بدء التحقيق مع وزير الاقتصاد الفلسطيني في شبهات فساد

الحكومة تلتزم الصمت.. والوزير يلغي مؤتمرا صحافيا.. ومكافحة الفساد تقول: إنه بريء حتى يدان

TT

بدأت نيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية أول من أمس التحقيق مع وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة، بعد إحالته من قبل النائب العام الفلسطيني المستشار أحمد المغني للتحقيق، بشكل رسمي.

وتسلم أبو لبدة مذكرة استدعاء رسمية من النائب العام للحضور، أول من أمس، للتحقيق معه في القضية التحقيقية رقم 16|2011 في نيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية.

وفي الوقت الذي رفضت فيه الحكومة الفلسطينية التعقيب على القضية، أكد رئيس هيئة مكافحة الفساد في السلطة الفلسطينية رفيق النتشة بدء التحقيق مع أبو لبدة، لكن من دون اعتباره متهما، حتى انتهاء التحقيق.

وكان أبو لبدة، الذي نفى في بداية الأمر صحة الأنباء، ينوي عقد مؤتمر صحافي أمس لتوضيح موقفه، لكنه عاد وتراجع، وألغى المؤتمر من دون تبيان الأسباب. وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال هاتفيا بأبو لبدة غير أنه لم يجب على المكالمة، وقال مصدر حكومي: «إن الحكومة اتخذت قرارا بعدم التعقيب على قضية تنظر أمام النيابة أو القضاء، احتراما لسير العدالة». وكانت الحكومة الفلسطينية وافقت الشهر الماضي على رفع الحصانة عن وزيرين لديها، للتحقيق معهم في شبهات فساد. وقال رئيس الوزراء، سلام فياض، آنذاك: «إن الحكومة تتقبل مساءلة هيئة مكافحة الفساد لأي من أعضائها حسب القانون».

وأكد فياض أثناء استقباله رئيس هيئة مكافحة الفساد «أنه لم يكن لدى الحكومة، ولا أي من أعضائها أي تردد في التعاون لتسهيل عمل الهيئة في الماضي ولن يكون في المستقبل».

وكانت هيئة مكافحة الفساد طلبت سابقا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) رفع الحصانة عن وزيري الزراعة والاقتصاد للتحقيق معهما في قضايا فساد، فوافق أبو مازن الذي يقول: إنه لا أحد فوق القانون، بعد أن تعطلت جهود سابقة لبدء التحقيق مع الوزراء المعنيين، ومن ثم وافق فياض.

وقال النتشة، أمس، بخصوص بدء التحقيق مع أبو لبدة: «التحقيقات ما زالت في بدايتها» مؤكدا أنه في حال انتهاء الملف فسيتم الإعلان عن نتائجه.

وصرح مصدر رسمي في هيئة مكافحة الفساد أمس بأن كل من تجري معه التحقيقات يبقى بريئا إلى أن تتم إدانته من قبل المحكمة المتخصصة.

وبدأت قصة أبو لبدة عندما رفعت جمعية حماية المستهلك الفلسطيني في أول سابقة في عهد السلطة شكوى ضده شخصيا إلى هيئة مكافحة الفساد قبل نحو عام، فقررت الهيئة تحويل الملف للنيابة العامة. وقال رئيس الجمعية، عزمي الشيوخي لـ«الشرق الأوسط»: «سلمنا هيئة مكافحة الفساد عدة وثائق مهمة ولدينا وثائق أخرى». وأضاف «الوثائق التي سلمت تتضمن تجاوزات قانونية، واستثناءات غير قانونية، وجرائم اقتصادية ترقى إلى مستوى جرائم سياسية».

واتهم الشيوخي أبو لبدة بتجاوزات مختلفة، لها علاقة بمحاولة السيطرة بالاتفاق مع الإسرائيليين على أراض في جنين، واستثناءات لمنتجات مستوطنات يفترض أن تمنع من الأسواق الفلسطينية، وقضايا أخرى متعلقة بسوق الأوراق المالية. ولم يتسن التأكد من مصادر مستقلة حول هذه الملفات، غير أن الشيوخي نفسه قال: إنه يؤمن بأن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته».

وأضاف «نحن لا ندين أبو لبدة، نحن كجهة رقابية، نقلنا المعلومات لجهات الاختصاص، وننتظر، إذا كان بريئا فهذا يسعدنا، وإذا كان متهما فهذا يعني أننا ساهمنا في تنظيف جبهتنا الداخلية». وأردف «نريد أن تكون قلاعنا نظيفة».

ويتعامل الفلسطينيون بحساسية كبيرة مع قضايا متعلقة بالفساد الذي طالما أزكم الأنوف، وطالت شائعاته مسؤولين كبار سابقين وحاليين.

والشهر الماضي، نزل متظاهرون فلسطينيون إلى الشارع، بعدما فقدوا صبرهم تجاه الكشف عن أسماء متهمين والتحقيق مع آخرين.

واعتصم عشرات الناشطين ضد الفساد في رام الله أمام مقر مجلس الوزراء، في أول حراك شعبي من نوعه، بعدما ظلت هذه القضايا تتابع من خلال قنوات رسمية، مطالبين بمحاسبة «الوزراء والمسؤولين» المتهمين بشبهات فساد مالي وإداري.

وحمل المعتصمون شعارات تنادي برفع الحصانة عن متهمين بالفساد، من بينها «التستر على الفساد.. فساد»، و«نطالب بوقف جميع المشبوهين بالفساد عن العمل» و«الفساد هو الوجه الآخر للاحتلال» و«هدر المال العام أدى للأزمة المالية».