كاميرون: على بريطانيا أن تواجه هذا «الانهيار الأخلاقي» وشن حرب على عصابات الشارع

قال إن التوترات الطائفية والفقر وبرنامج التقشف الحكومي ليست الدوافع وراء أعمال الشغب

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يتحدث إلى سكان منطقة سالفورد عن أعمال الشغب (أ.ب)
TT

في أعقاب 4 أيام من أعمال الشغب التي خلفت 5 قتلى وآلاف المعتقلين الذين يواجهون اتهامات جنائية وخسائر في الممتلكات تقدر بما لا يقل عن 200 مليون جنيه إسترليني، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن على بريطانيا أن تواجه هذا «الانهيار الأخلاقي البطيء».

وأكد أن حكومة التحالف التي يقودها ستضع سياسات جديدة تعمل على معالجة ثقافة الكسل واللامسؤولية والأنانية التي يعتقد أنها هي المسؤولة عن الاضطرابات التي شهدتها بريطانيا.

كما تعهد بتشديد خطاب الوزراء والمسؤولين الذين زعم أنهم كانوا متراخين للغاية بشأن تقديم معايير أخلاقية قوية.

وأشار إلى أن حكومته لن تتردد في مناقشة مشكلات انهيار الأسرة أو النشأة الفقيرة أو في انتقاد الأفراد الذين يفشلون في تقديم مثال جيد لمجتمعهم.

وقال كاميرون، وسط حشد من المستمعين في مركز للشباب في وينتي، دائرته البرلمانية في جنوب إنجلترا: «كانت هذه دعوة للبلاد للاستيقاظ؛ فالمشكلات الاجتماعية التي تتراكم منذ عقود انفجرت في وجوهنا الآن. وكما أراد الناس منا الوقوف بحزم في وجه المجرمين، فهم يريدون منا أيضا معالجة هذه المشكلات والقضاء عليها».

وأصر كاميرون على أن التوترات الطائفية والفقر وبرنامج التقشف الحكومي ليست الدوافع وراء أعمال الشغب التي اجتاحت لندن والمدن الرئيسية الأخرى.

وأوضح رئيس الوزراء أن الجريمة وغياب المسؤولية الشخصية كانا السبب في وقوع هذه الاضطرابات، وتعهد بتدخل الحكومة لمساعدة الـ120 ألف عائلة الأكثر تضررا في البلاد قبل حلول الانتخابات العامة المقبلة في 2015.

وقال كاميرون: «أحد أهم الدروس التي تعلمناها من أعمال الشغب هذه هي أن علينا أن نجري حوارا صريحا عن السلوك ثم العمل؛ لأن السلوك السيئ وصل إلى أعتاب المنازل الإنجليزية. ولن نخجل من هذه الحقيقة بعد الآن».

وأضاف رئيس الوزراء، الذي وقف أمام رسم غرافيتي: «إن المجتمع البريطاني المدمر أسهم على مدى زمن طويل للغاية في ثقافة الكسل التي أباحت سوء الأخلاق وقوضت الانضباط الشخصي وثبطت البعض عن العمل الجاد». وسط هذا التجاهل من جانب المصرفيين وفضيحة النفقات التي تورط فيها عدد كبير من نواب مجلس العموم وفضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية، اعترف كاميرون بأن كل قطاعات المجتمع تتحمل اللوم في ذلك. وقال: «إن تراجع الأخلاق والسلوك السيئ لا يقتصران على عدد محدود في المناطق الفقيرة من مجتمعنا، بل يجب علينا في المكاتب العالية وغرف النوم الفخمة والوظائف النافذة أن نفكر في نوعية المثال الذي نقدمه للمجتمع».

من جانبه، أشار وزير العمل والمعاشات، إيان دنكان سميث، إلى أنه يدرس إمكانية قطع معاشات الرفاهية عن المشاركين في أعمال الشغب، بينما اقترح كاميرون طرد الأفراد الذين شاركوا في أعمال الشغب من المنازل المدعومة من الحكومة. على الجانب الآخر، انتقد إد ميليباند، زعيم حزب العمال، خطط كاميرون، وطالب المشرعين بعدم التركيز على اللوم، والتركيز على تقديم خدمات أفضل للشباب.

وقال ميليباند: «الأفكار التقليدية التي اعتاد السياسيون على الخروج بها - الإعلان عن مجموعة من التشريعات الجديدة، وتعيين مستشار جديد، والتخلي عن الضغائن القديمة والإجابات الضحلة - لن تلبي مطالب الشعب الإنجليزي». وتحدث ميليباند أمام مدرسته القديمة في كادمن بشمال لندن، القريبة من المكان الذي شهد أعنف أعمال الشغب في 8 أغسطس (آب) من سرقات المتاجر وتعرض الشرطة للاعتداء. وقال: «هل يهم ما إذا كان الشباب يشعرون بأن لديهم مستقبلا وفرصة أفضل في الحياة؟ نعم، يهم. وهل قضايا التعليم والمهارات وخدمات الشباب والوظائف قضايا ملحة ينبغي التعامل معها لإبعاد الشباب عن الانضمام إلى العصابات والجريمة والمسار الخاطئ؟ نعم، كلها أمور مهمة». وأوضحت مصادر في الشرطة أنها تمكنت من الكشف عن مخبأ للأسلحة وبضائع منهوبة تم دفنها في مشاتل للزهور في كادمن، وكان من بين المضبوطات سكاكين ومطارق وقضبان معدنية وخزينتان للنقد من متجر للدراجات بعد تمشيط الشرطة للمنطقة بأجهزة كشف معدنية.

وقال رئيس مفتشي الشرطة، إريك فيليبس: «هذه نتيجة مذهلة، فهناك الكثير من السكاكين التي كان من الممكن استخدامها كأسلحة مميتة والتي كان من الممكن أن تنتشر في الشارع».

كان عدة مئات من سكان برمنغهام، ثانية كبريات المدن الإنجليزية، قد خرجوا في مسيرات يوم الأحد تطالب بالسلام والوحدة العرقية في ذكرى مقتل 3 من الشبان الباكستانيين في أحداث الشغب التي شهدتها بريطانيا الأسبوع الماضي، وتشابكت أيدي الآسيويين والسود والبيض المحليين مع الشرطة خلال المراسم.

وقد وجهت شرطة برمنغهام اتهامات إلى شابين أحدهما في الـ20 والآخر في الـ17 بقتل هارون جهان، 20 عاما، وأخويه شازاد علي، 30 عاما، وعبد المصور، 31 عاما. وقد توفي الأشخاص الثلاثة بعدما صدمتهم سيارة كانت تسير بسرعة عالية وهم يحرسون متجرا في غرب برمنغهام، الواقعة على بعد 120 ميلا شمال غربي لندن.

أثار الهجوم المخاوف باندلاع حرب عصابات بين عصابات جنوب آسيا وعصابات منطقة الكاريبي لتحديد السكان راكبي السيارة بأنهم كانوا ذوي بشرة سوداء، لكن المناشدات العامة بعد الأخذ بالثأر، خاصة من طارق جهان، والد أحد الضحايا، ساعدت في تهدئة الموقف. كانت أعمال الشغب، التي غذتها عصابات إنجلترا، قد بدأت في 6 أغسطس وانتشرت في الكثير من المدن الإنجليزية. وقد وجهت إلى الشرطة انتقادات بالتباطؤ في الاستجابة لأعمال الشغب هذه، خاصة في لندن، لكنها نشرت أعدادا ضخمة من رجالها لقمع أعمال الفوضى. وقدرت رابطة شركات التأمين البريطانية تكلفة الخسائر والممتلكات المسروقة بـ200 مليون دولار، مع توقعات بارتفاع المبلغ الإجمالي. كما تستجوب الشرطة رجلين على خلفية الاتهام بإطلاق النار على شاب في الـ26 من عمره خلال أعمال الشغب في كرويدون، جنوب لندن. واعتقلت الشرطة، ليلة الأحد أيضا، شابا يبلغ من العمر 16 عاما على خلفية الشكوك بضربه مسنا يبلغ من العمر 68 عاما حتى الموت، عندما حاول إطفاء النار التي أشعلها مثيرو الشغب في إيلنغ، غرب لندن. وقامت الشرطة باعتقال مثيري الشغب وتم توجيه اتهامات لـ1200 شخص منهم حتى الآن، بتهم تتعلق بإثارة الشغب. وفتحت المحاكم أبوابها يوم الأحد للمرة الأولى في التاريخ الحديث في محاولة للحيلولة دون تكدس القضايا.