «تزعجني مقارنة ثورة مصر العظيمة بصبية ينهبون في أعمال شغب بلندن. لكن لا يمكنك تجاهل أن الشعور بالظلم هو الوقود الذي أشعل الاثنين».

* خدمة «نيويورك تايمز»