طهران تعلن معارضتها لأي تدخل أجنبي في سوريا وتعتبر الأزمة «شأنا داخليا»

صحف إيرانية تصب غضبها على أردوغان والعرب.. وأخرى إصلاحية: ربما حان الوقت لإعادة النظر في دعم الأسد

TT

جددت طهران رفضها أمس لما سمته بـ«التدخلات» في الشأن السوري في إشارة إلى الإدانات الدولية للقمع الذي تمارسه السلطات السورية ضد المحتجين المناوئين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. واعتبرت الجمهورية الإسلامية، التي كانت قد ساندت جميع الثورات العربية، عدا تلك في سوريا، تطورات الأوضاع لدى حليفتها دمشق بأنها «شأن داخلي».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي أن «الأحداث في سوريا شأن داخلي، ولا يمكن تبرير أي تدخل خارجي ولا يمكن إلا أن يؤدي إلى مشاكل كثيرة». وأضاف «أن المسؤولين الغربيين، لا سيما الأميركيين منهم، معتادون على التدخل في الشؤون الداخلية للدول ويستخدمون أي ذريعة لإرسال قواتهم العسكرية واحتلالها». كما شدد على أن التدخل الأميركي لن يؤدي إلا إلى مضاعفة «كراهية شعوب المنطقة» للولايات المتحدة.

كما دعا مهمانبرست أمس دول المنطقة إلى المساعدة في «إحلال الاستقرار في المنطقة وحل المشاكل بين الحكومة السورية والذين لديهم مطالب بالوسائل المناسبة». واتهم القادة الإيرانيون الغربيين بإذكاء الأحداث السورية واستغلالها ودعوا تكرارا نظام الأسد إلى إجراء الإصلاحات اللازمة لتجنب إطاحة الانتفاضة الشعبية به على غرار ما حدث في مصر وتونس.

من جهة أخرى، أفاد تقرير لوكالة رويترز أنه مع سحب عدد من دول الخليج سفراءهم من سوريا احتجاجا على العنف وقيام دول كانت مقربة يوما لدمشق مثل روسيا وتركيا بانتقاد النظام هناك بشدة، تصبح إيران هي البلد الكبير الوحيد الذي ما زال يدعم سوريا وتقول: إن أي شيء دون ذلك سيعني كارثة.

وكان علاء الدين بروجردي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإيراني قد قال في وقت سابق إنه «فيما يتعلق بسوريا فإننا نواجه خيارين.. الأول هو أن نضع سوريا في فم الذئب الذي يدعى أميركا ونغير الظروف بطريقة تجعل حلف شمال الأطلسي يهاجم سوريا.. وهذا يعني إضافة مأساة أخرى إلى مآسينا في العالم الإسلامي». وأضاف «الخيار الثاني هو أن نساهم في إنهاء الاشتباكات في سوريا.. مصلحة المسلمين تقتضي أن نحشد أنفسنا لدعم سوريا باعتبارها مركزا للمقاومة الفلسطينية»، ويصف الساسة والإعلام بإيران حكومة دمشق بأنها إحدى نقاط مقاومة إسرائيل.

وأكد رجل الدين آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي على هذه النقطة قائلا: «من واجب المسلمين المساعدة على تحقيق الاستقرار في سوريا في مواجهة مؤامرات أميركا وإسرائيل».

وفي حين أن الاضطرابات في سوريا لم تكن غائبة عن الذكر في إيران فإنها لم تلق على الإطلاق نفس القدر من الاهتمام مثل الثورات في مناطق أخرى بالمنطقة، وفي الأيام القليلة الماضية وبينما كانت وسائل الإعلام الغربية تتحدث عن ارتفاع عدد القتلى في سوريا رغم أنه غير مسموح لها بالعمل هناك ركز التلفزيون الإيراني على الاضطرابات في بريطانيا حتى أن الأمر بلغ ببعض الصحافيين الإيرانيين إلى حد وصف الوضع هناك بأنه «حرب أهلية».

وقالت صحيفة «قدس» الإيرانية اليومية المتشددة إن تركيا بدلا من أن تبدي دعمها لسوريا وإيران فإنها أذعنت للضغوط الأميركية. وكتبت في مقال افتتاحي «إذا لم تغير حكومة رجب طيب أردوغان نهجها السياسي إزاء سوريا فإن تركيا ستكون الخاسر الرئيسي في الأحداث السورية إذا خرجت دمشق من الأزمة الحالية».

ووجهت الصحف أقسى انتقادات للدول العربية التي انتقدت الأسد، وقالت صحيفة «سياست روز» في مقال افتتاحي «الطعن في الظهر أصبح عادة بين الدول العربية مثل الطريقة التي سبق أن خانت بها فلسطين وليبيا والعراق والسودان. والخيانة الحالية مع سوريا يجب ألا تحمل مفاجأة». وأضافت الصحيفة المحافظة «ما زالوا تحت وهم أن التحالف مع أميركا يمكن أن يساعدهم في الحفاظ على مؤسستهم ويعيد مكانتهم التي فقدوها في المنطقة».

وقالت صحيفة «أرمان» الإصلاحية اليومية إن «كل الدول التي تريد أن تسوي حساباتها مع إيران ستسعد لدخول إيران مثل هذا الصراع وبعدها - وباسم المجتمع الدولي - ستؤذي إيران». وأشارت الصحيفة إلى ضرورة إسراع الأسد بتنفيذ وعود الإصلاح السياسي لكن مع ارتفاع عدد القتلى هناك والذي قالت الصحيفة إنه بلغ 2000 «فإنه يبدو أن الوقت قد مضى بالنسبة لبشار الأسد للخروج من هذا الوضع الصعب»، وخلصت الصحيفة الإصلاحية إلى أن الوقت ربما يحين قريبا كي تعيد طهران التفكير في دعمها الشديد للأسد.