مقتل 7 إسرائيليين في 5 هجمات مسلحة شارك فيها من 10 ـ 20 مقاتلا

البعض يرى فيها طوق نجاة لنتنياهو من ورطته مع «ثورة الخيام»

إحدى الحافلات التي تعرضت للهجوم المسلح شمال إيلات ويبدو فيها بعض حاجات ركابها الذين فروا هربا من الرصاص، أمس (رويترز)
TT

دلت التحقيقات الأولية على أن خلية من المسلحين تضم ما بين 10 و20 شخصا قامت بخمس هجمات مسلحة على أهداف إسرائيلية تقع على الحدود بين سيناء المصرية ومنطقة النقب في إسرائيل فأدت إلى قتل 7 أشخاص وجرح أكثر من 26 شخصا، معظمهم من الجنود ولكن بينهم عدد من المدنيين أيضا.

في غضون ذلك، قتل 6 فلسطينيين مساء أمس جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. وقال أدهم أبو سلمية، الناطق الإعلامي باسم الإسعاف والطوارئ، لوكالة «معا»، «إن 6 شهداء سقطوا جراء القصف الإسرائيلي». واستهدف القصف، حسب «معا»، منزل خالد شعت وهو قيادي في لجان المقاومة الشعبية. وعرف من الضحايا أيضا أبو عوض النيرب قائد ألوية الناصر صلاح الدين، وعماد حماد من لجان المقاومة الشعبية، وأبو جميل شعت، وخالد المصري، وطفل آخر مجهول الهوية.

وفي تل أبيب، قال مصدر مقرب من قيادة الجيش الإسرائيلي، إن المسلحين انقسموا إلى قسمين: 7 منهم تجاوزوا الحدود إلى إسرائيل، ومجموعة تقدر بـ3 – 7 مسلحين بقيت داخل سيناء كقوة مساندة. وانقسم السبعة الذين دخلوا إسرائيل إلى ثلاثة أقسام، ونفذوا عملياتهم المخططة سلفا في المنطقة الواقعة على بعد 20 كيلومترا من مدينة إيلات وشمالا منها. واستنفر الجيش الإسرائيلي قواته في المنطقة، وبمساعدة طائرات هليكوبتر مقاتلة تمت تصفية جميع المسلحين. وطيلة ساعات عديدة أغلقت جميع الشوارع المؤدية إلى إيلات وما بينها وبين مدينة بئر السبع. ودعا «طاقم مكافحة الإرهاب» في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، آلاف المواطنين الإسرائيليين الذين يمضون إجازاتهم الصيفية في منتجعات سيناء، إلى العودة فورا، مؤكدين أن «ثمة خطرا كبيرا من تنفيذ عمليات إرهاب عديدة ضد إسرائيل والإسرائيليين». وأصدر نتنياهو، بيانا عقب فيه على العمليات، قال فيه «هذه الاعتداءات الإرهابية التي ارتكبت اليوم (أمس) في جنوب البلاد، أحداث خطيرة قتل فيها مواطنون إسرائيليون وخرقت فيها سيادتنا، وإسرائيل سترد عليها بشكل مناسب». وكانت العمليات قد نفذت خلال ساعتين، من الثانية عشرة ظهرا بالتوقيت المحلي. وحسب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، يوآف مردخاي، فإن المسلحين بدأوا هجماتهم بإطلاق الرصاص على سيارة إسرائيلية خاصة كانت متجهة من إيلات لبئر السبع، فأصيب أحدهم. ثم أطلق الرصاص على حافلة ركاب عمومية كانت في الاتجاه المعاكس، فأصيب عشرة أشخاص. وحضرت قوة عسكرية في غضون ربع ساعة، فوقعت إحدى سياراتها في كمين، إذ تم تفجير عبوة ناسفة جانبية فقتل أربعة أشخاص. وفي موقع آخر في المنطقة، أطلق المسلحون صاروخا مضادا للدروع باتجاه حافلة ركاب عمومية أخرى. وفي منطقة مثلث الحدود مع قطاع غزة، أطلق مسلحون الرصاص على سيارة إسرائيلية مدنية أخرى فقتل شخصان آخران وجرح اثنان. وروى سائق الحافلة الأولى أنه شاهد جنديين مصريين يطلقان الرصاص باتجاهه، فأسرع في السفر هربا. وروى سائق آخر أنه شاهد جنودا مصريين يطلقون الرصاص. ولكن السلطات المصرية في سيناء نفت ذلك تماما وقالت إن أي مصري لم يشارك في هذه العمليات. وأكد الناطق بلسان الجيش أيضا أنه لا توجد أدلة على أن الجنود المصريين شاركوا. وأضاف أن هناك تنسيقا متواصلا مع المصريين على متابعة الموضوع. وقالت مصادر إعلامية إنه على ما يبدو، ارتدى المسلحون زيا عسكريا للتمويه. وأمر نتنياهو، بالإسراع في التحقيق لمعرفة هوية المسلحين ومحاسبة من أرسلوهم، بينما أشار وزير الدفاع بإصبع الاتهام إلى أن «غزة مصدر أساسي لهؤلاء الإرهابيين». وراحت مصادر سياسية وعسكرية تتحدث عن رد قريب على هذه العمليات، مشيرة إلى أن قادة حماس في القطاع، الذين سارعوا إلى نفي أي علاقة بالعمليات، نزلوا تحت الأرض خوفا من انتقام.

وأثارت هذه العمليات ردود فعل متباينة في إسرائيل، التي كانت مشغولة بحملة الاحتجاج الشعبي الضخمة ضد سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية. فهناك من ربط بينها وبين هذه العمليات، قائلا: «تنظيمات الإرهاب تشعر بأن إسرائيل تعيش حالة توتر وقلق بسبب الاحتجاجات، فقررت أن تضيف إليها توترا جديدا»، وفقا لموقع عسكري إسرائيلي في الإنترنت يدعى «تويتر». وفي خيام الاحتجاج، تحدثوا عن هذه العمليات كضربة لنشاطهم، إذ إنها «تساعد نتنياهو على الهرب من التزاماته بالتجاوب مع الاحتجاج». وأعرب العديد عن خشيتهم من أن يستغل نتنياهو هذه العمليات لإسقاط الموضوع الاجتماعي الاقتصادي عن جدول الأبحاث الجماهيرية وإلغاء النية في تقليص الميزانية العسكرية بدعوى «ضرورات الأمن». فالجميع يتوقع أن يرد الجيش الإسرائيلي على هذه العمليات بهجوم عدواني شرس، حالما تحدد هوية منفذيها. فإذا كانوا من حماس ستهاجم غزة وإذا كانوا من خلايا حزب الله اللبناني في سيناء فستهاجم الجنوب اللبناني. وفي كل الأحوال سيسود التدهور الأمني، وهذا بدوره سيخرب على الجهود الفلسطينية في الأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين دولة على حدود 1967 عاصمتها القدس.

وفي الوقت ذاته، أسمعت انتقادات شديدة من أوساط سياسية وشعبية تجاه حكومة نتنياهو بأنها أهملت الموضوع السياسي والأمني وحسبت أنها «تستطيع تجاهل القضية الفلسطينية من دون ثمن» و«تستطيع إطلاق وعود كاذبة ببناء جدار أمني على طول سيناء ونسيان الموضوع حتى الانفجار القادم».