برلين تتذكر «جدار العار».. وعمدتها ينتقد الحنين لـ«الديكتاتورية»

بقرع الأجراس وتوقف المطارات وتدشين معرض حول الجدار في الهواء

TT

أحيت برلين، أمس، ذكرى مرور 50 عاما على بناء جدار برلين الذي قسمها إلى شطرين لمدة 28 عاما وذكرى الذين قتلوا وهم يحاولون عبوره. فقد قرعت أجراس كل الكنائس في المدينة ظهرا، وتوقفت حركة قطارات الأنفاق لمدة دقيقة في ذكرى الذين قضوا وهم يحاولون عبور الجدار. كما نكست الأعلام الألمانية عن سطح الرايخشتاغ الذي أقيم الجدار عند أقدامه ليشكل من 13 أغسطس (آب) 1961 إلى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، رمزا لتقسيم المدينة.

وعلى بُعد أمتار قليلة من مقر البرلمان الألماني، علق صف من الصلبان البيضاء على سياج مع أسماء وتواريخ وبعض باقات الزهر، في إشارة إلى بعض ضحايا الجدار الذي لا يزال سكان برلين يعتبرونه «جدار العار». وتم أمس أيضا تدشين معرض جديد حول الجدار في الهواء الطلق يمكن لسكان برلين والسياح زيارته في جادة برناورشتراسي، حيث نصب الجدار.

يُذكر أن جدار برلين كان قد أنشئ بناء على أمر أصدره رئيس ألمانيا الشرقية الشيوعية فالتر أولبريشت، ليل 12 – 13 أغسطس 1961. وكلف أكثر من 10 آلاف جندي ألماني شرقي ببناء «جدار للحماية من الفاشية» ليكون حاجزا يسمح في الواقع بوقف نزوح سكان جمهورية ألمانيا الديمقراطية (الشرقية) إلى المناطق التي تحتلها القوات الحليفة ومنعهم من الفرار عن طريق برلين الغربية التي كانت تمثل جيبا رأسماليا. وجاء القرار بعدما غادر أكثر من 2.5 مليون شخص ألمانيا الديمقراطية التي كان عدد سكانها يبلغ 19 مليون نسمة. لكن الألمان الشرقيين واصلوا محاولاتهم للانتقال إلى الغرب بكل الوسائل من الاختباء بآليات إلى حفر أنفاق والقفز فوق السياج، وقد مات 136 منهم عند الجدار. ويقدر المؤرخون عدد الذين قُتلوا في محاولات الهروب من النظام الشيوعي بـ600 إلى 700 شخص.

وقال الرئيس الألماني كريستيان فولف، في مراسم إحياء الذكرى، أمس: إن هؤلاء، أو الذين سجنوا بسبب الجدار «ليسوا الضحايا الوحيدين للجدار»، موضحا أن وراءه «أُرغم ملايين الأشخاص على التخلي عن حق تقرير حياتهم بأنفسهم». جاء كلام الرئيس الألماني عند نصب برناورشتراسي، وهي جادة في وسط برلين الشرقية، شُيد الجدار بمحاذاتها. وقد حضر هذه المراسم التي نقلها التلفزيون العام المستشارة أنجيلا ميركل ورئيس بلدية برلين الاشتراكي الديمقراطي كلاوس فوفيرايت.

وقال فوفيرايت أمس إنه شعر بالذهول من أن بعض الألمان يحنون لجدار برلين ويدعمون من يتحدثون عن وجود أسباب مشروعة لبنائه عام 1961. وأضاف رئيس بلدية برلين أن الجدار يجب أن يظل رمزا يذكر بالحرية والديمقراطية في أنحاء العالم. وتابع: «ليس لدينا أي تسامح مع الذين يدفعهم الحنين لتشويه تاريخ جدار برلين وانقسام ألمانيا. الجدار كان جزءا من الديكتاتورية. من المزعج أنه حتى اليوم يجادل بعض الناس بأنه كانت هناك أسباب وجيهة لبناء الجدار. لا، لم يكن هناك سبب مشروع ولا تبرير لانتهاك حقوق الإنسان وللقتل».

مونيكا تشيزمات، التي تقيم في غرب ألمانيا وقد أتت مع زوجها، قالت: «من المهم جدا بالنسبة لنا أن نوجد هنا اليوم». وهي لا تزال تذكر يوم 13 أغسطس 1961 على أنه «يوم رهيب في تاريخ ألمانيا». إلا أن فولف اعتبر أن سقوط جدار برلين عام 1989 دليل على أن «الحرية في النهاية لا تقهر. فما من جدار يصمد بشكل دائم أمام إرادة الحرية».

وبدأت مراسم الذكرى صباح أمس بقراءة سير لضحايا الجدار، وتقول إيزابيلا هودالسكي، وهي برلينية كانت تقيم في جادة قريبة من النصب كانت مقسمة إلى شطرين: «إن إحياء هذه الذكرى يرتدي أهمية إنسانية وسياسية على حد سواء». وعند ذكر 13 أغسطس 1961 تنهمر الدموع غزيرة من عيون فيرنير وكاثي فيغيند، وهما متقاعدان من برلين أيضا، ويتذكران الخوف الذي تملكهما في ذلك اليوم على أطفالهما، بينما يعبران الآن عن الأمل «بألا يتكرر ذلك أبدا».