مبعوث إسبانيا إلى سوريا: النظام السوري يخوض معركة بقائه.. وصبر الأسرة الدولية نفد

برناردينو ليون: القمع الوحشي يحول دون انشقاقات واسعة في أوساط ضباط الجيش

TT

يوم الاثنين الماضي نشرت صحيفة «البايس» الإسبانية خبرا يفيد بأن رئيس الحكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو أوفد في شهر يوليو (تموز) الماضي مستشاره وأمين عام الحكومة الإسبانية برناردينو ليون إلى دمشق حاملا اقتراحا من ثلاث نقاط: وقف القمع، عقد مؤتمر وطني جامع تستضيفه مدريد، وتشكيل حكومة انتقالية. غير أن البند الأهم هو أن إسبانيا تعرض على الرئيس السوري وعائلته، وفق ما أكدته الصحيفة الإسبانية، «استضافتهم» على أراضيها في حال تخلي الأسد عن السلطة. وأكدت «البايس» أن تركيا «واكبت» المبادرة الإسبانية الوحيدة من نوعها حتى الآن.

واعتمدت إسبانيا على العلاقات الجيدة التي كانت تجمعها بدمشق وبالعلاقات «الأسرية» بين عائلة الملك خوان كارلوس وعائلة الرئيس السوري. وفي مادة «الاستضافة»، تتمتع مدريد بباع طويل، إذ إن شقيق الرئيس السوري السابق ونائبه رفعت الأسد، اختار منتجع ماربيا الأندلسي للاستقرار فيه منذ أن «خرج» من دمشق. كما أن أمراء ومسؤولين خليجيين وعرب لهم قصور وبيوت وأحيانا موطئ قدم على الشاطئ المتوسطي الإسباني، وخصوصا الأندلسي. ونقلت «البايس» أن الجانب السوري رفض مقترحات ثاباتيرو رفضا قاطعا.

تتمثل أهمية خبر «البايس» أنها كانت المرة الأولى التي يأتي فيها أحد على ذكر خروج الرئيس السوري من سوريا وتخليه عن الحكم، خصوصا أن هذا المطلب لم يكن قد طرحه بعد جهارا أي من العواصم العربية أو الأجنبية.

وأمس نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية مقابلة مع برناردينو ليون أكد فيها أنه زار دمشق بصفته «الخاصة» ومن غير جواز سفر دبلوماسي للتعزية في وفاة والد أحد أصدقائه. غير أنه «اعترف» بإجراء لقاءات مع مسؤولين سوريين «ولكن من غير أن ينتقل إلى أي مبنى رسمي ومن غير أن يتصل بالرئيس السوري» وأنه «نقل رسالة» إلى محادثيه قوامها أنهم «لا يرون الواقع على ما هو عليه وأن العنف وصل إلى درجة لا يمكن تحملها». والشق الآخر من الرسالة التي لم يكشف عن هوية من حمله إياها، تدعو القيادة السورية لأن تعي أن لا أحد يمكن أن يصدق مبادرات النظام الإصلاحية طالما لم يتوقف العنف والقمع ولم تتم محاكمة المسؤولين عنهما «وليس فقط من المراتب الدنيا». وأخيرا اقترح ليون فتح الباب أمام عملية انتقال (ديمقراطي) حقيقية عبر الدعوة إلى مؤتمر بحضور المعارضة والسماح بتأسيس أحزاب سياسية. لكنه نفى أن يكون قد اقترح مدريد لاستضافة المؤتمر الموعود.

ويفهم من كلام برناردينو ليون الذي عين الشهر الماضي مبعوثا خاصا للاتحاد الأوروبي لدى بلدان ضفة المتوسط الجنوبية، وبالتالي فإنه يتبع لكاثرين أشتون، وزيرة الشؤون الخارجية الأوروبية، أنه قام فعلا بمهمة بتكليف من رئيس الحكومة الإسبانية. لكن هذه الوساطة انتهت.

وليون يعرف جيدا بلدان الشرق الأوسط ومسؤوليها، إذ عمل إلى جانب وزير الخارجية الإسباني السابق ميغيل أنخيل موراتيونس عندما كان مبعوثا أوروبيا إلى الشرق الأوسط.

وفي حديثه الصحافي، اتهم ليون النظام السوري بأنه «قضى على أي فرصة للحوار مع المعارضة المنظمة وشجع الفئوية عمق الانقسامات» في المجتمع السوري. ورأى الدبلوماسي الإسباني أن هذا النظام الذي عاين ما حصل للنظام في تونس ومصر، «يعرف أنه يخوض معركة بقاء ولذات فإنه سيكون أكثر تشددا»، معتبرا أنه يتعين على الأسرة الدولية أن «تكثف وتزيد» من ضغوطها عليه. وفي موضوع الجيش السوري واستمرار التفافه حول النظام، اعتبر ليون أنه «لم تبرز حتى الآن أي حركة (داخل الجيش) يمكن أن تكون حاملة لأمل ما». لكن هذا لا يمنع، بنظره، من «حصول انشقاقات» كما جرى في ليبيا. لكن ما يحول دون اتساعها، كما يقول ليون، هو «القمع الهمجي» الذي لا بد أن يتعرض له من ينشق عن النظام. ولفت المبعوث الأوروبي إلى أن «صبر الأسرة الدولية» إزاء النظام السوري قد «نفد»، وبالتالي لم يعد قادرا على اللعب على أهمية موقع سوريا الاستراتيجي.