السلطة الفلسطينية تدين قصف مخيمات اللاجئين.. والمنظمة: ما يجري جريمة ضد الإنسانية

الفلسطينيون يتظاهرون ضد الأسد ونظامه: سوريا ليست غابة * و«الأونروا» تعبر عن القلق

مظاهرات فلسطينية في رام الله تنديدا بالقمع في سوريا («الشرق الأوسط»)
TT

بينما تظاهر مئات الفلسطينيين في رام الله في الضفة الغربية وفي الداخل في إسرائيل، تضامنا مع الشعب السوري، وتنديدا بما يتعرض له من عمليات قتل طالت عددا من الفلسطينيين أيضا، خصوصا في مخيم الرمل باللاذقية، أدانت منظمة التحرير، بشدة، قصف القوات السورية لمخيم الرمل في اللاذقية وتشريد نصف سكانه، واعتبرت ما يجري «جريمة ضد الإنسانية». وبينما أدانت السلطة أيضا القمع طالب الأردن السلطات السورية باتخاذ إجراءات لوقف العنف فورا.

وقال مصدر فلسطيني كبير لـ«الشرق الأوسط»: «إن موقفنا من النظام السوري معروف، لكن لا نريد إيذاء أكثر من 500 ألف فلسطيني يعيشون في سوريا، هنا المشكلة الحقيقية». لكن بعد ذلك، خرجت منظمة التحرير الفلسطينية عن صمتها، وأعربت عن «إدانتها الشديدة» لاقتحام القوات السورية مخيم الرمل الفلسطيني وقصفه وتهجير سكانه، واصفة ما يجري بـ«الجريمة ضد الإنسانية».

وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه: «إننا ندين، بشدة، عمليات القوات السورية في اقتحام وقصف مخيم الرمل الفلسطيني في اللاذقية وتهجير سكانه». وأضاف: «نحن نعتبر أن هذا العمل يشكل جريمة ضد الإنسانية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني وأشقائهم السوريين الذين يتعرضون لهذه الحملة الدموية المستمرة». ودعا عبد ربه «جميع الهيئات الدولية المعنية إلى التدخل الفوري لوقف هذه المجزرة التي أدت إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى».

كان آلاف من أهالي المخيم قد فروا منه أمس، أمام وحشية القصف السوري للاذقية، على ما أفادت مصادر فلسطينية، بينما يعتقد وجود قتلى وجرحى في المخيم. وأصدرت «الأونروا» بيانا عبرت فيه عن قلقها الكبير، خصوصا بعد التقارير عن استخدام القوات السورية الأسلحة الثقيلة ضد مخيم اللاجئين الفلسطينيين في منطقة الرمل باللاذقية. وقال المتحدث باسم الوكالة، كريس غونيس: «إن التقارير من مصادر متعددة تشير إلى سقوط قتلى وضحايا بين اللاجئين الفلسطينيين، على الرغم من أن الاتصالات الرديئة تجعل من المستحيل تأكيد الرقم الفعلي للقتلى والجرحى».

وأضاف البيان: «(الأونروا) تدين استخدام العنف ضد المدنيين، ونحن ندعو السلطات السورية إلى إصدار أوامر لقواتها الأمنية حتى تظهر أعلى درجة من ضبط النفس بما يتماشى مع القانون الدولي وضمان عدم إلحاق الأذى بكل المدنيين بمن في ذلك الفلسطينيون».

وطالب البيان بالسماح بدخول عمال الإغاثة الإنسانية من دون أي عوائق حتى يقدموا المساعدة للجرحى ويهتموا بالقتلى، كما طلب السماح لـ«الأونروا» باستئناف خدماتها بالكامل في المخيم الذي تضرر كثيرا بسبب الاضطرابات في البلاد.

وتظاهر الفلسطينيون، مساء أول من أمس، في رام الله وحيفا، بعد أسبوع من مظاهرة مماثلة في الناصرة، ومرة أخرى أمس، في رام الله، رفعوا خلالها الأعلام السورية والفلسطينية ورددوا الشعارات المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد.

وانطلق المتظاهرون في مسيرة اخترقت شوارع رام الله، وهم يرفعون صورا لبشار الأسد وضعت عليها إشارة «X» بالأحمر، وطالب المئات في المظاهرة التي دعت لها لجنة التضامن الوطني الفلسطيني مع الثورات العربية، بعد ساعات من قصف البوارج السورية لمخيم الرمل في اللاذقية، برحيل الأسد.

وهتف الشبان ومعهم مثقفون وأكاديميون وشعراء: «الله.. سوريا.. حرية وبس، ويا بشار يا جبان ودي (أرسل) جنودك على الجولان، ويا بشار يا جبان يا عميل الأميركان، ومن بلدة ناصر لدير الزور الأسد لازم يغور».

ورفع المتظاهرون شعارات كثيرة، قال أحدها: «سوريا ليست غابة»، وقال آخر: «الشعب السوري ما بنذل، وعاشت سوريا ويسقط بشار الأسد»، كما طال الغضب الفلسطيني في رام الله فصائل فلسطينية، وحزب الله اللبناني، على دعمهم النظام السوري، وقالت لافتة كبيرة: «المقاومة التي تدافع عن نظام قاتل تفقد مصداقيتها».

وقال بيان للجنة الفلسطينية للتضامن مع الشعب السوري: «إن موقف الشعب الفلسطيني ينحاز بالكامل لثورة الشعب السوري في مطالبته المشروعة بكامل حقوقه المشروعة في الحرية والديمقراطية، وبالتحرر من نظام القمع والإجرام الذي ولغ في دماء إخوتنا في مختلف بقاع الأرض السورية الحبيبة».

واعتبرت اللجنة أن «المطالب الشعبية السورية بالتخلص من الفساد والقمع والاستبداد تعكس بالضرورة توقنا ذاته الذي نعيشه كفلسطينيين في التحرر، وإذ يتذرع النظام الذي سفك دماء أبنائه واستخدم القوة العسكرية لحماية النظام بدلا من حماية الوطن بأنه نظام يتعرض لمؤامرة خارجية بحجة انحيازه للمقاومة والممانعة فإننا نقول: فلسطين التي يذبحها الاحتلال الإسرائيلي لا تعول على نظام جزار يشرب من دماء المطالبين بالحرية على أرضه ولن يمر الطريق إلى فلسطين على أجساد وأشلاء إخوتنا في سوريا».

وأضافت اللجنة في بيانها: «الآن تكسر جدران الخوف، وتقرع جدران الخزان، ولن نشارك الصامتين جريمة الصمت، ونؤكد أن الفعاليات التضامنية ستستمر في دعم الثورة السورية العظيمة؛ لأن لفلسطين ولسوريا مطلبا واحدا بالحرية والكرامة والانعتاق». جاءت مظاهرة رام الله متزامنة مع أخرى في حيفا، بعد أسبوع من مظاهرة في الناصرة حملت عنوان «الصمت عار». وتظاهر الفلسطينيون في حيفا تحت عنوان «تحية فلسطينية للثورة السورية»، وهتف المتظاهرون بشعارات مماثلة للتي علت في رام الله.

ولم تغطِّ أصوات المتظاهرين في رام الله وحيفا على أصوات القذائف التي كانت تسقط على رؤوس إخوتهم في مخيم الرمل للاجئين الفلسطينيين باللاذقية الذي استمر وتصاعد بالأمس.

ولم تصدر السلطة الفلسطينية على الفور موقفا من قصف مخيم الرمل، وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، والناطق الرئاسي الرسمي، نبيل أبو ردينة، ووزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، والمسؤول الكبير، نبيل شعث، من دون أن تتمكن من الحصول على موقف.

الفلسطينيون في سوريا

* تشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وصل إلى نصف مليون لاجئ مسجل وفق سجلات «الأونروا» نهاية عام 2009، يعيشون في 13 مخيما لا تعترف وكالة الغوث إلا بـ10 منها.

ويشكل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ما نسبته 10% من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في العالم، يعيش منهم 27.1% داخل مخيماتها. وتستأثر دمشق بـ67% من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، يقطن أغلبهم في مخيم اليرموك الذي لا تعترف به منظمة «الأونروا» كمخيم، على الرغم من أنه يضم أكثر من 200 ألف فلسطيني؛ لأن له ما يشبه بلدية تابعة لدمشق، ويتوزع الباقي على مخيمات «السيدة زينب» (مخيم قبر الست) جنوب شرقي مدينة دمشق على طريق محافظة السويداء، ومخيم «جرمانا» جنوب شرقي مدينة دمشق على طريق المطار الدولي، ومخيم «خان دنون» جنوب مدينة دمشق على طريق أوتوستراد دمشق - درعا، ومخيم «خان الشيخ» غرب دمشق على طريق القنيطرة - هضبة الجولان، ومخيم «الحسينية» أقصى جنوب شرقي مدينة دمشق، ومخيم «السبينة» جنوب دمشق، ومخيم «الرمدان» شرق دمشق على طريق بغداد، ومخيمي «النيرب» و«عين التل» في حلب، و«مخيم الوليد» في حمص، ومخيم «العائدين» في حماه، ومخيم «الرمل» في اللاذقية.

وطبعا لا يقيم كل الفلسطينيين في هذه المخيمات، بل يتوزعون أيضا على تجمعات في دمشق وخارجها.

وتعود أصول 40% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى مدينة صفد، و22% إلى حيفا، و16% إلى طبرية، و8% إلى عكا، و5% إلى يافا، ومثلها إلى الناصرة، و4% إلى مدن الرملة واللد وبيسان، والمدن الأخرى.

كان قد وفد إلى سوريا في عام 1948 نحو 90 ألفا من اللاجئين الفلسطينيين، تركز معظمهم في العاصمة دمشق، وتوزع البقية على محافظات الشمال والوسط والجنوب السوري، وزاد العدد نتيجة الزيادة الطبيعية في نسبة الولادات إلى 126 ألف لاجئ عام 1960، ثم إلى 376 ألفا عام 1998، ووصل إلى 400 ألف نسمة عام 2000، ونحو 470 ألف نسمة عام 2008، وأكثر من نصف مليون الآن.