المستشار مصطفى عبد الجليل لـ «الشرق الأوسط»: ساعة الحسم تلوح في الأفق.. ونأمل أن نصلي عيد الفطر في طرابلس

رئيس المجلس الانتقالي الليبي: لا أتمنى أن أكون الرئيس المقبل لليبيا.. ولا أسعى للرئاسة مطلقا

مصطفى عبد الجليل
TT

قال المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، إن نظام العقيد معمر القذافي بدأ يتهاوى، وإن ساعة الحسم تلوح في الأفق بعد التقدم العسكري الكبير الذي حققه الثوار في مواجهة قوات العقيد خلال الأيام القليلة الماضية.

وأوضح عبد الجليل في حديث أدلى به لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقره في مدينة بنغازي بشرق ليبيا في ساعة مبكرة من صباح أمس، أن قوات الثوار تتجه لتطويق طرابلس من مختلف الجهات، متوقعا أن يقدم القذافي على حرق طرابلس وتحويل معركة تحريرها إلى مجزرة بعد تلغيم وشوارعها ومنشآتها الحيوية والاستراتيجية.

وأضاف عبد الجليل أن سكان طرابلس وثوارها في الداخل سينتفضون ضد القذافي في أي لحظة عندما تحين ساعة النهاية بالنسبة للنظام.

ومع أن رئيس المجلس الانتقالي نفى حدوث لقاءات رسمية بين المجلس ونظام القذافي، إلا أنه أكد أن المجلس مستعد للحوار على رحيل القذافي وأسرته حقنا للدماء وللحفاظ على مقدرات الشعب الليبي. وقال عبد الجليل إن القذافي لا يرغب في التنازل عن «عرش الخلود»، الذي يعتليه منذ عام 1969، إلا بكارثة ستكون وبالا على القذافي وأفراد عائلته. وفيما يلي نص الحوار:

* ما آخر التطورات العسكرية الآن على الطريق إلى طرابلس؟

- أولا لا بد من توجيه التحية للشعب المصري البطل ولقراء صحيفة «الشرق الأوسط» التي أنا من قرائها، ثانيا نحن بفضل الله نضيق الخناق على مدينة طرابلس من خلال ثوارنا في منطقة الجبل الغربي وفى صرمان والزاوية وأيضا من الجهة الشرقية لطرابلس. مدينة مصراتة تزحف غربا ناحية زليتن ثم الخمس وبدأت الانشقاقات في صفوف أتباع القذافي، وخرج الكثير من قادة الجيش وأتباعه وخرج عدد كبير من عائلته وبدأت تلوح في الأفق ساعة الحسم بإذن الله تعالى.

*هل تتوقع أن تكون السيطرة على طرابلس معركة بسيطة أم مجزرة بسبب المخاوف من تلغيمها؟

- أولا كل شيء بإرادة الله، والعلم عند الله سبحانه وتعالى، ولكن متوقع من سلوك القذافي أنها ستكون مجزرة حقيقية.

* بماذا تنصح الثوار في حالة دخول طرابلس؟

- الثوار موجودون داخل العاصمة طرابلس وسيثورون من داخل طرابلس، ولكن لدينا بعض الاحتياطات والتحوطات التي نقوم بها، ونأمل أن يوفقنا الله سبحانه وتعالى، للحفاظ على الكثير من المنشآت والمنافع الاستراتيجية داخل المدينة.

* يقوم القذافي بتخويف الليبيين في طرابلس من الثوار، ويقول إنكم سوف تغتصبون النساء إذا دخلتم؟

- هو دائما يقول هذا في المدن والقرى وكل الأماكن، ولكن نحن نطمئن إخوتنا في طرابلس أننا قادمون لفك الحصار عنهم، وأيضا الثوار سيثورون من داخل طرابلس، ويقومون باستقبالنا بعد انكسار شوكة القذافي.

* فهمت من تصريحاتك الأخيرة، أنك تطلق رصاصة الرحمة على أية مفاوضات من أي نوع مع نظام القذافي.. لماذا؟

- طبعا مرحلة التفاوض يجب أن تكون عن طريق المجلس الوطني الانتقالي، ونحن لا علم لنا بأي تفاوض، ونحن مستعدون للتفاوض إذا كان هذا التفاوض يبدأ برحيل معمر القذافي وأبنائه، وذلك حقنا للدماء وللحفاظ على مقدرات الشعب الليبي، ولكن نحن في هذه المرحلة بالذات ليست لدينا أية معلومات عن مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.

* هل صحيح أن بعض الناس، ربما يكونون من المحسوبين وليسوا أعضاء المجلس الانتقالي، التقوا من تلقاء أنفسهم مع بعض أتباع القذافي؟

- أعتقد هناك بعض الوطنيين الليبيين الموجودين في تونس تقابلوا ليس مع أعوان القذافي، وإنما تقابلوا مع السيد عبد الإله الخطيب، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وتحدثوا في ردهات أحد الفنادق ولكن المطالب كانت بالدرجة الأولى هي رحيل القذافي. وهذه كما قلنا مطالب شعبية وجماهيرية.

* لكنك قمت بقطع أي خط رجعة على مهمة الخطيب، لماذا؟

- السيد عبد الإله الخطيب لم يأت بما يحقق رغبة الثوار في ليبيا، وبعد هذه المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من عشرين ألف شهيد وأكثر من سبعين ألف جريح ونحو مائة ألف مفقود، لم يبق في وسع الليبيين أن يتفاوضوا إلا على رحيل القذافي وأبنائه، هذا مطلب أساسي، وأي مبادرة تبدأ بهذا المطلب نحن لا نرفضها، ولكن السيد الخطيب دائما كل مبادراته لا تحمل هذا المطلب، وهو طبعا لم يلتق بالقذافي وقابل أبناءه وحاشيته، وطوال هذه المدة التي زار فيها ليبيا ثلاث أو أربع مرات لم يقابل القذافي.

* هل كانت جولاته مجرد استعراض سياسي لا يحمل في طياته أي جدوى إيجابية؟

- مادام أنه لم يقابل القذافي فإنه لم ولن يحصل على أية نتيجة تتعلق برحيل القذافي، فرحيله لا يقره إلا هو نفسه، ولا يستطيع أي كان أن يقرر نيابة عن القذافي مسألة الرحيل لأنها مسألة تخصه هو ذاته.

* هل تعتقد أن القذافي قد تنتابه الرغبة في الخروج في هذه اللحظة؟

- لا أعتقد أنه لديه الرغبة في الخروج، هذا بالنسبة له عرش من الخلود لا يمكن أن يتخلى عنه بسهولة. فهو يريد أن يخرج بكارثة، وهذه الكارثة ربما ستكون عليه وبالا هو بالدرجة الأولى وأسرته أيضا وأتباعه، وهو لا يستطيع الخروج لأنه مطلوب من كل دول العالم. إرهابه ونزواته الشخصية طالت كل الناس في أي مكان.

* قيل إنه يحاول أن يخرج أسرته بشكل آمن إلى جنوب أفريقيا؟

- المعلومات المبدئية غير المؤكدة أن بعض أفراد أسرته نقلوا إلى تونس.

* هناك حديث أيضا عن نقل أموال، هل هذا صحيح؟

- نعم نقلت أموال ضخمة إلى جنوب أفريقيا.. أموال نقدية سائلة وأخرى من الذهب.

* بالتأكيد أنتم كمجلس انتقالي لن تتركوا هذه الأموال لدى الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما؟

- هذا أمر الآن سابق لأوانه. نحن الآن في مرحلة تحرير.. عندما نخلص الشعب الليبي من هذا النظام الذي جثم على صدره وأخذ كل محتوياته وبعثر كل عائداته النفطية.. عندما نخلص الشعب الليبي أولا، فلكل حادث حديث.

* هل تفضل أن يقتل القذافي في معركة أم يحاكم مثلما يحاكم الرئيس المصري المخلوع حسنى مبارك؟

- نحن لسنا دمويين ولا نريد الحرب، نحن نطالب بحقوقنا، وفرض علينا القتال. نحن لا نتمنى أن يموت القذافي أو غيره، ونتمنى أن نقوم بمحاكمته أمام العالم وفقا لما تمت به محاكمة باقي الرؤساء.

* أنت لا تخاف على مستقبل ليبيا في غياب نظام القذافي إذن؟

- بالعكس تماما، أنا مستبشر بمستقبل ليبيا في غياب القذافي.

* لماذا لم تأت إلى مصر حتى هذه اللحظة؟

- لم توجه لي أي دعوة رسمية من المجلس العسكري المصري. أنا سعيد أن أكون بين أهلي في مصر، ولكني أقدر الموقف الذي عليه المشهد السياسي في مصر. نحن نعلم جيدا أن هناك بعض الرعايا الموجودين في طرابلس، وربما أي حرج سياسي سيكون له تأثير على هؤلاء، والتأثير على هؤلاء سيكون له انعكاسات سلبية على الشارع المصري وميدان التحرير بالدرجة الأولى، ونحن نقدر كل ذلك ونحتفظ بودنا للشعب المصري والحكومة المصرية.

* لكن يبدو أن العمالة المصرية في ليبيا تستخدم فزاعة ضدكم وليس في صالحكم؟

- صحيح، طبعا أنت تعلم جيدا كيف كانت تتم معاملة العمالة المصرية في ظل نظام القذافي، وكان يستعمل هذه الفزاعة، ويقفل الحدود، ويشترط شروطه. ونحن نعلم أن ليبيا هي الرئة التي تتنفس بها العمالة المصرية، وهى العمالة المريحة بالنسبة لليبيين خاصة نحن في شرق البلاد.

* هل سيدفع المصريون ثمنا لتذبذب مواقف المجلس العسكري في حالة ما بعد القذافي؟

- لا هذا غير وارد مطلقا، نحن لدينا جغرافيا وتاريخ مشترك، وصلات رحم، ولا يمكن لأي موقف سياسي عارض أن يؤثر على هذه العلاقات بأي حال من الأحوال.

* ومع ذلك، هل ستحتفل بالعيد في طرابلس؟

- كل شيء بإرادة الله وكل شيء علمه عند الله سبحانه وتعالى ونتمنى ذلك.

* إذن المعركة لا تبدو سهلة مع أن النظام يقترب من نهايته؟

- طبعا ليست سهلة، وهو يفعل أشياء ربما تعلن عن نهايته.

* هل تتوقع أن يقدم على إحراق طرابلس؟

- من خلال معرفتي به وسلوكه، أتوقع ذلك ولا أستبعده.

* كوزير سابق للعدل وقاض، إذا مثل أمامك القذافي كمتهم ما الحكم الذي ستحكم به عليه؟

- أنا أتمنى أن يحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية ولا يحاكم أمام الليبيين لتحقق الحيادية، ولكن إذا مثل أمامي، فإن الذي سيحكم عليه هي أفعاله عندما قتل ألفا ومائتي شخص خلال 3 ساعات.. أفعاله عندما أسقط طائرة رحلة لوكيربي، وأفعاله المتمثلة في إعدام ضباط القوات المسلحة والطلبة والمعارضين له في شهر رمضان المبارك.. أفعاله هي التي ستحكم عليه ولست أنا من سيحكم عليه.

* إذن الإعدام لا يكفى كعقوبة في هذه الحالة؟

- لا، هو العقاب الأوفى عند الله.

* أنت مستبشر بمستقبل الدولة الليبية، على أي أساس تبني هذا التفاؤل؟

- أنا مستبشر بمستقبل ليبيا لأن عوائد النفط الليبي والأموال المجمدة حاليا خارج ليبيا وصلت إلى أكثر من مائة وستين مليارا.. هذه الأموال عندما توظف بشكل صحيح لمصلحة الشعب الليبي سيكون هناك مستقبل مشرق لكل الليبيين ولكل جيرانهم ولكل المسلمين والعرب.

* هل ستنتهي مهمة المجلس الانتقالي مع إسقاط نظام القذافي؟

- ربما يستمر المجلس الوطني الانتقالي فترة محدودة لا تجاوز ثمانية أشهر وفقا للدستور المؤقت الذي تمت صياغته خلال هذين اليومين، وبعد ذلك سينتخب مؤتمر وطني سيقود البلاد لدستور دائم وانتخابات برلمانية ورئاسية لتولي الرئيس المقبل بعد ذلك.

* ماذا إذا طلب منك وأنت لك كل الشعبية والجماهيرية أن تكون رئيس ليبيا التالي؟

- أنا لا أتمنى ذلك.

* ربما يراك البعض الأجدر بها؟

- لكل حدث حديث، نحن نقود مرحلة نضالية للإطاحة بمعمر القذافي.

* ربما لاحقا تفكر في ترشيح نفسك إذا ما طلب منك ذلك؟

- لا. نحن في النطاق الذي وضعناه لن يسمح لأي من أعضاء المجلس بالترشح لأول حكومة منتخبة.

* لكن في العالم العربي حتى الدساتير لا تحترم؟

- لكن هناك آراء نابعة من القلب والضمير يحترمها من يقولها.

* أذكر لك مقابلة مع موقع إلكتروني بمسقط رأسكم في مدينة البيضا أنك كتبت فيها تحرض ضمنيا الشباب على الثورة ضد القذافي؟

- وأنا كتبت للشباب ولكن لولا الثورتين في مصر وتونس للإطاحة بنظامي الرئيسين حسني مبارك وزين العابدين بن علي لما وصلنا إلى ما نحن عليه.

* تعنى أنك تشكر المصريين والتونسيين؟

- يا سلام، طبعا، ونحن نعطي الريادة للإخوة في مصر وتونس، وأشكر للشعب التونسي والمصري تمهيدهما للثورة الليبية، لأنه لولا نجاح هاتين الثورتين لقمعت الثورة الليبية في مهدها.

* ما قصة الاحتجاجات التي تطالب في بنغازي بإقالة نائبكم عبد الحفيظ غوقة؟

- نحن عندما وضعنا الدستور المؤقت، طالبنا فيه بشيئين اثنين؛ هما أن المجلس الوطني الانتقالي لن يستمر أكثر من ثمانية أشهر، المدة المقررة له، بعدها يقال وينتخب مؤتمر وطني، وأن أعضاء المجلس الوطني لن تكون لهم أية مكانة في أول حكومة منتخبة. خرج غوقة باعتباره الناطق الرسمي، والدكتورة سلوى الدغيلي، وقاما بالترويج لهذه الوثيقة في مؤتمر صحافي فظن الناس أن هذه الآراء آراء غوقة والدكتورة الدغيلي، ولكنى أقول إنها آراء المجلس الانتقالي وليس رأي غوقة والسيدة سلوى. نحن نتحمل هذه المسؤولية، والناس تتخوف من أية انتخابات في ظل انتشار السلاح بين عامة الناس.

* إذن السيد غوقة ما زال مستمرا ولن يستقيل ولن يقال؟

- غوقة ليس مسؤولا عن الذي حدث؛ فالبيان نابع من المجلس الانتقالي ورغبة وإرادة المجلس الانتقالي وليس من السيد غوقة وحده.

* من قتل اللواء عبد الفتاح يونس القائد العام سابقا لهيئة أركان جيش الثوار؟

- هي مؤامرة على الثورة، أنا لا أصفها بأقل من ذلك، لا يمكن لأي شخص قلبه وروحه مع الثورة أن يرتكب هذا الفعل بهذه الكيفية، وفي هذا التوقيت حتى لو كان يونس قد ارتكب أغلب الجرائم المزعومة. المسألة كانت فاجعة ولطمة حقيقة للثورة، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى نحن الآن في المرحلة الأخيرة للوصول للحقيقة.

* هل كان لديك شخصيا أي شك في وطنية اللواء يونس؟

- أبدا أبدا، لم ينتبني شك في ذلك على الإطلاق.

* هل اقترب الإعلان عن تشكيل حكومة محمود جبريل؟

- بإذن الله خلال أسبوع من اليوم (أمس).. بإذن الله تعالى.