مدريد تقترح خطة للأزمة في سوريا تتضمن استضافة الأسد وعائلته

مسؤول إسباني زار دمشق سرا للتباحث حول نقل السلطة

TT

قالت مصادر إسبانية أمس إن رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو أرسل «سرا» مستشاره الخاص بيرناردينو ليون إلى دمشق ليقترح على الرئيس السوري بشار الأسد خطة للخروج من الأزمة، تتضمن استضافته وعائلته في البلاد.

وأفادت صحيفة «ال باييس» أن تركيا مطلعة على تفاصيل المبادرة. وقالت إن بيرناردينو ليون الذي يشغل كذلك منصب المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى المنطقة «ذهب إلى سوريا متخفيا» الشهر الماضي، واقترح مؤتمرا في مدريد بحسب مصادر قريبة من المبعوث، لوقف أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل المئات. وتابعت الصحيفة أن ليون سافر وحده واستخدم جواز سفر عاديا بدلا من الدبلوماسي، لكن يبدو أن المبادرة رُفضت بشدة.

وقال ليون عند عودته: «أشعر أن الأسد لن يتنازل عن أي شيء أساسي»، مضيفا: «إن الأشخاص الذين حاورتهم كانوا بعيدين جدا عن الواقع»، على ما نقلت الصحيفة عن دبلوماسي رفض الكشف عن اسمه. ورأى الدبلوماسي أن مقترحاته أبطلها قرار الأسد قمع المعارضة السورية التي تنادي بسقوط النظام.

ولم يقُم المبعوث بزيارة أي دائرة حكومية في دمشق، وهناك قابل مسؤولين سوريين، واستغل إحدى مناسبات تقديم التعازي لإحدى العائلات كي يجتمع سرا مع مسؤول على علاقة وثيقة بالرئيس السوري، لكنه لم يقابل بشار الأسد، حسب ما ذكرته المصادر المقربة من المبعوث الإسباني، على الرغم من أن مصادر أخرى تؤكد بأنه قابل أيضا الرئيس السوري. وحسب الصحيفة الإسبانية فإن ثاباتيرو كان حتى شهر يونيو (حزيران) على اتصال تليفوني مع الأسد، وهو ما شجعه على أن يرسل مبعوثا خاصا إليه، حاملا له اقتراحا يتكون من عدة نقاط، وهي: إيقاف عمليات القمع، وتوقيف بعض المسؤولين المباشرين بشكل صريح وواضح، وتنظيم مؤتمر وطني في مدريد لكل القوى السورية، لوضع الخطط العريضة لبرنامج انتقال السلطة، وتكوين حكومة انتقالية وبمشاركة شخصيات بارزة من المعارضة لتوجيه انتقال السلطة، ويشترك في المؤتمر أيضا تركيا التي تقود مع إسبانيا الدعوة لتحالف الحضارات. وتتضمن الخطة استضافة الرئيس الأسد وعائلته.

وحسب صحيفة «ال باييس» فإن أحد الدبلوماسيين الإسبان قال: «في ظني أنه لن يتم تقديم تنازلات رئيسية»، بعد أن استمع إلى كلمات المبعوث الإسباني التي ذكر فيها: «إن الذين تحاورت معهم بعيدون عن الواقع». وأضافت الصحيفة أن المبعوث الخاص اعتبر عمليات القتل التي مارسها الجيش أنهت فعالية هذه المبادرة، وأن المعارضة لا تريد غير إسقاط النظام، وإذا ما حصل هذا فإن إسبانيا مستعدة لمنح الأسد حق اللجوء السياسي، على الرغم من أنه لم يتقدم أحد بهذا الطلب، كما أنه لم يعرض أيضا، حتى الوقت الحاضر، حسب ما أشارت إليه مصادر دبلوماسية.

وهناك تاريخ طويل من طلب سوريين حق اللجوء السياسي في إسبانيا، يعود إلى الثمانينات، عندما وصل أعضاء من الإخوان المسلمين، وأيضا رفعت الأسد، عم الرئيس الحالي، وكان يشغل في السابق منصب نائب الرئيس السوري. ومن أجل المحافظة على مسالك للحوار مع نظام الأسد فإن الدبلوماسية الإسبانية من أكثر الدول الأوروبية حذرا في هذا المجال، فهي لم تستدعِ السفير الإسباني في دمشق، كما فعلت إيطاليا بداية هذا الشهر، ولم تدعُ إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كما أن بياناتها أقل حزما من بيانات عواصم الدول الأخرى، بما في ذلك بعض دول الخليج. وفي الوقت نفسه فإن إسبانيا وافقت على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في أربع مناسبات على نظام حزب البعث، وتشمل 35 من كبار الشخصيات وعددا من المؤسسات السورية، ولكن في بعض الأحيان كان اتخاذ القرارات صعبا، وكانت وزيرة الخارجية قد قاومت حتى يوم 23 مايو (أيار) على قبول أن يكون بشار الأسد ضمن قائمة الأشخاص المشمولين بالعقوبات.

وبشكل متوازٍ فإن وزارة الخارجية الإسبانية فتحت الشهر الماضي حوارا مستمرا مع المعارضة السورية، وإن المعارض المنشق هيثم المالح قد تم استقباله يوم 28 يوليو (تموز) من قبل المدير العام لشؤون منطقة البحر الأبيض المتوسط.