أوساط سياسية أردنية: التعديلات الدستورية المقترحة بداية حقيقية للإصلاح الشامل

الإخوان المسلمون يعتبرونها غير كافية

TT

شكلت التعديلات المقترحة على الدستور الأردني ارتياحا شعبيا متباينا بين الأوساط السياسية والأحزاب والنقابات مع تحفظ الحركة الإسلامية على بعض النقاط واعتبرتها غير كافية. ويرى سياسيون أن التعديلات الدستورية المقترحة تشكل بداية حقيقية للإصلاح السياسي والشامل، بعيدا عن الشكليات، خصوصا أن التعديل الدستوري الأخير (شمل 42 مادة من أصل 131)، تناول مفاصل أساسية وجذرية وجوهرية في الحياة السياسية.

لكن هؤلاء يدعون إلى فتح حوار وطني يشمل كافة الأطياف السياسية والناشطة، لمناقشة وتفحص التعديلات، كونها تمهد للدخول إلى مرحلة سياسية جديدة تعيد التوازن بين السلطات، وتعيد القوة للسلطة التشريعية، مستغربين لجوء البعض إلى إطلاق الأحكام المسبقة على هذه التعديلات، حتى قبل إعلانها أو تسريبها، خصوصا أن هذه التعديلات تجسد الهدف الحقيقي من الإصلاح وتؤسس لحالة سياسية متطورة.

يقول رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، النائب عبد الكريم الدغمي، إن «كل التعديلات تمثل نقلة نوعية متقدمة وخطوة إصلاحية مهمة في تاريخ المملكة، إذ لم يسبق أن جرت تعديلات دستورية بهذا الحجم والنوع والكم منذ إصدار الدستور عام 1952، حيث كانت التعديلات في أغلبها تطال مادة أو مادتين»، موضحا أن «التعديلات التي جرت على مر العقود حدت من صلاحيات وهيبة السلطة التشريعية لصالح السلطة التنفيذية».

ويضيف الدغمي نتطلع إلى إعادة التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

من جانبه، يصف الناشط السياسي خالد رمضان، ما رشح من نصوص للتعديلات الدستورية بأنها «ايجابية ومعقولة كمدخل من حيث المبدأ»، لكنه يؤكد أن عملية الإصلاح هي عملية شاملة ومتكاملة تبدأ من تعديل الدستور وتنتهي بقوانين الانتخاب والأحزاب وغيرها من الأنظمة»، لافتا إلى أن الإصلاح الدستوري هو المدخل الحقيقي للإصلاح وما سمعنا عنه من تعديلات يأتي ضمن إطار إيجابي، لكن الأهم من كل ذلك معالجة موضوع الفساد والفاسدين وإحالة القضايا إلى المحاكم المختصة وإصدار الأحكام فيها».

من جانبه، قال الكاتب ناهض حتر إن التعديلات المقترحة تشكل تقدما ملموسا على جميع الوثائق الدستورية الأردنية، بما فيها دستور 1952، خصوصا لجهة تحصين الحقوق السياسية والمدنية والحريات، بما في ذلك تجريم الاعتداء عليها أو انتقاصها، والحيلولة دون سن قوانين تحد منها، وتجريم التعذيب الجسدي والنفسي. وفي ما يتصل بالمجلس النيابي، أقرت اقتراحات اللجنة، صيغة دستور 1952، ولكنها قصرت عنها في نقطتين. فهي أعطت للملك حق تمديد ولاية مجلس النواب ما لا يقل عن سنة وما لا يزيد على سنتين، وكذلك حق تأجيل انعقاد الدورة العادية ما لا يزيد على شهرين. وهو ما ينتقص من المبدأ النيابي في الدورية الحتمية للانتخاب العام، ويحد من استقلالية مجلس النواب ويعطل أعماله.

من جهته، قال مدير مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان الدكتور نظام عساف إن هذه التعديلات أعادت كثيرا من دستور 1952 الذي كان أحد مطالب العديد من الحراك الاجتماعي والسياسي دون أن يقتصر على هذه المطالب.

وأكد أن التعديلات أخذت بأكثر من 80 في المائة من 30 توصية من 11 منظمة حقوقية في الأردن تم تقديمها للجنة الملكية لمراجعة نصوص الدستور.

في المقابل، يرى الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين جميل أبو بكر أن الحركة الإسلامية ترى أنها غير كافية، معتبرا أن ما يجري ترويجه أقل بكثير من مستوى مطالب وطموحات الشعب الأردني.

وأشار أبو بكر إلى أن الحركة الإسلامية تؤكد مطالبها بإحداث تغييرات في بنية النظام الأساسية تمكن الشعب من أن يكون مصدرا حقيقيا للسلطة.

وجدد مطالبة الحركة بمنظومة تعديلات دستورية وقانونية تهيئ لانتخاب برلمان يمثل الشعب الأردني وفقا لقانون عصري ديمقراطي يعتمد القائمة النسبية على مستوى الوطن بما لا يقل عن 50% بما يفضي إلى حكومة منتخبة.

ولكن أبو بكر استدرك قائلا إن هناك بعض التعديلات إيجابية مثل إنشاء محكمة دستورية ومحاكمة الوزراء وبعض المواد التي طالبت بها القوى الحزبية، مشيرا إلى أن الممارسة الفعلية تثبت جدية الحكومة في تنفيذ الإصلاح. من جانبه، قال رئيس الدائرة السياسية بحزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني أرشيد إن التعديلات «تعتبر بحكم الماضي إنجازا، لكنها بحكم الحاضر لا تعتبر كذلك».

وأضاف «لو صدرت هذه التعديلات قبل سنة من الآن لاعتبرت قفزة كبيرة نحو الإصلاح، لكنها بميزان اليوم تعتبر خطوة متواضعة ولا تلبي طموحات الشارع والقوى السياسية».

وحسب رأيه، فإن حجر الزاوية في التعديلات المأمولة هو أن يأتي رئيس الوزراء بإرادة شعبية والنص على ذلك صراحة في الدستور.

وأبقت التعديلات الدستورية صلاحية تعيين رئيس الوزراء بيد الملك الذي لمح في خطابه أمس إلى أن تشكل الغالبية البرلمانية الحكومة.

ومن المنتظر أن تحيل الحكومة الأردنية التعديلات المقترحة على الدستور إلى مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان لمناقشتها وإقرارها، حيث أمهل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني شهرا لإنجاز هذه التعديلات.