ملفات إنسانية تعيد التقارب بين كوريا الشمالية وأميركا

واشنطن تقدم مساعدات لضحايا الفيضانات وبيونغ يانغ تقبل مناقشة رفات جنود الحرب

امرأة تتجول في «المتحف التذكاري للحرب الكورية» في سيول أمس حيث توجد قائمة الجنود الأميركيين الذين قتلوا خلال الحرب الكورية (أ.ب)
TT

بدأ تقارب مشوب بالحذر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بعد توقف دام ست سنوات. فقد قدم نظام بيونغ يانغ بادرة تصالحية تجاه واشنطن، بإعلان استعداده لاستئناف المحادثات حول استعادة الولايات المتحدة لرفات الجنود الأميركيين الذين قتلوا خلال الحرب الكورية في الفترة من 1950 إلى 1953.

وجاءت هذه الخطوة بعد اجتماع رفيع المستوى عقد في نيويورك، الشهر الماضي، وضم مسؤولين أميركيين يرأسهم ستيفن بوزوارث، المبعوث الأميركي لكوريا الشمالية، وآخرين من كوريا الشمالية، يرأسهم كيم كي كوان، النائب الأول لوزير الخارجية الكوري الشمالي.

واقترحت كوريا الشمالية خلال اللقاء عقد قمة بين الدولتين لتنسيق المفاوضات. وأبدى ممثلوها رغبة بلادهم في إجراء حوار مع واشنطن من دون شروط سابقة، وشددوا على حق بلادهم في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، لكنهم أبدوا استعداد كوريا الشمالية للتخلي عن أسلحتها النووية إذا قامت واشنطن بتخفيف العقوبات المفروضة عليها، واستئناف تقديم الدعم الغذائي للشعب الكوري الشمالي.

وقد رفضت الولايات المتحدة في السابق محاولات كوريا الشمالية لاستغلال ملف رفات الجنود، وطالبت كوريا الشمالية بالعودة إلى مائدة المفاوضات السداسية بشأن قضية نزع السلاح النووي، التي تضم الكوريتين والولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا.

وفي خطوة مفاجئة، أعلنت الإدارة الأميركية، أول من أمس، تقديم مساعدات إنسانية طارئة بقيمة 900 ألف دولار، لضحايا الفيضانات التي اجتاحت كوريا الشمالية في الآونة الأخيرة، عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والمنظمات غير الحكومية. وحسب وسائل الإعلام الكورية الشمالية الرسمية، فإن الفيضانات التي نتجت عن أمطار غزيرة هطلت على البلاد في يوليو (تموز) الماضي ثلاثين قتيلا، ودمرت أكثر من 6750 مسكنا. وأصبح أكثر من 15800 شخص من دون مأوى، بسبب الفيضانات التي غمرت 48 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، مما أدى إلى «إلحاق أضرار جسيمة بمحصول الحبوب هذا العام». وقال بيان للخارجية الأميركية إن موقف الولايات المتحدة هو توفير المساعدة الإنسانية بشكل منفصل عن الاهتمامات السياسية والأمنية، وإن الولايات المتحدة مهتمة برفاهية ومساعدة شعب كوريا الشمالية.

وقالت المتحدثة الصحافية باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند: «إننا نعمل الآن على استغلال اللقاء الذي عقد في نيويورك للمضي قدما في المحادثات، وهذه المساعدات هي لتلبية احتياجات محددة لشعب كوريا الشمالية، وسيتم استخدامها بشكل صحيح». وأكدت نولاند أن المساعدات الأميركية ما زالت في طور المناقشة، وأن واشنطن تعمل مع الكوريين لتحديد البنود التي يحتاجون إليها وكيفية إيصالها من خلال المنظمات غير الحكومية.

وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إلى التدريبات العسكرية السنوية التي تجريها الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية، التي تثير غضب كوريا الشمالية، وقالت: «لا يوجد بهذه التدريبات شيء استفزازي أو غير عادي، وهي تدريبات تتم كل عام لتعزيز العمل المشترك ورفع استعداد قوات التحالف للرد على أي تهديدات. وهي تدريبات ذات طبيعة دفاعية ونحن نحث كوريا الشمالية على ضبط النفس».

وتقول وزارة الدفاع الأميركية إنه يوجد في كوريا الشمالية رفات 8031 من الجنود الأميركيين، وقامت في الفترة من 1996 إلى 2005 باستعادة رفات 229 جنديا، والتعرف على هوية 80 جنديا منهم، ثم تعثر التعاون بشأن استعادة رفات الجنود المتبقين عام 2005 بعد توتر العلاقات بين البلدين، بسبب برنامج كوريا الشمالية النووي، ومطالبة واشنطن بوقف كل عمليات تخصيب اليورانيوم في كوريا الشمالية.

ويشير محللون إلى أن قرار كوريا الشمالية بإعادة استئناف المحادثات حول رفات الجنود يأتي في أعقاب المساعدات الطارئة التي قدمتها الولايات المتحدة، ورغبة كوريا الشمالية في تقديم بادرة حسن النية. وقد استفادت كوريا الشمالية من تعاونها مع الولايات المتحدة في هذا الملف بالحصول على ملايين الدولارات في شكل مساعدات.