مجلس شورى الدولة يثير بقراره إعادة الوزراء «المرشقين» إلى البرلمان جدلا سياسيا

كيان غامض رافق كل مراحل الحكم في العراق.. وخبير قانوني لـ «الشرق الأوسط»: قراراته ملزمة

TT

في الوقت الذي أثار فيه القرار الأخير الذي اتخذه مجلس شورى الدولة في العراق، القاضي بعودة وزراء الدولة المرشقين إلى مقاعدهم البرلمانية التي فقدوها بعد استيزارهم جدلا سياسيا، فإنه فتح ملف هذا المجلس الذي تبدو سلطاته ومهامه غير واضحة ويحيطها الغموض، فضلا عن مدى إلزاميتها عند التطبيق، على الرغم من أن تسميته تذهب إلى ما هو استشاري فقط، فطبقا لسلسلة الإجراءات والقرارات التي يتخذها، والتي تجيء دائما على شكل استفسارات من جهات رسمية عليا في الدولة، فإن الجهات المسؤولة كثيرا ما تأخذ بها بسبب عدم وجود المحكمة الدستورية.

ومجلس شورى الدولة الذي تأسس في نهاية ثلاثينات القرن الماضي، والذي رافق كل أنظمة الحكم في العراق، كان يحمل اسم «ديوان التدوين القانوني» حتى عام 1979، حيث تم تغيير اسمه إلى «مجلس شورى الدولة»، وفقا للقانون رقم 65، وهو جهة قضائية مستقلة مهمتها مراجعة القرارات الحكومية، وكذلك تجديد القانون في حال ورود نصوص غير معرفة قانونا في السابق.

ويقول الخبير القانوني طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في الوقت الذي تختص فيه المحكمة الاتحادية العليا بتفسير مواد الدستور المختلف عليها، فإن مجلس شورى الدولة يختص بتفسير القوانين، بالإضافة إلى تدقيقها ومعالجة النصوص التي تقدمها الجهات المسؤولة في إطار صياغات قانونية بحتة». وأضاف أن «مثل هذه الهيئة القانونية غير موجودة في الأنظمة الأنجلو – ساكسونية، مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، ولكنها موجودة في الأنظمة التي تأخذ بالقضاء الفرنسي». وأوضح أن «الجهات الرسمية العليا في الدولة عندما تريد إصدار قانون أو تشريع، فإنها قبل البت فيه ترسله إلى مجلس شورى الدولة لبيان الرأي فيه وصياغته بشكل أصولي، ومن ثم يصبح قابلا للتشريع»، مشيرا إلى أن «مهمات هذا المجلس تتباين بين الرأي والتفسير والتدوين والصياغة، وترتبط به محكمة القضاء الإداري، وهي المحكمة التي يطعن فيها حين يحصل هناك إشكال قانوني، بينما يطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا حين يكون هناك إشكال دستوري».

وحول القرار الأخير الذي اتخذه مجلس شورى الدولة فيما يتعلق بإعادة الوزراء المرشقين إلى مقاعدهم النيابية، قال حرب: «إن هذا القرار مرتبط بالقانون رقم 6 الخاص باستبدال الأعضاء الذي صدر عام 2006، وحين أرسلت رئاسة البرلمان استفسارا إلى مجلس شورى الدولة باعتبار القضية قانونية، فإن القرار الذي أصدره هذا المجلس يعتبر قانونا صحيحا وهو ملزم أيضا». وحول التوصيف الوظيفي له، قال حرب: «إن مجلس شورى الدولة الذي يرأسه مستشار قانوني بدرجة وكيل وزارة، ويضم أعضاء تختلف تسمياتهم من مستشار إلى مستشار أول إلى مساعد مستشار، هو هيئة مستقلة غير مرتبطة بوزارة، ولكنه لا يعامل معاملة الهيئات المستقلة التي استحدثت حديثا؛ لأنه قديم أولا ولأنه هيئة قانونية بحتة ولا تخضع لأية سلطة أو جهة». واعتبر حرب أن هذا المجلس لا يزال «المرجع الأعلى للقرارات الحكومية التي لا تستغني عنه أي حكومة، كما تم تأسيسه بالقانون رقم 65 لسنة 1979 النافذ المعدل كما أسلفنا، ويمثل قمة هرم القضاء الإداري في العراق، وله فلسفته الخاصة في تنظيم وتقييم اتجاهات الإدارة في السلطة التنفيذية».

ومن بين أشهر القرارات التي اتخذها مجلس شورى الدولة خلال السنوات الأخيرة عدم جواز تنفيذ أحكام الإعدام من المحكمة الجنائية العليا دون صدور مرسوم جمهوري، وذلك وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية لعام 2007 المعدل، وكذلك القرار الذي اتخذه، مؤخرا، الخاص بإعادة وزراء الدولة ممن شملوا بالترشيق إلى مقاعدهم النيابية، الأمر الذي أثار ولا يزال يثير جدلا قانونيا وسياسيا، في وقت اعتبر فيه رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، خالد شواني، في تصريحات صحافية أن «مجلس شورى الدولة لم يكن موفقا في اتخاذ قرار عودة الوزراء المرشقين إلى مقاعدهم النيابية، وهو غير آبه أيضا بما يحصل من مشكلات سياسية». وأوضح شواني أن «قرارات مجلس شورى الدولة هي على سبيل المشورة وليس لها صفة إلزامية».