مظاهرات ساحة التحرير في بغداد تتحول إلى «برلمان شعبي» يعكس مزاج الشارع

ناشطة في حقوق الإنسان لـ «الشرق الأوسط»: ملامح جيل جديد تتبلور في العراق

TT

منذ شهر فبراير (شباط) الماضي لم يلتقط متظاهرو ساحة التحرير وسط بغداد أنفاسهم في وقت التقط فيه أعضاء البرلمان العراقي أنفاسهم عدة مرات بعطلات أسبوعية وأخرى شهرية في إطار ما يسمى الفصل التشريعي للبرلمان كان آخرها الخميس الماضي عندما رفع البرلمان جلساته حتى السادس من الشهر المقبل سيتمتع أعضاء البرلمان بعطلة أخرى يعودون بعدها لاستكمال مشوارهم في إقرار القوانين أو المشادات الكلامية.

بقيت ساحة التحرير التي ينتصب فيها واحد من أهم النصب التاريخية في العالم وهو «نصب الحرية» للفنان العراقي الراحل جواد سليم مكانا مجانيا لمن يريد أن يدلو بدلوه فيما يجري في الداخل والخارج لتتحول بعد نحو ستة شهور على بدء المظاهرات المطالبة بتحسين الأحوال المعيشية وإصلاح النظام السياسي إلى أشبه ببرلمان شعبي مواز يقول فيه الناس ما يشاءون من كلام جارح حينا حين يصل إلى مرحلة رفع الشعارات المطالبة بتغيير الحكومة أو إقالة هذا المسؤول أو ذاك أو حتى في بعض الحالات إسقاط النظام وحينا آخر لا يتعدى المطالبة بإطلاق سراح الأبرياء من المعتقلين، وهي المطالبة التي تصل في كثير من الأحيان إلى حد التوسل بالطبقة السياسية وبالحكومة، حيث ترفع الأمهات والزوجات صور أزواجهن أو أبنائهن المعتقلين.

البرلمان العراقي الذي منح نفسه عطلة صيفية إجبارية طبقا للقانون، حيث يجري تقسيم العمل في البرلمان إلى فصول تشريعية كان قد اهتم أول الأمر بالمظاهرات، حيث شكل لجانا برلمانية للمتابعة سواء عبر لقاء أسبوعي مع المتظاهرين في ساحة التحرير أو أحيانا في ساحة الفردوس القريبة منها وثالثة في شارع المتنبي الذي هو خليط من مزاج وتاريخ وثقافة أو من خلال قيام البرلمانيين بزيارات إلى دوائرهم الانتخابية لكي يتعرفوا على حقيقة ما يجري هناك. لكنه وبعد أن بدأت كرة المسؤولية عما يحصل تستقر في ملعب الحكومة مرة وفي ملعب البرلمان مرة أخرى تراجع الاهتمام بالمظاهرات التي كانت خشية المسؤولين أن تتحول إلى مظاهرات مليونية مثل مظاهرات مصر واليمن وتونس. غير أن الأمر يبدو مختلفا بالنسبة لمنظمي هذه المظاهرات وللناشطين في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في العراق. الناشطة المعروفة في هذا المجال هناء إدور أكدت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من محاولات التعتيم وكبت الإرادات والانشغال بالمشكلات الداخلية من قبل الطبقة السياسية فإننا نرى أن هناك ملامح واضحة لجيل عراقي جديد بدأت تتبلور باتجاه أن يكون بديلا لما هو موجود بعد أن أثبتت الطبقة السياسية الحالية فشلها في كيفية التعامل مع مزاج الشارع العراقي، ناهيك عن عدم قدرتها على قياسه». وأضافت أن «العراقيين اجتازوا النفق بسلام وبدأت تتبلور ملامح مرحلة انتقالية هي جزء من رياح التغيير التي هبت على العراق من ربيع العرب، حيث تأثرنا بهذا الربيع، ولكن المسألة هي ليست قضية ملايين تخرج إلى الشارع ولا تعرف ماذا تفعل وإنما هي قضية وعي وإدراك بالمسؤولية الاجتماعية والسياسية».