أحمد عكاشة لـ«الشرق الأوسط»: الرئيس السابق يعتقد أنه لم يخطئ وكان مغيبا عما يحدث حوله

مبارك في مرآة الطب النفسي عنيد

د. أحمد عكاشة
TT

قال خبير الطب النفسي الدكتور أحمد عكاشة الرئيس السابق للجمعية العالمية للطب النفسي، إن «الرئيس المصري السابق حسني مبارك لديه نوع من التعالي والغطرسة بحيث يعتقد أنه لا يخطئ أبدا، وأنه يعتبر نفسه مبعوث العناية الإلهية وأن مساءلته لا تأتي من الشعب، وإنما تأتي فقط من التاريخ والله».

وعلق عكاشة على مثول مبارك أمس للمرة الثانية في قفص الاتهام للمحاكمة في قضية قتل المتظاهرين وقضايا فساد مالي، وظهوره بشكل واثق ومتماسك، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن مبارك سيستمر في إنكاره ارتكاب أي جرائم بحق الشعب لأنه يعاني من الغطرسة الناتجة عن بقائه مدة طويلة في السلطة، معتبرا أنه شخص «عنيد» وأن ذكاءه «متواضع».

لكن عكاشة قال إنه يحلل هيئة مبارك كـ«محترف سلوك إنساني» وليس كطبيب نفسي، لأن أخلاقيات الطبيب النفسي، تفرض عليه ألا يحلل أي شخصية عامة أو سياسي دون أن يقوم بفحصه وإجراء الاختبارات العلمية الضرورية عليه، وأنه إذا قام بهذه الإجراءات بالفعل فإن مهنته تحتم عليه من الناحية الأخلاقية أيضا ألا يخبر أحدا بالنتائج.

وأكد عكاشة أن «مبارك ليس لديه أي مرض يحتاج إلى وجوده في قاعة المحكمة على سرير طبي نقال، فمن الممكن أن يأتي على كرسي متحرك.. لكنه يرغب في إثارة تعاطف الناس، وفقا لنصائح هيئة الدفاع له».

وحول ظهور مبارك داخل قفص الاتهام واثقا ومتماسكا قال عكاشة، إن «المكوث في السلطة المطلقة يجعل الإنسان لديه نوع من التعالي والغطرسة بحيث إنه لا يعتقد أنه يخطئ أبدا، وأنه مبعوث العناية الإلهية.. وأن المساءلة الخاصة به لا تأتي من الشعب، وإنما تأتي فقط من التاريخ والله». مشيرا إلى أن صورة مبارك تقول إنه «لا يتصور أنه أخطأ وأنه يتصور أنه أعطى ومنح لكن الناس لا تفهم».

وأوضح: هيئة مبارك وصورته تؤكد أنه ما زال في حالة ضبابية، وإنكار أنه قام بأي خطأ، فهو متعجب. ولسان حاله يقول «إيه اللي انتو بتعملوه ده.. أنا لم أفعل شيئا»، مضيفا، «مبارك ليس لديه وعي إطلاقا بحجم الفساد الذي شهده عصره، أعتقد أنه كان مغيبا عما يحدث حوله».

وقال عكاشة إنه «لا يوجد حاكم في العالم استمر 30 عاما ولا يرى شعبه إلا من خلال رجال الأمن»، موضحا أن خطابات مبارك الثلاثة أثناء الثورة وقبل تنحيه تدل على ذلك، كما أن مبارك رفض أن يخرج خارج البلد بعد أن تنحى وأصر على عدم الهروب، وعندما سألوه قال «إنه لم يفعل شيئا لكي يخرج».

وتوقع عكاشة أن يستمر مبارك في إنكاره ارتكاب أي جرائم بحق الشعب المصري، مؤكدا أنه يعاني من حالة غطرسة ناتجة عن بقائه مدة طويلة في الحكم، لافتا إلى أن مبارك كان يقول «أنا عندي دكتوراه في العند»، ومشيرا إلى أن العنيد زيادة عن اللازم يعتبر ذكاؤه متواضعا، لأن الذكي فقط هو الذي يغير رأيه». وأوضح أن «مبارك مستواه الأكاديمي وإنجازه متواضع، فهو حاصل على الترتيب قبل الأخير في دفعته في الكلية، وبالتالي ليس لديه عبقرية، لكنه كان ضابطا ملتزما منضبطا يفهم شغله ويطيع الأوامر».

واعتبر عكاشة أن وجود مبارك في قفص الاتهام ومحاكمته هو شيء فريد من نوعه، فمنذ حكم القدماء المصريين إلى الآن لم يحاكم زعيم مصري وهذه أول مرة، وهذا معناه أن المساءلة والمحاكمة ستصبح مسألة عادية بالنسبة له ولأي رئيس مقبل، وهذا ما يجعلنا نموذجا متميزا أمام كل الشعوب.