هدم وإحراق منازل واعتقال المئات في حي الرمل باللاذقية.. وتطويق مخيم للفلسطينيين في حمص

الجيش يعود إلى دير الزور بعد إعلان انسحابه منها.. وحملة الاعتقالات تصل إلى دمشق

اعتصام للمثقفين في إدلب أمام نقابة الصيادلة أمس في صورة مأخوذة من الإنترنت
TT

رغم إعلان القوات السورية انسحابها من اللاذقية أمس، فقد أكد ناشطون تواصل العمليات العسكرية والأمنية في المدينة، كما عادت الدبابات إلى مدينة دير الزور بعد أن كانت أعلنت انسحابها منها. وفي الوقت نفسه صعدت قوات الأمن حملتها العسكرية في مدينة حمص والبلدات المحيطة بها، كما وصلت حملة الاعتقالات إلى العاصمة دمشق. ويبدو أن استهداف مخيمات الفلسطينيين بدأت تتوسع إلى خارج اللاذقية لتصل إلى حمص وحماه.

وسجلت حصيلة جديدة من القتلى أمس، إذ أكد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أن 8 أشخاص قتلوا حتى الظهر في أنحاء البلاد، منهم اثنان في اللاذقية و4 قتلى في الحولة، وقتيل في حمص وآخر في حماه.

وفي اللاذقية، أكد المرصد أن أكثر من 700 عنصر أمن ينفذون منذ صباح أمس حملة مداهمة للمنازل، وقال: إن مواطنين اعتقلوا من خلال قوائم في حي الرمل الجنوبي في اللاذقية التي تشهد وضعا متفجرا منذ أيام. وأشار إلى «استمرار إطلاق الرصاص الكثيف في معظم الأحياء المعارضة للنظام حتى الساعة الرابعة فجرا. وكشف عبد الرحمن أن «قوات الأمن اعتقلت أول من أمس أكثر من 400 شخص وزجتهم في المدينة الرياضية والملاعب ودور سينما في اللاذقية».

ولفت إلى «وقوع جرحى إلا أن الأهالي يخشون من إسعافهم إلى المستشفيات خشية الاعتقال».

وأشار عبد الرحمن إلى حالات هدم لمنازل ومحال تجارية في حي مسبح الشعب والغراف «بحجة أنها عشوائية».

وأكد اتحاد تنسيقيات الثورة السورية من جهته على تواصل إطلاق النار بعد منتصف ليل أمس في المدينة الساحلية، خصوصا في أحياء الحرش وشارع ميسلون والصليبة والشيخ ضاهر. وتحدث اتحاد التنسيقيات عن إحراق منازل كل من عائلة البوبلي والعوضي والدسوقي، وكلهم فلسطينيون من حي الرمل. وأضاف الاتحاد أنه يتم «استخدام سيارات الإسعاف من قبل الأمن والشبيحة في التنقل وإطلاق الرصاص كما حدث في حي الرمل ويحدث اليوم في حيي الصيداوي وبستان الليمون».

من جانب آخر أكدت مصادر محلية إقامة حاجز جديد لقوى الأمن على الطريق الواصل بين أريحا وقرى سرجة وبزابور في محافظة إدلب المجاورة لمحافظة اللاذقية، وذلك بعد ليلة دموية شهدتها قرى جبل الزاوية، لا سيما أن غالبية سكان الرمل الجنوبي يتحدرون بأصولهم من جبل الزاوية ويتقاسمون الرمل الجنوبي مع الفلسطينيين المقيمين في المخيم.

وكانت وكالة الأنباء السورية (سانا) قد نقلت عن مصدر مسؤول قوله إن قوات الأمن «اعتقلت عددا من المسلحين وفككت عبوات ناسفة وألغاما زرعتها جماعات وصفهم بالإرهابيين في شوارع حي الرمل». كما أعلنت وزارة الداخلية السورية انتهاء العملية الأمنية في حي الرمل الجنوبي، وقال العميد محمد حسن العلي مدير إدارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية في تصريح رسمي إن «قوات حفظ النظام مدعومة بوحدة من الجيش أنهت مهمتها في حي الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية بعد أن وضعت حدا للمجموعات الإرهابية المسلحة». وأوضح أن هذه «الوحدة من الجيش باشرت خروجها من حي الرمل الجنوبي بعد أن أتمت مهمتها وبدأ الحي يستعيد عافيته كما بدأ المواطنون فيه يزاولون حياتهم الطبيعية التي عكرت صفوها ممارسات تلك المجموعات الإرهابية المسلحة».

وفي حمص، قال سكان في حي النازحين إنهم سمعوا أصوات انفجارات هناك، ورجحوا أن تكون قنابل صوتية بهدف بث الذعر بين الأهالي، حيث تم تطويق حي النازحين وفيه مخيم فلسطيني، وجرت عملية تمشيط واسعة للبيوت واعتقالات شملت العشرات من السكان. ومخيم اللاجئين الفلسطينيين ظل خارج دائرة الاحتجاجات طيلة الأشهر الأولى، ولكن منذ نحو شهرين حاول شباب فلسطينيون إسعاف جرحى من المصابين إلى مستشفى البر، فقامت قوات الأمن بإطلاق النار عليهم ما جعل شرارة الاحتجاجات تمتد بين الشباب الفلسطينيين الذين كانوا يتعاطفون مع المتظاهرين دون مشاركة فعلية. وفوجئ أهالي حمص يوم أمس بقيام قوات الأمن والجيش بتطويق المخيم بشكل كامل.

وفي تطور لافت في سياق محاصرة المخيمات الفلسطينية، أعلنت السلطات السورية عن ضبط سيارتين محملتين بأسلحة مهربة شمال غربي مدينة حماه، أي في المنطقة التي يقع فيها مخيم للاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي أثار توجس ناشطين، وكتب أحدهم في صفحته على موقع «فيس بوك» محذرا من أن يكون الهدف من وراء بث هكذا خبر، التمهيد لعملية أمنية وشيكة في المخيم في حماه.

وفي دير الزور، عادت الدبابات إلى الشوارع بعد أن كانت السلطات السورية أعلنت عن مغادرة قوات الجيش للمدينة من مدخليها الجنوبي والشمالي الشرقي ظهر أول من أمس. وقال مسؤول عسكري سوري للصحافيين إن «القوات خرجت بعد إتمام العملية مباشرة» وهي القضاء على «المجموعات المسلحة»، موضحا أن «هذا الخروج نهائي ولا عودة للجيش أبدا» إلى دير الزور، إلا أن أحد سكان دير الزور أكد يوم أمس أن الدبابات في دوار الحلبية ودوار المعامل، فيما قال ناشطون في دير الزور في وقت سابق إن الدبابات لم تنسحب وإنما تمركزت في مواقع مخفية بعيدا عن الأماكن التي زارها الإعلاميون في الرحلة التي نظمتها السلطات للإعلاميين يوم الثلاثاء. وأكد الناشطون أن الدبابات تمركزت داخل موقع الدفاع المدني وخلف كراجات البولمان وفي معسكر الطلائع وفي معسكر الصاعقة وداخل موقع الإطفائية ومرأب مديرية الكهرباء في الصالحية وفي اللواء 137 وداخل الكتيبة السابعة وفي مقري الأمن السياسي والأمن العسكري وفي المطار وعند الكورنيش القديم وبجانب السكن الشبابي. وقالوا: إن هناك حواجز أمنية على جميع مداخل المدينة مع وجود لوائح بأسماء المطلوبين.

وتحدث اتحاد تنسيقيات الثورة السورية عن «عودة الحواجز الأمنية والدبابات للكثير من المناطق داخل المدينة»، وقالوا: إن الأمن نفذ حملة اعتقالات كبيرة في منطقة المطار القديم، أسفرت عن تكسير وحرق الكثير من البيوت والمحلات واعتقال العشرات.

وفي دمشق، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «قوات أمنية كبيرة نفذت حملة مداهمات للمنازل» فجر أمس، في حي ركن الدين في دمشق، الذي يعيش فيه أغلبية كردية، مشيرا إلى أن العمليات تركزت في «الحارة الجديدة التي قطع التيار الكهربائي عنها». وأسفرت الحملة عن اعتقال عشرات النشطاء، بحسب عبد الرحمن. وذكر مدير المرصد أن «عناصر أمنية اقتحمت مساء أمس (أول من أمس) بلدة معضمية الشام الواقعة في ريف دمشق وداهمت المنازل والمزارع واعتقلت 5 نشطاء». وتابع أن «الأجهزة الأمنية اعتقلت عشرات النشطاء عصر ومساء الثلاثاء خلال حملات مداهمة في الزبداني وحرستا وعربين في ريف دمشق».

وقال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن هناك «انتشارا أمنيا كثيفا جدا في حي ركن الدين وسط دمشق، وإن ألفي عنصر أمن مدججين بالسلاح دخلوا إلى الحي بعد صلاة الفجر وقاموا بعمليات مداهمة واقتحام وكسر أبواب البيوت واعتقال السكان، كما امتدت المداهمات لحي الصالحية».

وفي محافظة إدلب، شمال غربي البلاد، قتلت رصاصة رجلا كان يقف في شرفة منزله، بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكانت قوات تنفذ غارات داخل المنطقة في ذلك الوقت.

وفي حمص، استيقظ الأهالي على عمليات اقتحام ومداهمة واعتقالات واسعة، وأكدت مصادر محلية مقتل الطفل خالد بن أحمد السليمان البالغ من العمر 14 عاما عند اقتحام إحدى المزارع في منطقة دير بعلبة. وقالت المصادر إن شخصين آخرين أصيبا أيضا. وفي مدينة حمص أعلن ناشطون عن اعتقال الشيخ منير حوري زاده، وقالوا: إن الشيخ سبق واعتقل في مارس (آذار) الماضي لأنه منع رجال الأمن من دخول جامع خالد بن الوليد بأحذيتهم وقد تعرض لتعذيب شديد. وشهد حي عشيرة يوم أمس إطلاق نار كثيف خلال حملة مداهمات واعتقالات جرت ظهر يوم أمس وكما تم إطلاق نار كثيف في حي الخالدية مع حملة مداهمات، وتخريب للمحال التجارية ومحال الغذائيات واعتقالات عشوائية في الشارع. وكذلك كان الأمر في حي بابا عمرو وباب تدمر وقال ناشطون إن عمر إبراهيم الزعبي 27 سنة متزوج ولديه طفل صغير تم إطلاق النار عليه وهو خارج من عمله في حي الأرمن.

وفي سهل الحولة القريب من مدينة حمص، شنت قوات الأمن حملة واسعة ترافقت مع إطلاق نار، وتم اعتقال العشرات من الشباب من قرى الحولة الشرقية (عقرب وطلف وبرجقاعيا وحربنفسه) بينهم مصابون، وقال ناشطون إن عدد المعتقلين تجاوز الـ300 معتقل. وأشار ناشطون إلى أنه بعد ظهر يوم أمس شوهد فريق من التلفزيون السوري في شوارع خالية في منطقة الحولة والتقطوا صورا تؤكد خلوها من الجيش وتظهر أن الحياة طبيعية لتكذيب كل ما يرد من أنباء عن محاصرة الحولة.

وجاءت هذه الحملة على عدة أحياء في مدينة حمص بعد يوم من خروج متواصل للمظاهرات في تلك الأحياء بعد صلاتي التراويح والفجر وخلال يوم أمس حيث تحدى المتظاهرون قوات الأمن وخرجوا بالقرب من الساعة الجديدة. أما المظاهرة الأكبر في حمص فكانت يوم أول من أمس بعد التراويح في حي الإنشاءات، حيث غنى المتظاهرون «يا ماهر البس البدلة وتعال عملك بحمص فتلة والله لنطعميك قتلة ويلا ارحل يا بشار»، وذلك ردا على ما أشاعه مؤيدو النظام عن تهديد ماهر الأسد للمتظاهرين بالقول: إنه «ما زال يرتدي بيجامة الرياضة ولم يلبس بعد البزة العسكرية».