نواب عراقيون لـ «الشرق الأوسط» : رواتبنا فساد «مُشَرْعَن».. والأحزاب «المتغانمة» على السلطة سببه

صباح الساعدي: أموال الدولة تذهب إلى جيوب أحزاب وأشخاص > محمود عثمان: أميركا أفسدتنا

TT

وصف نواب بارزون في البرلمان العراقي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، غداة إقرار البرلمان خفضا لرواتبهم، ما يتقاضونه بأنه «فساد مُشَرْعَن» وتتحمل مسؤوليته الأحزاب «المتغانمة» على السلطة.

وقال صباح الساعدي، النائب المستقل وعضو لجنة النزاهة البرلمانية: «إن أموال الدولة تذهب إلى جيوب الأحزاب والشخصيات السياسية بدلا من أن تذهب لإصلاح أوضاع المواطن العراقي الذي يعاني من نقص حاد في الخدمات وسوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية». وأضاف أن «من حق الشعب العراقي أن يعرف مصادر تمويل الأحزاب والشخصيات السياسية، فنحن عندما نتحدث عن أن رصيد حزب الدعوة يبلغ سبعة مليارات دولار، مثلا، أو أن حركة الوفاق أو التحالف الكردستاني يملك كهذا المبلغ، فيجب أن نعرف مصادر هذه الأموال»، مشيرا إلى أن «هناك أحزابا عادت إلى العراق بعد 2003 وهي لا تملك بدل إيجار لمقراتها، لكنها اليوم تملك أرصدة مالية هائلة وعقارات ضخمة وفضائيات، ولم يسألها أحد عن مصادر أموالها هذه».

بدوره طالب عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني الدكتور محمود عثمان بأن «يكون هناك سلّم رواتب معقول في الدولة وفق بيان يصدر عن وزارة المالية يخفض الفروقات بالرواتب بين موظفي الدولة الاعتياديين ومن يشغل الدرجات الخاصة، أي أن يخفضوا الرواتب العالية ويزيدوا الرواتب المنخفضة أصلا لموظفي الدولة»، مشيرا إلى أنه «ليس من المعقول أن يحدد مجلس النواب الراتب الذي يتقاضاه أعضاؤه وذات الشيء بالنسبة لمجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية». وقال عثمان إن «هذه الرواتب هي عبارة عن فساد (شرعي) مُشَرْعَن»، منبها إلى أننا «لا نستطيع أن نقارن هذه الرواتب بالفساد الناتج عن العقود التجارية أو مخصصات الإيفادات والسفر». واتهم بول بريمر، الحاكم المدني الأميركي للعراق، والإدارة الأميركية بـ«إفساد السياسيين العراقيين من خلال ضخ كميات كبيرة من الأموال والإنفاق على عقود بملايين الدولارات لم ينتج عنها سوى الفساد»، مشيرا إلى أن «أبرز ما قام به بريمر لإفساد السياسيين والرؤساء هو تخصيص رواتب عالية جدا لهم واختراع ما يسمى بالمنافع الاجتماعية لإفساد العراقيين»، منوها بأن «العراقيين فاسدون والأميركان مفسدون، وهم من ساهموا في زيادة الفساد».

من جهته يرى البرلماني السابق إياد جمال الدين، رئيس كتلة أحرار، أن «الحل ليس في خفض رواتب الموظفين ذوي الدرجات الخاصة وإنما في امتصاص البطالة»، مشيرا إلى أن «هناك 5 ملايين موظف في الدولة العراقية، ولا يمكن أن يكون كل الشعب عالة على الدولة وموظفين فيها، فمهما كان العراق غنيا فإنه لا يستطيع أن يوظف كل العراقيين». وقال إن «رواتب أعضاء البرلمان العراقي هي أقل من نظرائهم في الدول المجاورة»، موضحا أن «مخصصات ورواتب أعضاء البرلمان يجب أن تكون عالية حتى يستطيع النائب أن يفكر بحرية ويتخذ القرارات، وأن تخصص له الحماية في بلد غير آمن، كما أن الحديث عن رواتب البرلمانيين أو الوزراء ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في العراق مبالغ فيه، إذ إن راتب مدير قناة فضائية أو بنك أو شركة في الخارج أكثر من راتب رئيس وزراء العراق».

وحول ما كان قد قاله جمال الدين في حديث إعلامي قبل أيام ببغداد من أن راتب البرلماني هو «سحت» حرام، علق قائلا: «كان ذلك من باب التهكم السياسي كون البرلماني غير فاعل، وهذا ليس بسبب قصور منه وإنما بسبب التركيبة السياسية التي تختصر الكتلة البرلمانية برئيسها بينما لا حول ولا قوة لعضو مجلس النواب».

إلى ذلك، استبعد كاوه محمود، وزير الثقافة والرياضة والشباب والمتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أربيل أمس، أن «يشمل قانون تخفيض الرواتب برلمانيي ووزراء الإقليم؛ كون رواتبنا هي في الأصل أقل من رواتب نظرائهم ببغداد، كما أن الوزراء في الإقليم كانوا قد خفضوا رواتبه بنسبة 10 في المائة لصالح عائلات الشهداء».

وبموجب قانون تخفيض رواتب البرلمانيين والوزراء الذي صوت له البرلمان العراقي أول من أمس فإن الراتب الشهري للنائب أصبح عشرة ملايين دينار (نحو 8500 دولار)، بينما بات راتب الوزير ثمانية ملايين (نحو 6800 دولار)، وإن التخفيض يشمل أيضا رواتب أصحاب الدرجات الخاصة ووكلاء الوزراء بنسب تتراوح بين 30 و23 في المائة. علما بأن هناك فريقا لحماية كل نائب يتكون من 30 شخصا.