حملة الاحتجاج في إسرائيل تتراجع أمام التحديات الأمنية

قادتها: من الصعب أن نطالب الآن بأن تقلص الميزانية العسكرية

TT

في ظل خيبة أمل كبرى وشعور بالإحباط، قررت قيادة حملة احتجاجات الكبرى في إسرائيل التراجع عن النشاطات الجماهيرية المقررة لنهاية الأسبوع واستبدال مسيرة صامتة بها تضامنا مع ضحايا الهجمات المسلحة التي وقعت على الحدود الإسرائيلية - المصرية. وقالت إحدى المبادرات لهذه الحملة، ستيف شبير، إنها تخشى أن تنهار هذه الحملة بسبب التدهور الأمني الناجم عن العمليات المسلحة في منطقة إيلات والتصعيد الذي أعقبها.

وكان من المقرر أن تقام مساء اليوم مظاهرة قطرية ضخمة أمام مقر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة، في إطار تحميله المسؤولية بشكل شخصي عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الفقيرة والوسطى. وصرح أحد قادة الحملة، يونتان ليفي، أن نتنياهو يحاول الاختباء وراء المسؤولين الآخرين من وزراء وكبار المتمولين، بينما هو الذي يتحمل أكبر قسط من المسؤولية عن التدهور الاقتصادي، «وكنا نرغب أن نضعه في موضع الاتهام المركزي ومحط سهام للحملة، حتى نقول له: إما أن تتجاوب مع مطالب حملة احتجاج وتحدث انعطافا حادا في السياسة الاقتصادية الاجتماعية وتغييرا في سلم الأولويات، وإما أن تستقيل وتدعو لانتخابات عامة».

ولم يخف رجال نتنياهو مخاوفهم من هذا التصعيد للحملة، وارتبكوا في طريقة التعامل معها. فجاءتهم عملية إيلات أول من أمس كحبل نجاة، فأصبحت نشاطات الاحتجاج ثانوية وحلت محلها على رأس العناوين قصة هذه العملية وتفاصيل أحداثها وتبعاتها وجنازات القتلى الإسرائيليين الثمانية فيها، ونصفهم من المدنيين، والتصعيد العسكري الذي أعقبها.

وعندما كانت «هيئة الثمانية»، أي الوزراء الثمانية الذين يديرون الحكومة الإسرائيلية في القضايا الاستراتيجية، منعقدة لإقرار كيفية الرد على الهجمات، اجتمع قادة حملة الاحتجاج للتباحث في مستقبل الحملة. وقد توصلوا إلى القناعة بأن الجمهور الإسرائيلي يعيش حالة حزن شديد على ضحايا الهجمات المسلحة ويلتف حول الحكومة والجيش ولن يرضى لرؤية أي مظهر يمس بوحدة الصف الوطنية في مواجهة العدو المشترك في هذه الظروف.

وبناء على ذلك، قرروا وقف نشاطات الاحتجاج لهذا الأسبوع وإلغاء المظاهرة أمام مقر نتنياهو، واستبدال «مسيرة مشاعل وشموع» صامتة بها في تل أبيب إجلالا لذكرى الضحايا يحظر فيها إلقاء الخطابات أو الهتافات أو الشعارات والاكتفاء بإنشاد بعض الأغاني من دون مكبرات صوت وإدارة نقاشات هادئة داخل خيام الاحتجاج.

وأصدروا بيانا إلى الجمهور قالوا فيه إن «الشعب الذي حضر بمئات الألوف للتظاهر معنا ضد سياسة الحكومة هو الشعب نفسه الذي انتكب هذا اليوم (أول من أمس) بضربات إرهاب من أعدائنا. ولذلك، فإننا نحني رؤوسنا إجلالا ونكرس جهودنا اليوم لإبداء الوحدة في الألم والهموم».

وقالت ستيف شبير: «نحن في حالة طوارئ، على أثر التدهور الأمني. والعمليات المسلحة لن تكون عابرة وأخشى أن تكون بداية مرحلة قاسية لنضالنا. بل أخشى أن تصبح حملة الاحتجاج هذه هامشية في مجتمعنا وأن تضمحل شيئا فشيئا حتى تختفي من الوجود». ولكنها دعت في الوقت نفسه الجمهور إلى استمرار اليقظة: «فالنضال الاقتصادي الاجتماعي هو ضرورة قصوى للجمهور وعلينا أن نحرص على إبقاء جذوته مشتعلة باستمرار».

من جهة ثانية، ألغى اتحاد الطلبة الإسرائيلي مظاهرات كانت مقررة في مطلع الأسبوع المقبل احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة. وقال ايتسيك شموئيلي، رئيس الاتحاد، لإذاعة الجيش الإسرائيلي بعد وقوع الهجمات المسلحة: «كان من المقرر أن تكون هناك احتجاجات في جميع أنحاء البلاد مع مظاهرة رئيسية في القدس.. وقررنا إلغاءها نظرا للأحداث». لكنه أضاف أن الحملة الشعبية ضد السياسة الاقتصادية للحكومة التي انطلقت في يوليو (تموز) الماضي ودفعت مئات آلاف الإسرائيليين في مظاهرات حاشدة في الشوارع ستستمر، ولكن من دون أن يحدد موعدا لذلك.

وقال عدد من النشيطين في حملة الاحتجاج، ممن كانوا يطالبون باتخاذ مواقف حازمة أكثر وطرح مطلب تقليص الميزانية العسكرية وميزانية الاستيطان وتحويلها لمصلحة مشاريع تقليص الهوة والفوارق الاجتماعية، إن «الوضع بعد الهجمات المسلحة لا يساعد على رفع شعارات كبيرة من هذا النوع وبات من الصعب جدا طرح المطلب بتقليص الميزانية العسكرية في الوقت الذي يحارب فيه الجيش ويسقط جنوده على مذبح هذه الحرب».