الأزهر يدعو القوى السياسية لاجتماع يحسم فيه الخلاف حول المبادئ الدستورية الحاكمة

الطيب: الوثيقة قادرة على تحقيق التوافق بين التيارات.. والمجلس العسكري يستعين بنسخة منها

TT

في الوقت الذي طلب فيه المجلس العسكري الحاكم في مصر من الأزهر الشريف نسخة من وثيقته حول مستقبل البلاد للاستعانة بها في صياغة المبادئ الحاكمة للدستور، دعا الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، القوى السياسية لاجتماع عاجل بعد غد (الأربعاء) لاعتماد الوثيقة، لتكون بمثابة صيغة توافقية تؤكد على الهوية المصرية والحقوق والحريات والمساواة بين الجميع دون تفرقة أو تمييز.

وتأتي تحركات الأزهر لإقرار الوثيقة من أجل الحفاظ على مصر في تلك المرحلة الفارقة التي تمر بها عقب قيام ثورة «25 يناير» ونتيجة لكثرة الاختلافات بين التيارات والقوى المتعارضة في مصر، وذلك حسب تأكيد الدكتور محمد مهنا، عضو المكتب الفني لشيخ الأزهر، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع الأربعاء يأتي لكي يوضح الأزهر الأصول التي تستند لقيم الوسطية والاعتدال التي يجب أن ترجع إليها جميع القوي السياسية.

وأوضح الإمام الأكبر في مؤتمر صحافي، أمس، أن الأزهر يدعو إلى هذا اللقاء الذي يوافق ذكرى انتصار موقعة بدر الإسلامية، انطلاقا من دوره التاريخي في الحفاظ على وحدة الأمة وهويتها والمشاركة الفعالة في العمل الوطني، ولتفادي مخاطر الاستقطاب والمواجهة بين القوى السياسية المخلصة في وطنيتها والمختلفة في اجتهاداتها.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن جميع القوى السياسية مدعوة إلى هذا اللقاء الذي لن يفرض الأزهر فيه رأيا ولا يعتبر طرفا في العمل السياسي، وإنما يؤكد دوره الوطني ولا ينحاز لفريق أو يتدخل في شأن من شؤون السياسة الحزبية. وأضاف الدكتور الطيب، أن «الأزهر كان وسيظل مفتوحا أمام الجميع للحفاظ على المبادئ الحرة والديمقراطية والمواطنة وترسيخ أصول الشريعة الإسلامية والحرص على وحدة النسيج الوطني والبعد عن أسباب الفرقة والنزاع». وشدد الإمام الأكبر على تأكيده بأهمية وثيقة الأزهر، والتي اشترك في وضعها ممثلون عن مختلف الأطياف الفكرية والسياسية ونالت دعما وقبولا عاما لدى القوى السياسية والرأي العام في الداخل والخارج.

وقال الدكتور الطيب، إن «سبب الدعوة لاجتماع القوى السياسية هو حالة الانشقاق التي يراها بين المؤيدين والمعارضين للمبادئ الدستورية الحاكمة»، لافتا إلى أن وثيقة الأزهر بما تتضمنه من مبادئ للمواطنة الديمقراطية قادرة على تحقيق التوافق بين كافة التيارات وحسم أي خلاف بشأنها، وذلك في رده حول رأى الأزهر في المبادئ الحاكمة للدستور. وأعرب الإمام الأكبر عن أمله في أن تتفق كل القوى والتيارات السياسية والإسلامية والفكرية على إطار من خلال الوثيقة يمكن الأخذ به عند وضع الإطار الدستوري الجديد، موضحا أنه تم توجيه الدعوة للجميع دون إقصاء أي قوى إسلامية أو غيرها، وذلك في معرض رده حول توجيه الدعوة للتيار السلفي الذي تحفظ على الوثيقة لحضور اللقاء. وحول موقف الأزهر من تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، أوضح الدكتور الطيب، أن الأزهر ليس جهة مخولة لوضع الدستور، فالدستور له جهات معينة يخرج منها، ويعكف عليه فقهاء الدستور، ودور الأزهر هو ألا تصطدم مواد الدستور مع الشريعة الإسلامية، ولا مع الإسلام بشكل عام، ولا مع الأديان والقيم العامة، ليس في مصر فقط، بل في كل بلد إسلامي، مبينا أن الأزهر لم تتم دعوته حتى الآن للمشاركة في اللجان الفنية بشأن الدستور، متوقعا الاستعانة بأساتذة الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، ليكونوا ضمن اللجنة المشكلة لصياغة الدستور.

ومن جانبه، وبسؤاله حول إمكانية إقرار الوثيقة يوم الأربعاء المقبل، أكد الدكتور مهنا أن وثيقة الأزهر تعبير عن ضمير الأمة، وقال «لا أعتقد أن أي فرد أو تيار ديني أو سياسي يمكن أن يخاف من بنودها». وأضاف أن «هذه الوثيقة لو عرضت على مواطن أوروبي أو غربي سوف يوافق عليها».

وحول تحفظات التيار السلفي على الوثيقة، أوضح الدكتور مهنا، أن التيار السلفي الحقيقي لن يخالف الوثيقة؛ لكن التيار الذي ليس لديه فهم صحيح عن الدين هو من يرفضها. وفي السياق ذاته، قال اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع المصري للشؤون القانونية، عضو المجلس العسكري، إن المجلس الذي يتولى إدارة شؤون البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) الماضي، كلف الحكومة قبل شهر ونصف الشهر بإعداد وثيقة مبادئ لاختيار الجمعية التأسيسية لسن دستور جديد. وقال مصدر عسكري، إن المجلس طلب الاستعانة بوثيقة الأزهر وعدد من الوثائق الأخرى في صياغة وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور.