السعودية: أكاديميون يطالبون بتوجيه برنامج الابتعاث السابع ليتواءم مع سوق العمل واقتصادات المعرفة

26 ألفا يتأهبون للانضمام.. ومخاوف من اتساع الفجوة بين «الخاص» والبرنامج

مطالبات بانسجام برامج الابتعاث مع حاجة السوق السعودية
TT

طالب خبراء في سوق العمل في السعودية بتوجيه برنامج الابتعاث لأكثر من 26 ألفا في مرحلته السابعة، التي بدأت قبل أقل من أسبوع، وتسييره ليتواءم مع اقتصادات المعرفة وحاجة سوق العمل السعودية، وتبيان التخصصات اللازمة لإحلالها بدلا عن تخصصات وصفت بأنها لا تتسق مع متطلبات القطاع الخاص بشكل عام. واعتبر الدكتور محمد الشريف، رئيس قسم التربويات في جامعة الطائف، أن صيرورة البرنامج في سنته السابعة دليل على قوة الاستراتيجية التي تنتهجها وزارة التعليم العالي، بيد أن توجيه برامج الابتعاث لمتطلبات سوق العمل لا بد أن يوضع تحت المجهر، ويعقد على ضوئه مؤتمر بالشراكة مع القطاع الخاص لدراسة مخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين، وهل هي حقا ماضية في تغطية الحاجة الماسة لسوق العمل السعودية.

وأفاد الشريف بضرورة أن تتلازم لقاءات القطاع الخاص بالنظرة الشمولية التي تنضوي تحتها الاستراتيجيات العليا في تحقيق أهداف الابتعاث، وأن اللقاء سيتيح فرصة التعرف على احتياجات قطاع الأعمال الحالية والمستقبلية من تلك التخصصات، ومشاركة القطاع الخاص في استقطاب وتوظيف الخريجين والخريجات.

من جانبه، علق الدكتور خالد اليحيوي، أستاذ أكاديمي، أن هناك معوقات كبيرة يجب أن نعترف بها في توجيه برامج الابتعاث؛ حيث إن هناك تحديات تحول بين التطبيق الفعلي الكامل لاستراتيجيات التوظيف في السعودية، وتحديات تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من برامج الابتعاث للخارج وفق ما هو مخطط ومرسوم لها، وبالذات فيما يتعلق بتأهيل الكوادر الوطنية لتصبح عنصرا منافسا في سوق العمل المحلية، مما يمكنها من الحصول على وظائف فور التخرج، سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص.

وأضاف اليحيوي: غالبية الطلاب الذين تم ابتعاثهم ضعفاء جدا في اللغة الإنجليزية وفي مجال تخصصاتهم الدراسية، الأمر الذي يعطي انطباعا ومؤشرا سلبيا عن برامج الابتعاث، متسائلا عن الطريقة الفعلية والصحيحة قبيل الزج بالطلاب في بلاد تنتهج اللغة بكامل احترافيتها، مؤكدا في السياق ذاته أن هناك مشكلة في برامج الابتعاث، تتمثل في كونها لا تنظر إلى حاجة المجتمع من التخصصات، وأن اعتمادها يتم بعيدا عن تلمس الخطط التنموية المستقبلية، وبالتالي قد لا يجد الكثير من المبتعثين فرصا وظيفية مناسبة.

إلى ذلك، طالب الدكتور حسين العواجي، أكاديمي سعودي، بأنه قد يكون مناسبا عمل استقصاء ومسح لمدى رضا جهات التوظيف، خاصة القطاع الخاص، عن مستوى خريجي البرنامج وأدائهم ابتداء من السنة الأولى من بدء العمل، مقارنة بزملائهم في التخصص أو المجال من خريجي جامعات وكليات المملكة الحكومية والأهلية. هذه المقارنات ستسهم في تحديد جهات الابتعاث المستقبلية وتقيس جودة التعليم فوق الثانوي في المملكة مقارنة بالممارسات والخبرات الخارجية.

وأضاف العواجي أنه بعد التحقق من جودة مخرجات برنامج الابتعاث، تأتي طبيعة العمل ونوعيته وظروفه بالدرجة نفسها من الأهمية؛ حيث تعتبر ضرورية للخريجين وليس فقط توافر فرصة العمل، مفيدا بأن دور ومسؤولية جهات التوظيف يرتبطان بشكل كبير بمدى مساهمتها في زيادة نسبة من يختار عمله ويحبه، لا من يجبر عليه.

وقال الدكتور العواجي: «النجاح في إعادة الاعتبار إلى مفهوم العمل كنشاط حر وإبداعي يتفاعل فيه الإنسان مع ذاته ومع الآخرين، وإن إعادة إثارة مثل تلك المواضيع هي مسألة مهمة وضرورية، في ظل هيمنة ثقافة تقدس العمل المجرد في معزل عن صفاته وشروطه الإنسانية، وتعتبر أن من يحدد القيمة الاجتماعية له ولمن يقوم به هو العائد المالي وليس أي شيء آخر. يفضل كثيرون دراسة الاختصاصات المطلوبة في سوق العمل، وهو ما يفسر إقبال الطلاب اليوم على دراسة الطب والعلوم الطبية وعلوم الكومبيوتر والاتصالات».