الرئيس الجيبوتي يزور مخيمات اللاجئين.. ومقديشو تستعد لاستقبال أردوغان

رئيس الوزراء التركي يصل الجمعة.. ويتناول الإفطار مع النازحين للفت الأنظار

رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله (يمين) والرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد خلال زيارتهما مخيما للنازحين قرب العاصمة مقديشو أمس. ودعا الصومال إلى تشكيل قوة لحماية المساعدات الغذائية التي تأتي في ظل أزمة الجوع التي تعانيها المنطقة (رويترز)
TT

وصل إلى العاصمة مقديشو صباح أمس الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، في زيارة مفاجئة لم يعلن عنها مسبقا، وهي الأولى من نوعها التي يقوم بها الرئيس جيلي إلى الصومال.

وتهدف زيارة الرئيس الجيبوتي إلى لفت أنظار العالم إلى المجاعة في الصومال، حيث زار مخيمات اللاجئين الواقعة جنوب العاصمة مقديشو، والمستشفيات، وعقد لقاء مع الرئيس الصومالي في القصر الرئاسي. واستغرقت الزيارة يوما واحدا فقط، كما زار الرئيس الجيبوتي عددا من المواقع في العاصمة. وتأتي هذه الزيارة قبل يومين من زيارة لافتة مرتقبة من قبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو وعائلتيهما، إلى مقديشو يوم الجمعة القادم. ومن المقرر أن تستغرق زيارة أردوغان لمقديشو يوما واحدا أيضا.

وأضافت مصادر في الحكومة الصومالية أن أردوغان والوفد المرافق له سيتناولون الإفطار مع عدد من الأسر في أحد مخيمات النازحين في العاصمة الصومالية، وسيتم بث هذا الإفطار على الهواء مباشرة إلى أنحاء العالم للفت الأنظار إلى مأساة ضحايا المجاعة في الصومال التي تتزايد أعداد المتأثرين بها يوما بعد يوم. وتسبق إجراءات أمنية مشددة زيارة رئيس الوزراء التركي، حيث يتم تأمين المسارات التي سيمر بها موكب أردوغان، وتحتفظ السلطات الصومالية بسرية تفاصيل المحطات التي سيزورها وفد أردوغان لأسباب أمنية، وتتولى حراسة الوفد قوات الاتحاد الأفريقي وأفراد من الأمن التركي المرافقين لرئيس الوزراء أردوغان. ومن المقرر أن يلتقي أردوغان الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد قبيل الزيارة في إطار مؤتمر دولي لجمع التبرعات للصومال يعقد في اسطنبول غدا الخميس. على الصعيد الإنساني، قالت الأمم المتحدة إن الأطفال في الصومال - التي تعاني حاليا من ظروف كارثية - يموتون نتيجة الجفاف والمجاعة بمعدل طفل كل 6 دقائق، وذلك نظرا لأن المساعدات القادمة إليهم تصل متأخرة بسبب الصعوبات الأمنية، وهذا يعني أنه يموت كل ساعة 10 أطفال صوماليين جوعا. وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن عشرات آلاف الأشخاص قضوا خلال الأسابيع الأخيرة بسب المجاعة، خاصة في المناطق المغلقة التي لا يمكن لوكالات الإغاثة الوصول إليها. وتحذر منظمات الأمم المتحدة من أن نحو مليوني طفل يواجهون خطر الموت جوعا، أو الإصابة بأضرار عقلية وبدنية دائمة بسبب الجوع، مشيرة إلى أن 29 ألف طفل قد توفوا بالفعل جراء المجاعة.

من جهة أخرى، كشف تحقيق أجرته وكالة «أسوشييتد برس» عن عمليات تحايل كبرى، وسرقة كميات كبيرة من المساعدات والمعونات الغذائية التي قدمت خصيصا إلى الشعب الصومالي المنكوب، وأنه يتم بيع هذه المعونات حاليا داخل أسواق مقديشو. ويقول التحقيق إن كميات كبيرة (ما يقرب من نصف المساعدات المرسلة مؤخرا للمناطق التي اجتاحتها المجاعة) تمت سرقتها. وأنه تنتشر في أسواق مقديشو أعداد هائلة وكميات كبيرة من المواد الغذائية التابعة لبرنامج الأغذية العالمي وبرنامج المعونة الأميركية، كما أن كميات أخرى من المساعدات الغذائية، منها مساعدات «كويتية»، تباع أيضا في الأسواق.

وأشار التحقيق أيضا إلى أن المساعدات لا تصبح آمنة بمجرد تسليمها إلى الأسر النازحة التي تعيش في المخيمات المنتشرة بالعاصمة مقديشو. ونقلت «أسوشييتد برس» عن أسر في مخيمات تديرها الحكومة أنهم أجبروا على إعادة المساعدات التي حصلوا عليها، وذلك بعد التقاط المصورين الصحافيين صورا لهم وهم يحملون هذه المساعدات. ويقول التقرير «حتى القليل من المساعدات الغذائية الذي يحصل عليه النازحون يتم انتزاعه من قبل الميليشيات وقطاع الطرق».

وبسبب الوضع الأمني غير المستقر لا يمكن للموظفين الأجانب الوصول إلى المناطق المتضررة، ويعتمدون على شبكة من وكالات الإغاثة المحلية لتوزيع المواد الغذائية فيها، كما أن طرق إمداد المساعدات غير آمنة، وتجعل المساعدات عرضة للسرقة والنهب. ويقول التحقيق كذلك إن هناك بعض الانحرافات، وإن رجال أعمال عديمي الضمير يستغلون هذا الوضع الذي تنعدم فيه الرقابة. وليست سرقة المساعدات الغذائية أو تحويلها من قبل المقاولين المتنفذين جديدة في الصومال، إلا أن هذا التحقيق الجديد يثير مخاوف كبيرة بشأن مدى استعداد وكالات الإغاثة والحكومة الصومالية لمحاربة الفساد وشن حملة ضد هذا التحايل.

وقال برنامج الأغذية العالمي إنه يحقق في مزاعم سرقة وتحويل المساعدات الغذائية، مشيرا إلى أنه لا يعتزم تقليص المساعدات المقدمة للصومال بعد ظهور المزاعم التي ترددت عن سرقة بعض المعونات الغذائية، لأن ذلك قد يؤدي إلى العديد من الوفيات غير الضرورية بسبب المجاعة. وأفاد البرنامج باحتمال وقوع عملية سرقة للمواد الغذائية، وأنه يجري تحقيقا في الأمر. وقال متحدث باسم برنامج الغذاء إن البرنامج لم يجد دليلا حتى الآن على عمليات تحايل كبرى، مشيرا إلى أن البرنامج يقدم 5 آلاف طن من المواد الغذائية شهريا للصومال، وأنه من غير المنطقي أن تجري سرقة نصف هذه الكمية لأن ذلك يستدعي مساعدة لوجيستية كبيرة.

وأشار البرنامج أيضا إلى أنه وضع نظاما صارما للمراقبة والسيطرة على عملياته في الصومال، إلا أنه وبسبب انعدام الأمن في بعض المناطق وصعوبة الوصول إليها فإن طرق إمداد المساعدات تبقى عرضة للسرقة والاعتداءات.

واستنكرت الحكومة الصومالية بشدة أي تحويل للمعونة الغذائية، وقالت في بيان «الحكومة الانتقالية الصومالية تعتقد أنه ليس هناك دليل قوي للادعاءات والمزاعم بشأن حجم السرقة والتحويل الذي كشفت عنه وكالة (أسوشييتد برس)». وأضاف البيان «حتى وسائل الإعلام نفسها تعترف بأنها لا تستطيع التحقق من أرقامها، ونحن نحقق في هذه التقارير، وملتزمون بتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة».