واشنطن تسعى للضغط على الرئيس السوري اقتصاديا وتعتبر النظام مفلسا

دعوات لعقد دورة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان

TT

رغم جهود عدة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإصدار قرار من مجلس الأمن يدين العنف في سوريا ويضغط عليها، لم يخرج من الأمم المتحدة حتى الآن سوى بيان رئاسي لم يكن شديد اللهجة. إلا أن مصادر أميركية رسمية تؤكد لـ«الشرق الأوسط» مواصلة جهودها لدى مجلس الأمن بالتعاون مع حلفاء أوروبيين من أجل دفع تحرك أشد تجاه الأسد.

وبينما ترتكز الاستراتيجية الأميركية في الوقت الراهن على عزل نظام الرئيس السوري بشار الأسد وزيادة الضغوط عليه للكف عن استخدام القوة المفرطة ضد معارضيه، هناك وعي أميركي بضرورة حشد دعم عربي وإقليمي ودولي لتلك الجهود. وشرحت مصادر أميركية رسمية مطلعة على الملف السوري لـ«الشرق الأوسط» الاستراتيجية الأميركية، وهي العمل على كافة الأصعدة الثنائية والجماعية في هذا السياق. كذلك التركيز على قطع الإمدادات المالية لنظام الأسد، كي تعطل العمليات العسكرية،.

وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية: «نتشاور بشكل وثيق مع الكثير من الحلفاء والاتحاد الأوروبي على الإجراءات المالية والدبلوماسية التي ستزيد الضغوط على نظام الأسد ليتوقف عن العنف الوحشي ضد الشعب السوري». وبالإضافة إلى الاقتراب من فرض العقوبات على قطاع النفط والغاز التي تعتبر جوهرية في الضغط على نظام الأسد، تسعى واشنطن لإقناع دول أوروبية وإقليمية بالتوقف عن أي استثمارات في سوريا في الوقت الراهن. بهدف دفع رجال الأعمال والتجار السوريين بإبعاد أنفسهم عن النظام ووقف الدعم له.

وبينما لم تطالب الإدارة الأميركية تنحي الأسد حتى الآن، إلا أن الإدارة الأميركية باتت تنظر إلى نظام الأسد بأنه «مفلس» بحسب المصادر الأميركية. وهناك جهود لإقناع حلفاء واشنطن الآخرين بذلك، بينما الجهود الفورية ترتكز على وقف أعمال العنف.

وشدد مسؤول أميركي رفيع المستوى على أن «المشكلة الأساسية هي أن الأسد لديه آلية واحدة – فقواته الأمنية ليس لديها تدريب في تقنيات ضبط الحشود فهم يطلقون النار للقتل». واعتبر المسؤول أنه: «إذا أراد الأسد نتيجة مختلفة، هناك حل واحد هو سحب الجيش وقوات الأمن الاستخباراتية والقوات الإضافية إلى ثكناتهم وإبقاؤهم هناك».

ومن جهة اخرى دعت الدول الأوروبية والولايات المتحدة وعدد من الدول العربية أمس لعقد دورة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تخصص للوضع في سوريا، على ما أفاد دبلوماسيون لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال دبلوماسي أوروبي إن «هذا الطلب سيقدم رسميا مساء (أمس) من أجل عقد دورة خاصة لمجلس حقوق الإنسان الاثنين». وطلب عقد دورة خاصة لمجلس حقوق الإنسان إجراء غير اعتيادي، وقدمته عشرون دولة، أي أكثر من الثلث الضروري لدعوة الأعضاء الـ47 في المنظمة التي تتخذ مقرا لها في جنيف، للاجتماع.

وقال دبلوماسي: «علينا إبقاء الضغط بسبب تدهور الوضع» في سوريا، مشيرا إلى أن «جميع دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية؛ منها الكويت، على توافق». ومن المتوقع أن يتفق أعضاء المجلس على قرار يدين القمع في سوريا ويطالب بفتح تحقيق حول أعمال العنف التي ترتكبها القوات السورية بحق المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد.

وكان مجلس حقوق الإنسان أدان سوريا خلال دورة خاصة في 29 أبريل (نيسان) الماضي لفتح النار على متظاهرين سلميين وطالب بفتح تحقيق بشأن جرائم أخرى يشتبه في وقوعها.

من جهته، يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا خاصا اليوم لبحث حقوق الإنسان والوضع الإنساني الطارئ في سوريا، بمشاركة المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي.

إلى ذلك، قال مسؤول رفيع في الأمم المتحدة أمس إن المنظمة الدولية سحبت العاملين غير الأساسيين من سوريا التي يسعى فيها الرئيس بشار الأسد إلى القضاء على انتفاضة مستمرة منذ خمسة أشهر على حكمه. وقال منسق الأمم المتحدة الخاص بلبنان مايكل ويليامز في تصريح لـ«رويترز» إن 26 من العاملين غير الأساسيين وأسرهم غادروا سوريا. وقال ويليامز أيضا إنه «قلق بشدة» من الوضع في اللاذقية حيث يقول نشطاء إن 36 شخصا قتلوا في عملية عسكرية تستهدف أجزاء من هذه المدينة الساحلية منذ يوم السبت.

جاء ذلك في وقت أعلن فيه رئيس المجموعة الروسية العامة «روسوبورون إكسبورت» أن روسيا لا تزال تزود سوريا بالسلاح على الرغم من الضغوط الدولية التي تطالبها بوقف صادرات الأسلحة إلى دمشق. وقال أناتولي إيسايكين، بحسب ما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس» للأنباء: «ما دام أنه ليست هناك عقوبات ولا أمر من الحكومة، فإننا ملتزمون الوفاء بتعهداتنا التعاقدية؛ وهذا ما نفعله في الوقت الحالي». وأضاف إيسايكين خلال مؤتمر صحافي في المعرض الدولي للطيران في يوكوفسكي قرب موسكو: «سلمنا (دمشق) ونسلمها طائرات (إياك 130) ومعدات عسكرية».

وكان المسؤول الروسي يرد على سؤال لصحافي عما إذا كانت موسكو ستنفذ عقود الأسلحة الموقعة بينها وبين دمشق. والأسبوع الماضي دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الشركاء التجاريين لسوريا إلى وقف تبادلاتهم مع دمشق.