اللاذقية تقصف برا وبحرا.. والقتلى والجرحى بالعشرات ونزوح للسكان

عملية عسكرية واسعة في حي الرمل الجنوبي شاركت فيها الزوارق الحربية.. ومقتل أفراد عائلة خلال هروبها * اقتحام أمني وعسكري لضاحيتين في ريف دمشق

الدبابات خلال دخولها لمنطقة في مدينة اللاذقية (موقع شام)
TT

دخلت عمليات قمع المتظاهرين في سوريا فصلا جديدا، بدخول سلاح البحرية السوري طرفا؛ حيث دكت زوارق حربية بالرشاشات الثقيلة مدينة اللاذقية الساحلية (غرب)، مستهدفة منطقتين بهما كثافة سكانية مرتفعة تشهدان مظاهرات مستمرة منذ بدء الانتفاضة السورية في مارس (آذار) الماضي. وقتل 23 شخصا، على الأقل، وجرح العشرات في اللاذقية، التي تشهد هجوما عسكريا منذ يومين للقضاء على الاحتجاجات فيها. واقتحمت قوات أمنية وعسكرية، أمس أيضا، ضاحيتين في ريف دمشق وشنت حملة اعتقالات واسعة رافقها إطلاق كثيف للرصاص وقطع للاتصالات. ولم يمنع ذلك كله من خروج المتظاهرين إلى الشوارع منددين بالقمع وداعين لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

وقال سكان في اللاذقية إن البحرية السورية تقصف مدينتهم. وقال شاهد لـ«رويترز» في مكالمة هاتفية: «يمكنني أن أرى شبح سفينتين رماديتين. إنهما تطلقان القذائف التي تسقط في منطقتي الرمل الفلسطيني والشعب السكنيتين». وأضاف: «هذا أعنف هجوم على اللاذقية منذ الانتفاضة. أي فرد يطل برأسه من النافذة يخاطر بالتعرض لإطلاق النار عليه. يريدون القضاء على المظاهرات نهائيا»، مضيفا أن 20 ألف شخص في المتوسط يتظاهرون يوميا للمطالبة بإنهاء حكم الأسد في مناطق مختلفة من المدينة بعد صلاة التراويح.

وأعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، أن 21 شخصا، على الأقل، قتلوا إثر العملية العسكرية في حي الرمل الجنوبي في اللاذقية، وشاركت فيها زوارق حربية، لافتا إلى أن «أكثر من 15 شخصا جرحوا خلال اقتحام قوات الأمن للمخيم».

وشهدت أكثر من منطقة في اللاذقية حركة نزوح واسعة للأهالي والعائلات، خاصة في حي قنينص، خوفا من تعرض الحي إلى الاقتحام، كما تم إيقاف حركة القطارات من وإلى اللاذقية بالتزامن مع قصف الزوارق الحربية على حي الرمل في المدينة.

وذكر موقع الثورة السورية على الإنترنت أن عائلة بأكملها قُتلت خلال هروبها من القصف في حي الرمل. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن العملية العسكرية جرت من عدة محاور، وشملت قصفا من زوارق حربية سورية». وأشار إلى «إصابة العشرات بجروح، منهم حالات خطرة في حي الرمل الجنوبي ومخيم الرمل». وأضاف عبد الرحمن: «كما قتل شخصان في حي قنينص في اللاذقية» الذي شهد إطلاقا كثيفا للرصاص.

وأضاف المرصد، في بيان، أنه «يتم إطلاق نار كثيف جدا من مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة الخفيفة والثقيلة» في الحي نفسه، مشيرا إلى «وجود للقناصة على الأبنية المحيطة». وأشار إلى دوي «انفجارات قوية في حيي مسبح الشعب والرمل المتجاورين». وأوضح المرصد أن «إطلاق نار كثيفا سمع في السكنتوري»، مشيرا أيضا إلى «إطلاق قذائف آر بي جي في الحي».

في الوقت نفسه، تحدث المرصد عن «إطلاق نار كثيف عند مداخل الأحياء المحاصرة والمتاخمة للرمل، مثل عين التمرة وبستان السمكة وبستان الحميمي». وأضاف أن «حي بستان الصيداوي الذي يقع بين السكنتوري والأشرفية يشهد إطلاق نار كثيفا جدا وسمعت انفجارات شديدة وتحدثت أنباء عن إصابة طفل حتى الآن».

من جهته، أشار اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إلى «إطلاق نار في حي القلعة، وكذلك إطلاق نار متقطع في الصليبة»، مضيفا أن «الأحرار يتجمعون في الأشرفية ويسدون أحد المنافذ بحاويات القمامة لمنع الأمن من الوصول إلى الصليبة». كما أعلن الاتحاد أنه «تم إيقاف حركة القطارات من وإلى اللاذقية».

ويحتل ميناء اللاذقية مكانة بارزة في هيمنة عائلة الأسد على الاقتصاد؛ حيث كان الراحل جميل الأسد، عم الرئيس بشار، يسيطر فعليا على الميناء، وتولى من بعده جيل جديد من أفراد العائلة وأصدقائهم السيطرة على المنشأة. ويقول سكان: إن القوات والدبابات تحاصر المنطقتين المستهدفتين في اللاذقية منذ شهور مع تراكم القمامة وانقطاع الكهرباء من حين لآخر.

يأتي ذلك بالتزامن مع حملة أمنية وعسكرية في ضاحيتين في ريف دمشق، فجر أمس؛ حيث جرت اعتقالات رافقها إطلاق كثيف للرصاص وقطع للاتصالات. وذكر المرصد أن «قوات عسكرية وأمنية كبيرة اقتحمت ضاحيتي سقبا وحمورية بـ15 شاحنة عسكرية و8 حافلات أمن كبيرة و4 سيارات جيب». وأضاف المرصد أن هذه القوات «بدأت عملية اعتقالات واسعة؛ حيث سمع صوت إطلاق رصاص كثيف في المنطقة»، كما أشار إلى أن «الاتصالات الأرضية والخلوية قطعت عن ضاحية سقبا فجرا».

وبالتزامن مع العمليات في اللاذقية، هاجمت قوات الأمن السورية، بحسب موقع «الثورة السورية» عبر «فيس بوك»، منطقة داريا خلال تشييع أحد الضحايا. كما ذكر الموقع نفسه أن قوى الأمن السورية قامت بإطلاق نار على باص للحولة مقبل من لبنان، فسقط على الفور الشاب محمد حسن العلي، من قرية الطيبة الغربية، وجرح أكثر من 7 أشخاص جروح بعضهم خطيرة.

وقال نشطاء في مجال حقوق الإنسان: إن قوات الأسد تقتحم منذ بداية شهر رمضان في الأول من أغسطس (آب) الحالي المراكز الحضرية الكبيرة والمناطق النائية؛ حيث تجتذب الاحتجاجات المطالبة بالحريات السياسية وإنهاء 41 عاما من حكم عائلة الأسد حشودا بأعداد غفيرة.

وأفادت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) بأن «شابا أردنيا توفي في أحد مستشفيات المملكة متأثرا بجروح أصيب بها برصاص قناص سوري أثناء زيارته لأقاربه في مدينة حمص السورية». وأوضحت الوكالة أن «المواطن طارق محمد الخالدي (20 عاما) الذي كان قد أصيب برصاص قناصة في حمص بسوريا توفي صباح الأحد في مستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي» بالقرب من إربد. وأشارت الوكالة إلى أن «الخالدي كان قد نُقل بعد ظهر الخميس الماضي إلى مستشفى الملك المؤسس وهو بحالة حرجة»، وأضافت أنه «من سكان منطقة الزعتري في محافظة المفرق، ولعائلته امتداد عشائري في حمص من بني خالد؛ حيث كان بزيارة خاصة لأقاربه من أمه فأصيب وهو يقود سيارته في منطقة دير بعلبة بمدينة حمص السورية».

وأدانت منظمات حقوقية اعتقال رئيس «الرابطة السورية لحقوق الإنسان»، عبد الكريم ريحاوي، من قبل الأجهزة الأمنية السورية منذ 11 أغسطس الحالي، مطالبة بـ«الإفراج الفوري عنه، من دون قيد أو شرط». وفي بيان، أضافت: «إننا في المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في سوريا ندين ونستنكر بشدة اعتقال الزميل ريحاوي ونبدي قلقنا البالغ على مصيره»، ورأت أن «احتجاز ريحاوي بمعزل عن العالم الخارجي لفترة طويلة يشكل انتهاكا لالتزامات سوريا الدولية».

كما أدانت المنظمات في بيانها «استمرار الأجهزة الأمنية في ممارسة الاعتقال التعسفي على نطاق واسع خارج القانون بحق المعارضين السوريين ومناصري الديمقراطية وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين، وذلك على الرغم من الإعلان عن إلغاء حالة الطوارئ في سوريا».