حزب الله يجدّد تبنيه للمتهمين الأربعة: هم مجاهدون مخلصون وليسوا مجرد مناصرين

تيار المستقبل يعتصم للمرة الأولى بعد صدور القرار الاتهامي لمتابعة مسيرة الحقيقة

TT

لبّى المئات دعوة تيار المستقبل إلى التجمع عند ضريح رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري بعد صلاة الجمعة أمس، فقرأوا الفاتحة على روح الشهيد ورفاقه، في وقت جدد حزب الله تبنيه للمتهمين الأربعة باغتيال الحريري، واصفا إياهم بأنهم «مجاهدون مخلصون مفترى عليهم». ودعوة الاعتصام أمام ضريح الحريري هي الأولى من نوعها، وبحسب «المستقبل»، أثر رفع السرية عن أجزاء من القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري، ومن أجل تجديد الإصرار على متابعة مسيرة الحقيقة التي بدأت بها المحكمة الدولية والتي أصبحت الآن بين أيدي اللبنانيين ليكملوها.

وفيما أكد نائب رئيس تيار المستقبل أنطوان أندراوس أن «خيار النزول للشارع غير مطروح حاليا»، أكد أن «التيار لا يسعى لتنظيم الاعتصامات المفتوحة أو لنصب خيام في الشوارع»، قائلا: «نحن عندما نريد أن نعبّر عن موقفنا بحضارة ورقي كما حصل بالأمس فنحن لم نكن يوما أبناء شارع».

وشدّد أندراوس على أن «ردود المعارضة ستكون بمثابة رد فعل على تصرفات الحكومة ورئيسها». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد مسموحا أن تحمي الحكومة ورئيسها المتهمين الأربعة، كما أن مراوغة ميقاتي لم تعد خافية على أحد وبالتحديد تشديده مؤخرا على الحقيقة وعدم التسييس وكأنه يقول إن القرار الاتهامي مسيس والحقيقية في مكان آخر».

وطالب أندراوس الحكومة اللبنانية «بموقف واضح من المتهمين الأربعة لأنّها إذا استمرت بهذه الطريقة في التعاطي تؤمن غطاء لهؤلاء»، وأضاف: «أنا أتوقع أن يقدّم حزب الله لميقاتي مكافأة على مواقفه فيمرر له بند تمويل المحكمة كونه يعلم تماما أن المحكمة ماضية في عملها سواء موّلها لبنان أم لم يمولها».

وأوضح أندراوس أن «لقاء موسعا سيعقد قريبا لقوى 14 آذار في البريستول لاتخاذ المواقف اللازمة من مراوغة ميقاتي ولفّه ودورانه»، مشددا على أن «إسقاط الحكومة هو الهدف الأساسي للمعارضة اليوم وحقّ لها».

في المقابل، جدّد حزب الله تبنيه للمتهمين الأربعة، فقال وزير الزراعة حسين الحاج حسن، المنتمي إلى حزب الله، إن «المتهمين الأربعة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري هم مجاهدون مخلصون في حزب الله وليسوا مجرد مناصرين»، ورأى أنهم «مفترى عليهم»، معتبرا أن «مضامين القرار الاتهامي الذي نشر أخيرًا تستهدف الحزب بكل هيكليته».

واعتبر الحاج حسن أن «الاتهام باطل وزائف وهو افتراء على الحزب، علما بأن قراءة مضامين القرار فيها اتهام واضح لحزب الله، لا سيما ما ورد فيه من أن حزب الله منظمة عسكرية سياسية تورطت سابقًا في عمليات إرهابية»، رافضًا مقولة إن «النظام الأساسي للمحكمة الخاصة ينص على محاكمة أفراد ولا يجرم حزبًا»، وقال الحاج حسن: «قانون المحكمة لا يمنع محاكمة حزب، وهناك مسألة الرئيس والمرؤوس، وهم يستهدفون الحزب وكل المقاومة في المنطقة».

وإذ اعتبر أن «كل الوقائع المذكورة في القرار الاتهامي مفبركة»، رأى الحاج حسن أن «الدليل على ذلك هي التسريبات التي وردت في وسائل إعلام غربية عدة حول القضية خلال السنوات الماضية»، معتبرا أن «التحقيق لكي يكون شفافا لا يُسرّب منه شيء». وردًا على سؤال عن سبب تواري المتهمين الأربعة عن الأنظار إذا كانوا أبرياء، أجاب الحاج حسن: «السبب أننا لا نثق بالعدالة الدولية التي تحركها أميركا ودول الغرب ولا نثق بمحكمة رئيسها صديق لإسرائيل ولا نثق بمحكمة ولجنة تحقيق سربت كل تحقيقاتها قبل خمس سنوات».

بدوره، قال عضو كتلة حزب الله النيابية نواف الموسوي إن الحزب لن يتوانى «في وقف استباحة الحقيقة بالتضليل والتحريض والتشهير بل الوصول إلى حد الترويع من خلال استخدام الاتهامات الجاهزة، التي غرضها كان على الدوام تشويه صورة المقاومة بغرض ابتزازها عبر تخييرها بين محاولة المس بالوحدة الوطنية عبر إثارة الفتن الطائفية والمذهبية وأن تخضع لإرادة دولية تخدم المصالح الإسرائيلية ترمي للقضاء على المقاومة عبر أسماء مختلفة».

وقد ردّ أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري على من اتهم رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري «بإيقاظ الفتنة»: فتساءل: «أليس حزب الله هو من سحب الوزراء الشيعة من الحكومة؟ أليس هو من أنزل الشيعة ليطوقوا القصر الحكومي؟ أليس حزب الله هو الذي غيَّب الأكثرية من السُنّة عن الحكومة التي تشكلت؟ فمن الذي يريد أن يفتن بين الطوائف إذن؟ إنَّ سعد الحريري عمِل على وحدة البلد»، داعيا أن يهدي الله في هذا الشهر الكريم «حزب الله وقياداته».

بدوره، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية أحمد فتفت أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله «يبني حيطان الحقد والضغينة بين اللبنانيين»، لافتا إلى أن «تيار المستقبل لا يفصل بين الطائفة الشيعية وحزب الله وحسب، بل أيضا يفصل بين «حزب الله والمتهمين الأربعة». وأعرب فتفت عن «الأسف لكون تصريحات حزب الله هي التي تضع الطائفة الشيعية في المواجهة».

وفي إطار قراءة مطوّلة لنصّ القرار الاتهامي الصادر عن المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار، شدّد النائب بطرس حرب على أن «القرار يستند إلى أدلة تقنية وعلمية متطورة لا تفسح في المجال للالتباس أو الكذب أو التشويه، وهو يشكّل انتصارا كبيرا للمُطالبين بتحقيق العدالة لجهة إطلاقه لآلية المحكمة لمتّهمين توفرت في حقّهم شبهات جدّية سمحت للقاضي بلمار وقاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين بإطلاق آلية الاتهام والمحاكمة» لافتا إلى أن «الحكومة أمام ثلاثة خيارات، فإمّا أن يقتنع حزب الله بتسليم المتهمين للعدالة الدولية، وإذا لم يتم ذلك عليها أن تدعو وزراءه إلى الاستقالة أو أن تقيلهم من الحكومة إذا رفضوا الاستقالة، والخيار الثالث إعلان الحكومة تضامنها مع حزب الله في موقفه الرافض لتسليم المتهمين».