أول امرأة تترأس مجلس مدينة نيويورك تتطلع إلى العمودية

كريستين كوين ابتسم لها الحظ السياسي.. والعمدة الحالي بلومبيرغ يدعمها لخلافته

كريستين كوين
TT

كانت تتجول في مركز رئيسي في هارلم، حينما طلب منها سكوت برايت، حارس أمن متقاعد سنه 67 عاما يرتدي قميصا مزركشا، أخذ صورة معها. وقال عندها الرجل: «إنها الشخص المناسب! العمدة القادم!».

وبعد لحظات، حينما أصبحت كوين، رئيسة مجلس مدينة نيويورك، بعيدة عن مدى السمع بشكل آمن، اعترف برايت أنه لم يكن يتقبلها بدرجة كبيرة في البداية. لكنه قال: «بدأت أعجب بشخصيتها بمرور الوقت»، نظرا لأن «كثيرا من الساسة يقرأون من النص. أما عنها، فلا ينطق لسانها إلا بما تؤمن به فحسب، حتى وإن اختلفت معها فيه».

لقد ابتسم الحظ لكوين هذا الصيف على المستوى السياسي، بينما تضع أسس الحملة الانتخابية لشغل منصب عمدة نيويورك لعام 2013. فقد لعبت دورا في منع تسريح المعلمين وإغلاق محطات الإطفاء، كما دافعت بقوة عن شرعية زواج المثليين. ويرى أحد المتنافسين المحتملين في سباق الترشح لمنصب عمدة نيويورك، أنتوني دي وينر، أن آماله في الفوز بهذا المنصب قد تبددت جراء فضيحة الرسائل الإلكترونية الفاضحة التي أجبرته على الاستقالة من الكونغرس.

وفي الوقت الحالي، يعيد كثير من الناخبين تقييم كوين، التي ظهرت على المشهد العام بوصفها ناشطة من تشيلسي تميل إلى تيار اليسار، ولكنها الآن تجذب نطاقا أوسع من جمهور الناخبين. فمن خلال زيادة الدعم المقدم لها من قبل أحد مجتمعات الأعمال الذي كان غير مستقر من قبل، استطاعت كوين جمع أموال تفوق ما جمعه كل المرشحين المحتملين الآخرين، فضلا عن أنها تحظى بمباركة العمدة مايكل بلومبيرغ بشكل واضح.

وبالنسبة لمنتقديها، تعتبر نائب العمدة لمجلس المدينة، تابعة لبلومبيرغ وخائنة لوعودها للعاملين في قطاع الأعمال. كما أن تأييدها لإنهاء العمل بقانون حدود مدة الوظيفة للسماح لأصحاب المناصب بالاستمرار في مناصبهم لـ3 فترات، وهي خطوة دفع لتحقيقها بلومبيرغ، يلاحقها أينما ذهبت.

وقال نورمان سيغل، المحامي في اتحاد الحريات المدنية: «ثمة تساؤل خطير ومهم بشأنها، لأن السؤال أصبح هو: من هي كريستين كوين؟ وما الشيء الذي تؤمن به، إن وجد بالأساس؟».

غير أنه بالنسبة لمحبيها، فقد نضجت كوين كمسؤولة في المدينة، وأظهرت ثباتا عمليا، بالإضافة إلى إلمام كامل بالأمور. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، دعيت إلى الغداء في مطعم «براسيري» مع ريتشارد بارسون، رئيس مجلس إدارة «سيتي غروب»؛ وفي الشهر الماضي، كانت ضيفة الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، في احتفال لمؤسسة «روكفلر» الخيرية.

وقال تيم زاغات، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمؤسسة «غازات سيرفاي»: «منذ 10 سنوات، كان من الممكن أن يقول الناس عنها إنها نموذج لليبرالية من وسط المدينة. الآن، أعتقد أن الناس يعتبرونها شخصية صلبة مسؤولة. لقد عملت بشكل جيد مع مايك، وربما يكون وجود خلاف بين مجلس المدينة والعمدة، ولكن بشكل متحضر، ومع استمرار التعاون في ما بينهما، نموذجا جيدا يحتذى به بالنسبة للساسة في واشنطن». وأضاف: «ذكرني هذا بأن علي أن أرسل لها شيكا».

ولا تعتزم كوين (45 عاما) الاعتذار عن اتجاهها إلى الوسط، وضربت عرض الحائط باتهامات منتقديها بوصفها «ساذجة». وقالت: «هناك أمور محدودة جدا في الحياة يمكن فيها القول إن هناك ملائكة وشياطين. فعادة ما تكون كل الأمور أكثر تعقيدا من ذلك». وبعدها، تحدثت بلكنة الطبقة العاملة في لونغ آيلاند قائلة: «إذا كنت شخصا يتمتع بموهبة أو مهارة واحدة فحسب، فلن تتمكن من تحقيق أي إنجاز. ولماذا في مدينة عظيمة ومتنوعة الأعراق مثل هذه تريد أن تكون هناك أي مجموعة من الناس لا تلتقي أو تعمل معهم أو تحاول فهمهم؟ اللعنة على ذلك!».

وفي الأسابيع الأخيرة، كانت تجوب المدينة - حيث زارت مكاتب 3 موظفين مكتبيين في أول يوم أصبح فيه زواج المثليين قانونيا، وتحدثت مع أصحاب مشاريع صغيرة في لونغ آيلاند وكوينز وهارلم، كما شاركت في مظاهرة لعمال «فيريزون» في مانهاتن. أحيانا كانت تدون الكثير من الملاحظات، وتجري مناقشات مفصلة حول جوانب غير قانونية وتعيينات في مناصب مهمة. وفي أحيان أخرى، كانت تربت على ظهر أو كتف الحاضرين، مقهقهة بينما كانت تتفوه بأجزاء مقتبسة من الحلقات التلفزيونية «لاف بوت»، و«آي لاف لوسي»، و«إف تروب».

وهي معروفة بضحكتها الرنانة، وتعترف أنها باتت قوية. وقالت: «كنت امرأة عنيفة وشجاعة طوال حياتي». لم تخجل كوين مطلقا من المشاركة في الأحداث الساخنة. فكعازفة بالصف السابع في مدرستها الكاثوليكية في غلين كوف في نيويورك، نظمت فريقا للضغط بشأن الزي الموحد. وفي كلية ترينيتي في هارت فورد، جمعت توقيعات لرفع عريضة لمجموعة مركز أبحاث السياسة العامة في كونكتيكت، ونامت في أكواخ مناهضة لسياسة التمييز العنصري. وفي إحدى مباريات كرة القدم ضد ويسليان، خاطرت بدخول منطقة الخصم فقط لتنسكب الجعة عليها.

«كانت معروفة بالطبع بحماسها»، هكذا قال مارك بالادينو، زميل دراستها الذي يعمل الآن مساعد محام في ستاتين آيلاند.

وبعد تخرجها، عملت كوين في «جمعية الجوار وتطوير الإسكان»، وضغطت على إدارة العمدة، إدوارد كوش، من أجل توفير المزيد من المساكن للسكان محدودي الدخل.

كان اقتحامها مجال السياسة نقطة تحول طبيعية تالية، وفي عام 1991، أدارت حملة مجلس المدينة لتوماس كيه دوان، الذي أعلن إبان ذلك السباق أنه قد أصيب بفيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز). وفي عام 1999، حينما أصبح دوان سيناتور الولاية، حصلت كوين على المقعد، بدعم من حزب الأسر العاملة الجديدة.

وأثناء الفترة الأولى لبلومبيرغ في منصبه، تحالفت كوين مع غيفورد ميلر، رئيس المجلس المناهض بعنف لبلومبيرغ وأصبحت «واحدة من الأشواك التي تقض مضجع العمدة»، حسب قول إدوارد سكايلر، نائب سابق للعمدة. وعارضت جهود العمدة لبناء ملعب في ويست سايد وألقت كلمة في سيتي هول تسخر فيها من موقفه «الريائي» من زواج المثليين (الذي يؤيده الآن بشكل صاخب).

غير أن كوين أثبتت أنها سياسية بارعة. فقد أتت ذات مرة بشوربة دجاج لفيتو لوبيز، رئيس الحزب الديمقراطي في بروكلين، وقتما كان مريضا. وهي تقوم بعرض على مسرح «برودواي» كل عام مع فريق «بلونكيتس»، الفريق الشهير الذي يتألف من أم وابنتها والتابع من ديمقراطيي كوينز. وفي عام 2006، فاقت الكثير من منافسيها دهاء مما ممكنها من الفوز بمنصب رئيسة مجلس المدينة، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب.

قررت أن تكون رئيسة مختلفة عن ميلر. ففي بداية تقلدها منصبها، اجتمعت كوين ورئيس طاقم عملها تشاك ميرا، على مائدة غداء مع سكايلر ومستشار آخر رفيع للعمدة، هو كيفين شيكي. وقال سكايلر: «يمكنك أن تكون السياسي الهجومي - الذي يحرز نقاطا دون أن يحقق أي إنجاز ملموس - أو يمكنك أن تقرر إتمام الأمور على الوجه اللائق، وقد اختارت الخيار الثاني».

وقامت كوين أيضا بربط علاقات أحسن مع القياديين من رجال الأعمال. ووقعت سالي سوسمان، وهي مدير تنفيذ بمؤسسة «بفيزر»، التي تعد واحدة من الداعمين الأساسيين للحزب الديمقراطي لكنها لم تنخرط سابقا في حملات العمودية، على اتفاق لتمويل حملة كوين. وقالت سوسمان إنها انضمت إلى حملة كوين بعد أن سمعتها في واحدة من الفعالية، تقول إنها لا تريد أن تكون سياسية من نوع «جبنة سويسرا» تضيف الاستثناءات لتمرير القانون. وقالت سوسمان: «إنها لا تتنافس على عمودية بلدة غرينيتش وإنما على أكبر مدينة في العالم». وأضافت: «مثل غالبية السياسيين الناجحين، كريس تتبع نهجا ناضجا وبراغماتيا وترتبط بجمهور أوسع».

* خدمة «نيويورك تايمز»