عشرات الآلاف يتظاهرون في جمعة «بشائر النصر».. والأمن يقتل 20 شخصا بينهم أطفال

معظم قرى حوران انتفضت والمظاهرة الأكبر في الخالدية بحمص.. والقصير المحاصرة تتحدى الحصار

صورة مأخوذة من «أوغاريت» لمظاهرة في منطقة داعل في حوران يوم أمس
TT

بعد ساعات على إعلان الأمم المتحدة أن الرئيس السوري بشار الأسد أبلغها انتهاء العملية الأمنية في المدن والمناطق السورية، سقط نحو 20 قتيلا مدنيا على الأقل في مناطق متفرقة من البلاد برصاص قوات الأمن يوم أمس في جمعة «بشائر النصر»، مع توقع زيادة عدد القتلى بسبب وجود جرحى إصاباتهم خطيرة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما جابت الدبابات شوارع مدينة حمص وأطلقت النار بشكل عشوائي في حي القصور ليل الخميس وطيلة يوم أمس. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد قتلى أمس من المدنيين بلغ عشرين قتيلا، بينهم ثمانية قتلى في بلدة غباغب وخمسة في بلدة الحراك وقتيل في انخل، وقتيل آخر في نوى وقتيلان في حي بابا عمرو بحمص، وقتيل في حرستا بريف دمشق. وأضاف أن مواطنين اثنين قتلا فجرا في حمص ورحيبة بريف دمشق متأثرين بجراح أصيبا بها مساء أول من أمس.

وكان لقرى حوران في محافظة درعا التي انتفض معظمها يوم أمس الجمعة، النصيب الأكبر من عدد قتلى يوم أمس حيث سقط ثمانية قتلى في قرية غباغب جنوبي دمشق، وهم عصام خليل عبود ومحمود محمد الجيرودي وجمال عبد النبي العشيش وباسل أنور القاعد ومحمد علي السمرة والطفل محمد عمر شرف 11 سنة والطفل محمد بدر النجم 14 سنة وطفلة عمرها ثلاث سنوات. كما سقط ثمانية آخرون في بلدتي إنخل والحراك، وقال التلفزيون السوري الرسمي إن القتلى سقطوا في غباغب بعدما هاجم مسلحون موقعا للشرطة وقتلوا شرطيا ومدنيا وأصابوا اثنين آخرين.

ورغم الحصار الشديد في محافظة درعا والتهديد والاعتقال، خرجت مظاهرة حاشدة من المسجد الكبير قي قرية الجيزة - قرية الشهيد الطفل حمزة الخطيب - انطلقت إلى ساحة القتيل أبو أكرم وهتف المتظاهرون «هي هي ويا الله ما بنركع إلا لله». وخرجت المظاهرة بعد صلاة يوم الجمعة يوم أمس عقب حملة مداهمات واعتقالات شنتها قوات الأمن على القرية فجرا حيث تم اعتقال أكثر من 13 رجلا بينهم شيخ بالخامسة والسبعين من العمر.

وفي بلدة الحراك في حوران، قالت مصادر محلية إن دبابات جديدة دخلت البلدة ظهر يوم أمس وجرى إطلاق نار كثيف من الرشاشات الثقيلة لتفريق المتظاهرين المصرين على الاستمرار بالتظاهر، أسفر عن سقوط عدد من القتلى عرف منهم عماد نواف القومان وحسام جاد الله القداح ومحمد السلامات وأمير التركماني.

وفي قرية خربة غزالة في حوران أيضا، جرى إطلاق نار كثيف جدا من رشاشات ثقيلة لعدة ساعات بعد خروج مظاهرة في القرية، وفي دمشق، تظاهر المصلون في جامع الحسن داخل حرم الجامع بعد انقطاع دام أسبوعين متتاليين وطالب المتظاهرون بإعدام الرئيس. وامتزج الهتاف بزغاريد من النساء في الأبنية المجاورة للجامع، وقال أحد المشاركين إنه بعد انفضاض المظاهرة وأثناء خروج الناس من الباب الخلفي للمسجد بشكل صامت شوهدت كاميرا التلفزيون السوري على الجسر المقابل للجامع تصور خروج المتظاهرين صامتين.. فعاد المتظاهرون للهتاف «الإعلام السوري كاذب» لعدة مرات قبل أن يعودوا لالتزام الصمت.

وفي جامع الغواص في الميدان خرج المصلون منه دون أي هتافات ووقفوا ينتظرون قدوم المصلين من جامع الحسن ثم توجهت مجموعة منهم بشكل صامت إلى الكورنيش «عند موقف الغواص». وكانت قوات الأمن تتمركز عند الدوار ومقابل موقف الغواص، ولم يتمكن المتظاهرون في جامع الحسن من التوجه لملاقاة رفاقهم الخارجين من جامع الغواص الذين بدأوا بالهتاف والتكبير. وعلى الفور تمت مهاجمتهم من عناصر الأمن المتمركزين هناك. وتفرق المتظاهرون باتجاه الحارات، وبعد تراجع الأمن عاد المتظاهرون للخروج من الحارات والهتاف وعاود الأمن الهجوم في عملية كر وفر لنحو ساعة.

وعند مسجد الدقاق وصف أحد المشاركين هجوم الأمن والشبيحة باجتياح «مغولي» حيث هاجموا المتظاهرين الخارجين من الباب الخلفي للجامع بعد سيرهم مسافة 50 مترا، وتم إطلاق غازات مسيلة وقنابل مسيلة لتفريق المتظاهرين الذي فروا إلى الحارات الجانبية. وتم اعتقال نحو أربعة من المشاركين في مظاهرات الميدان. بعد محاصرة المتظاهرين بعد خروجهم من الباب الخلفي للجامع وهجموا عليهم من كل الجهات ولكن استطاع بعض المتظاهرين الشباب من التمركز بمكان وراحوا يرشقون عناصر الأمن بالحجارة.

وفي حي القابون حاصرت قوات الجيش الجامع الكبير وجامع الشيخ جابر وانتشر عناصر الأمن والجيش بالعتاد الكامل وجاءت كاميرا التلفزيون السوري لتصوير خروج المصلين من الجامع، فيما راحت سيارات الأمن تتجول في الشارع العام ولم يتمكن سكان القابون من التظاهر. في حين خرجت مظاهرات في أحياء أخرى من دمشق كالحجر الأسود حيث خرج المتظاهرون من جامع العباس في شارع تشرين وهتفوا لنصرة المدن المحاصرة وطالبوا بإعدام الرئيس. وفي حي القدم تم تفريق المتظاهرين بإطلاق النار الذي أسفر عن وقوع أكثر من ست إصابات. وفي ريف دمشق، خرجت مظاهرات في معظم المناطق وجرى تفريقها بالعنف وبإطلاق الرصاص الحي. ففي حرستا سقط القتيل باسم دياب رحيم وأصيب آخر بجراح، حيث جرى إطلاق نار كثيف وألقيت قنابل صوتية في حرستا في حي الثغرة والسيل بعد انتشار قوات الأمن والقناصة في جميع أنحاء حرستا. وفي جوبر تم محاصرة الجوامع بعدد كبير من قوات الأمن. وفي جديدة عرطوز أقام أكثر من 1000 عنصر أمن حواجز في أنحاء متعددة في المدينة، وحوصرت الجوامع وجرت عملية اعتقال عشوائية. وكذلك الأمر في مدينة داريا التي دخلتها باصات محملة برجال من الجيش السوري ترافقها سيارات أمنية، وقاموا بتقطيع أوصال المدينة بحواجز أمنية وحوصرت الجوامع.

وفي المعضمية، قال ناشطون هناك إن الأمن اتبع تكتيكا جديدا حيث تربص للمتظاهرين في الحارات الصغيرة وخلف السيارات، وكانوا ينقضون على المتظاهرين فجأة وكأنهم يصطادون فرائس في الغابات.

وفي دوما، خرجت مظاهرات من مساجد حوا وحسيبة والكبير والبغدادي وجرى إطلاق رصاص وغاز مسيل للدموع في منطقة شارع الجلاء والقوتلي ومناطق أخرى متفرقة، في الوقت الذي كان فيه التلفزيون يصور مكانا آخر في المدينة للتأكيد أن الحياة طبيعية ولا يوجد مظاهرات ولا تجمعات، وكانت عربات عسكرية وفدت إلى المدينة في وقت مبكر من يوم الجمعة وطلبوا من الأهالي التزام البيوت.

وفي الزبداني، انتشرت عربات الجيش في المدينة والقناصة فوق أسطح المباني وتمكنوا من منع خروج المظاهرات.

وفي حمص خرجت مظاهرات حاشدة في كل أحياء حمص وقدرت أعداد المشاركين بعشرات الآلاف، رغم الانتشار الكثيف للأمن بحي الخالدية والوعر ووجود القناصة على المباني الحكومية والمدارس. ومع ذلك كانت المظاهرة في الخالدية هي أكبر مظاهرة وقدر عدد المشاركين بـ20 ألف متظاهر. وفي بابا عمرو تم تفريق المظاهرة بإطلاق النار وقنابل صوتية أسفرت عن مقتل شاب. وفي حي القرابيص، تم تفريق المظاهرة بالنار كما قتل الطفل سمير الحافظ بعمر 14 عام برصاص قناص، وفي باب الدريب وجب الجندلي قام عناصر أمن يستقلون سيارة برش المتظاهرين بالنار، وقع عدد من الإصابات، وفي حي الميدان تم اعتقال نحو عشرة شباب من قبل الأمن العسكري، وفي حي الوعر اعتقل أحد المصابين واقتيد من غرفة العناية المشددة في مشفى البر بعد مداهمته واعتقال شابين آخرين.

وفي حي الإنشاءات، خرجت مظاهرة كبيرة لوح فيها المتظاهرون بالأحذية للرئيس الأسد، كناية عن حفل وداع له مع الهتاف «با بشار بدنا نشوفك بلاهاي». وجرى إطلاق نار لتفريق إلا أنه لم تقع أي إصابات. وانفض المتظاهرون وهم يهتفون «معليش شو فيها عالتراويح بنكفيها».

وفي مدينة القصير المحاصرة خرجت مظاهرة كبيرة تجمعت في ساحة السيدة عائشة، دون وقوع إصابات. وفي الحولة جرى إطلاق نار كثيف على المتظاهرين في قرية تل ذهب، كما تم العثور على أربعة جثامين لقتلى قضوا برصاص الأمن في بساتين قرية عقرب وأمجد حوجك وبسام الحلاق وأحمد الحلاق وقتيل رابع لم يعرف اسمه. وفي تلبيسة التقت الجموع في ساحة الحرية رغم تقطيع أوصال المدينة بالدبابات والحواجز، وكذلك كانت مظاهرة الرستن القريبة من حماه.

وفي حماه قالت مصادر محلية إن قوات الأمن والجيش أطلقت قوات نيران الرشاشات يوم الخميس لمنع مظاهرة ليلية. ويوم أمس خرجت مظاهرة من حي القصور من جامع عبد الرحمن بن عوف وجامع الشيخ بشر تنادي بإسقاط النظام ولكن الأمن والشبيحة قاموا بتفريقها وإطلاق الرصاص عليها. ومع أن تعداد التواجد العسكري والأمني والشبيحة قدر بالآلاف عند كل مسجد في حماه خرجت مظاهرات طيارة من عدة أماكن منها القصور وطريق حلب وجنوب الملعب والصابونية وغيرها. وفي حلب، خرجت مظاهرات في حي الصاخور من جامع أبو بكر وتم قمعها بشراسة من قبل الشبيحة. وفي حي السكري بعد صلاة الجمعة ونادت بإسقاط النظام والحرية لسوريا وحصلت اشتباكات عنيفة مع الشبيحة والأمن. كما خرجت مظاهرات في ريف حلب في تل رفعت وعندان وحصلت ملاحقات وحملة اعتقالات واسعة هناك.

كما خرجت مظاهرات مثل كل يوم في محافظة الحسكة في القامشلي وعامودا. وفي دير الزور خرجت مظاهرات من جامع الإيمان بقرية القورية. كما تم إطلاق الرصاص على المتظاهرين في حي القصور في مدينة دير الزور.

وفي اللاذقية حيث ما تزال قوات الأمن والجيش تحاصر مخيم الرمل الجنوبي وعدد من الأحياء في المدينة تم اعتقال ستة شباب من جامع البازار من قبل الشرطة العسكرية التي كانت تحاصر الجامع، فيما خرجت مظاهرة من جامع الفتاحي في الصليبة، كما تمت مداهمة حارة يافا بالمخيم الفلسطيني.

وفي إدلب، انطلقت مظاهرات في سرمين وجوباس كما شوهد تحليق مكثف للطيران الحربي في سماء جبل الزاوية صباح يوم أمس بحسب مصادر محلية. وفي أريحا حاصرت قوات الأمن جوامع أريحا الرئيسية. وحاول المتظاهرون التجمع في الحارات الضيقة لكن قوات الأمن تمكنت من تفريقهم ومنعت خروج المظاهرة.

ووجه أهالي جبل الزاوية نداء إنسانيا يوم أمس قالوا فيه إن «قوات الجيش والأمن والشبيحة قامت منذ يومين باعتقال كل أطفال ورجال وشيوخ قرية مرعيان في جبل الزاوية وجرى ارتكاب انتهاكات وتعذيب جسدي وإذلال الآباء أمام أبنائهم وتشويه لوجوه بعضهم وتكسير عظامهم واستخدام أساليب وحشية وقاسية». وتمنى الأهالي على المنظمات الدولية إغاثتهم ومساعدتهم للإفراج عن المعتقلين.

من جهتها، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) مقتل شرطي ومدني وجرح اثنين من عناصر مخفر غباغب (ريف درعا) «بنيران مسلحين هاجموا المخفر» بالإضافة إلى مقتل عنصر من قوات حفظ النظام وإصابة أربعة آخرين «برصاص مسلحين يطلقون النار عشوائيا في شوارع حرستا». وأضافت أن «أربعة من عناصر قوات حفظ النظام أصيبوا برصاص مسلحين وقنابل ألقيت عليهم من منزل مهجور في انخل».