مرجع إيراني بارز في قم يعتبر مساندة النظام السوري «واجبا دينيا»

معارض إيراني لـ «الشرق الأوسط»: قناصة الحرس الثوري وحزب الله ينفذون عمليات اغتيال في سوريا

مظاهرة نسائية في الخالدية - حمص (موقع شام)
TT

دخلت قم، المدينة المقدسة لدى الشيعة الإيرانيين، على خط الأزمة في سوريا، بإعلان أحد مراجعها الكبار عن أن دعم نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في مواجهات الاحتجاجات المناوئة له «واجب ديني»، لكنه دعا الأسد في الوقت نفسه إلى «الإيفاء بالوعود» عبر إجراء إصلاحات سياسية.

وأصدر آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي، أحد أبرز رجال الدين في إيران، بيانا نشر في قم، أمس، دعا فيه إلى «ضرورة دعم الاستقرار في سوريا من أجل إفشال المخططات الإجرامية التي تقوم بها أميركا وإسرائيل في المنطقة. وأضاف المرجع شيرازي: «نحن نعلم أن لسوريا خصوصياتها؛ إذ إنها تعتبر من دول المواجهة مع الكيان الصهيوني الغاصب، وكونها من دول الممانعة للنفوذ الأميركي والبريطاني والفرنسي في منطقة الشرق الأوسط، وقد بدأت الدول الكبرى وإسرائيل، بمساعدة بعض الدول العربية للأسف الشديد، تعمل من أجل زعزعة الأمن والاستقرار في هذا البلد المسلم والمقاوم».

وزعم آية الله العظمى في بيانه أن «أميركا وإسرائيل تتعاونان علنا مع عدد من العصابات المسلحة من أجل زعزعة الاستقرار في سوريا، وتحاولان إيجاد موطئ قدم لهما في هذا البلد بعد أن فقدتا نفوذهما في مصر وتونس واليمن»، حسبما أوردته وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية.

وفي ختام البيان دعا شيرازي «المسلمين لأن يبذلوا جهودهم من أجل إفشال المخطط الأميركي والصهيوني الذي يسعى إلى إيجاد حرب أهلية وطائفية في سوريا»، وناشد «أبناء الشعب السوري الوحدة لتفويت الفرصة على أعداء الإسلام».

وفي الوقت نفسه دعا المرجع الشيرازي الحكومة السورية إلى أن «تفي بوعودها وتقدم مجموعة من الإصلاحات الأساسية لكي تسحب البساط من تحت أقدام الدول الاستكبارية المعادية».

وكانت إيران قد ساندت ثورات الربيع العربي إلا أنها وقفت مع حليفها النظام السوري في قمع الانتفاضة التي انطلقت في مارس (آذار) الماضي، وأيدت رواية بوجود عصابات مسلحة تستهدف المدنيين.

من جهة ثانية قال معارضون إيرانيون إن قناصة تابعين للحرس الثوري الإيراني موجودون على الأراضي السورية، وأكدوا المعلومات الغربية التي نشرت أول من أمس، وتحدثت عن وجود قاعدة عسكرية في مدينة اللاذقية. وانتقد المعارضون الإيرانيون ما وصفوه بازدواجية الموقف الإيراني في دعمه لنظام بشار بقوات من الحرس الثوري، واعترافه بالثورات في مصر وتونس وليبيا، معتبرين أن إسقاط النظام في سوريا سيضعف النظام الإيراني في الداخل والخارج، وسيقوي من موقف المعارضة، وسيكشف حقيقة المخططات الإيرانية في المنطقة.

من جهته، أوضح محمود أحمد، المعارض الإيراني، والمتحدث الرسمي باسم القوميات غير الفارسية في إيران، كذب ما يدعيه النظام الإيراني عن عدم دعمه لنظام بشار حيث قال لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا ما يؤكد وجود الكثير من عناصر قناصة الحرس الثوري في سوريا، والأخطر أنهم يقومون بقتل المتظاهرين من مرتفعات في المدن السورية، بالإضافة إلي أن بعض الأسلحة والهراوات الكهربائية التي تحملها أجهزة الأمن هي إيرانية الصنع». وكشف أحمد في اتصال تليفوني من لندن، عن توفر معلومات لديه تثبت قيام عناصر من حزب الله بعمليات داخل سوريا لحساب النظام.

وعبر أحمد عن رفض كل تيارات المعارضة الإيرانية للتدخل العسكري الإيراني في سوريا، مشيرا إلى أن إيران ستسعى لإيجاد بديل آخر لسوريا لحفظ مصالحها في المنطقة، لثقة طهران في سقوط النظام في سوريا قريبا، ومؤكدا أن نظام إيران لا يدافع عن سوريا إلا لحفظ مصالحه في المنطقة، وتوقع أحمد حدوث مساومة بين إيران والغرب لحفظ مصالح إيران في المنطقة مقابل عدم تدخلها في سوريا.

من جهة أخرى أوضح ناصر جابر، المعارض الإيراني ورئيس المكتب الإعلامي لحركة النضال العربي لتحرير الأحواز، عن مساندته للثورة السورية قائلا: «نقوم بالخروج معهم في المظاهرات في العواصم الأوروبية وسنبقى نساندهم حتى يسقط نظام الطاغية بشار»، موضحا أن ضعف إمكانيات المعارضة الإيرانية هو الحاجز وراء عدم وجود أوجه أخرى لدعم الشعب السوري.

وأشار جابر إلى أن المعارضة الإيرانية تلعب دورا كبيرا في فضح الداخل الإيراني وقلقه حيال الثورة في سوريا، وما يرتكبه من مجازر في حق الثوار السوريين، قائلا إن بقاء النظام في سوريا له أهميه كبرى لخدمة مصالح طهران في المنطقة، لعل أبرزها أن إيران تقوم من خلال سوريا، بنشر المشروع الفارسي التوسعي، كما تعد سوريا «ترانزيت» لدعم وتقوية الأوراق الإيرانية في فلسطين وحزب الله، والتغلغل في الخليج العربي، بصورة مادية وعسكرية.

وأضاف جابر لـ«الشرق الأوسط» أن لديه الكثير من المعلومات المؤكدة من داخل الحرس الثوري الإيراني، تؤكد وجود قاعدة عسكرية للحرس الثوري في مدينة اللاذقية (شمال سوريا) لتقوم بحماية المصانع العسكرية، والشركات الإيرانية، بالإضافة إلي ارتكاب جرائم القتل والتعذيب بحق المدنيين العزل.

وكانت مصادر استخباراتية غربية ذكرت، أول من أمس، لصحيفة الـ«ديلي تلغراف» البريطانية أن إيران وافقت على تمويل إنشاء مجمع عسكري جديد في مطار اللاذقية السوري يكلف ملايين الدولارات، وأن ضباطا من الحرس الثوري الإيراني سيتمركزون في المجمع بشكل دائم لإدارة عمليات الشحن. ونقلت الصحيفة عن المصادر قولها إنه تم التوصل إلى الاتفاق الخاص بإقامة القاعدة عقب زيارة قام بها لطهران محمد نصيف خير بك، مساعد نائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية، وحليف للرئيس السوري بشار الأسد، في شهر يونيو (حزيران) الماضي. ويقضي الاتفاق بأن تساعد إيران في تطوير مجمع عسكري في مطار اللاذقية، يتم الانتهاء من إقامته مع حلول نهاية العام المقبل. وأضافت الصحيفة أن الهدف من الاتفاق هو فتح طريق إمدادات يساعد إيران على نقل المعدات العسكرية إلى سوريا.

من جهة ثانية انتقد جابر خلال اتصال هاتفي من الدنمارك، الموقف الإيراني حول الاعتراف ببعض ثورات المنطقة، كمصر وتونس، وإنكارها للثورة في سوريا، واصفا موقف إيران بالازدواجية في التعامل مع قضايا المنطقة، مؤكدا أن سقوط النظام في سوريا سيكون ضربة موجعة للنظام الإيراني، ومشيرا إلى أن إيران لن يصبح في يدها ما تقوم به من مناورات لخداع العالم العربي. وأشار جابر، إلى أن المعارضين الإيرانيين عانوا كثيرا بسبب قوة العلاقة الإيرانية السورية، حيث سلم النظام السوري لطهران الكثير من المعارضين لنظام إيران داخل سوريا.