فيلتمان يدعو الثوار إلى الاستعداد لإدارة ليبيا

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : جلود حاول الهرب 3 مرات والنظام غير طاقم حمايته > عبد الجليل يتوقع نهاية «قريبة ومأسوية» للعقيد

TT

جدد أمس نظام العقيد الليبي معمر القذافي مساعيه لإيجاد حل للأزمة العسكرية والسياسية التي يعانيها في ظل تقدم الثوار المناوئين للقذافي باتجاه محاصرة العاصمة الليبية طرابلس، حيث اقترحت الحكومة الليبية رسميا تشكيل وفد رفيع المستوى يضم بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ، لزيارة ليبيا في أقرب وقت ممكن للاطلاع عن كثب على ما يجري في ليبيا وبحث التوصل إلى حل بين الليبيين أنفسهم دون تدخل خارجي.

ووضع البغدادي المحمودي، رئيس حكومة القذافي، مون في أحدث اتصال بينهما هو الخامس عشر منذ اندلاع الأزمة الليبية، في صورة ما وصفته وكالة الأنباء الليبية بـ«آخر وأخطر التجاوزات التي يقترفها حلف (الناتو) لقراري مجلس الأمن رقمي 1970 - 1973 من خلال عدوانه المستمر على الشعب الليبي مستهدفا المدنيين والبنية التحتية في ليبيا». ونسبت الوكالة للأمين العام للأمم المتحدة إعرابه عن أسفه لما آل إليه تطبيق قراري مجلس الأمن؛ مما أدى إلى تطور الأمور إلى هذا الحد، ووعد بأنه سيبذل كل جهده مع الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول ذات العلاقة للتوصل إلى حل بهذا الصدد.

لكن مسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن الاقتراح الذي قدمه رئيس وزراء القذافي يستهدف التسويف والمماطلة ومحاولة كسب وقت لجلب المزيد من المرتزقة الأفارقة لإحباط خطط الثوار لتطويق العاصمة طرابلس تمهيدا لتحريرها من قبضة القذافي.

من جانبه، اعتبر مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، أن نهاية القذافي باتت «قريبة جدا» وأن نهايته ستكون «مأساوية» مع تقدم الثوار باتجاه العاصمة. وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي عقده، أمس، في معقل الثوار بمدينة بنغازي بشرق ليبيا، «لدينا اتصالات مع الحلقة الأولى للقذافي.. وكل الأدلة تشير إلى أن النهاية ستكون قريبة جدا بعون الله»، وأضاف «أتوقع نهاية مأساوية له ولأتباعه. أتوقع أيضا أن يثير وضعا (فوضويا) في طرابلس. وأتمنى لو أكون مخطئا».

وعلق عبد الجليل على تقارير باحتمال هرب القذافي «سيكون ذلك أمرا جيدا يحقن الدماء ويساعدنا على تجنب خسائر مادية، غير أنني لا أتوقع أن يفعل ذلك».

من جانبه، قال جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي عقد بعد اجتماعه بقادة المعارضة في بنغازي أمس، إن أيام القذافي الباقية في الحكم معدودة، وأوضح فيلتمان «من الواضح أن الموقف يتحرك في غير صالح القذافي». وأضاف أن «المعارضة تواصل تحقيق مكاسب ملموسة على الأرض، بينما تزداد قواته ضعفا.. حان الوقت للقذافي كي يرحل ونعتقد بشدة أن أيامه أصبحت معدودة».

ودعا فيلتمان قادة المعارضة إلى الحفاظ على حقوق الإنسان وضمان قيام حكومة شاملة وممثلة للشعب بعد رحيل القذافي، وقال إن على قادة المعارضة أن يعملوا معا الآن ويخططوا لإقامة حكم يسوده القانون وبناء مؤسسات مسؤولة وشفافة وتوفير الأمن والخدمات.

وقال فيلتمان إن الولايات المتحدة تدعم الجهود التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة الخاص من أجل التوصل إلى حل من خلال التفاوض، لكنه قال إن على القذافي أن يوافق على مطالب واشنطن وغيرها له بالرحيل، وتابع قائلا «حتى الآن لم يحدث العنصر الأساسي للمفاوضات وهو موافقة القذافي على استعداده للتنحي».

إلى ذلك، نفى خالد كعيم، نائب وزير الخارجية الليبي، تأكيدات عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني الانتقالي في الجامعة العربية ومصر، لـ«الشرق الأوسط» مؤخرا، أن نظام القذافي يجري اتصالات بدول الجوار لبحث إمكانية استضافة عائلته العقيد، مع اقتراب الثوار من العاصمة طرابلس، كما أصدرت السفارة الليبية في القاهرة بيانا قالت فيه إن ما أشيع عن سعي القذافي للخروج من ليبيا هو خبر لا أساس له من الصحة.

من جهة أخرى، سعى نظام القذافي إلى التقليل من أهمية نجاح الرائد عبد السلام جلود أبرز أصدقاء وحلفاء القذافي والرجل الثاني في النظام الليبي سابقا في الهرب أول من أمس من طرابلس وصولا إلى مناطق خاضعة لسيطرة الثوار في الجبل الغربي.

وفي أول تعليق رسمي من العاصمة الليبية طرابلس، قال مصدر ليبي مطلع إن «جلود ترك العمل السياسي بإرادته منذ فترة، وهو يقضي جل وقته خارج ليبيا لغرض العلاج، حيث يعاني أمراضا في القلب»، ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن المصدر قوله إن جلود كان «يحظى وأفراد أسرته برعاية وعناية القذافي والجميع يعلم ذلك ويعرفه»، مشيرا إلى أنه ليس هناك أي شيء يستحق الذكر في موضوع جلود.

ومثل نجاح جلود في الهرب خارج طرابلس ضربة نفسية وإعلامية للسلطات الليبية، خاصة أنه ظهر أمس في لقطات مصورة وهو يلتقي مع ممثلين للثوار المناهضين للقذافي في الجبل الغربي.

وطبقا لما روته مصادر مقربة من جلود لـ«الشرق الأوسط»، فإنه حاول الهرب ثلاث مرات من قبل عن طريق البحر، لكنه أخفق في المحاولات الثلاث، بينما نجحت محاولته للهرب عبر البر أول من أمس.

وكشفت النقاب عن أن جلود حاول للمرة الأولى الهرب قبل نحو شهر عبر قارب متجه إلى إيطاليا، لكن المحاولة بات بالفشل.

وأوضحت أن هروب جلود يمثل أيضا ضربة أمنية لنظام القذافي الذي لجأ قبل أيام فقط من خروج جلود إلى تغيير طاقم الحراسة المكلف تأمينه ومراقبته خشية أن يكون متورطا في محاولات هربه السابقة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن جلود هو الذي بدأ بالاتصال ببعض عناصر الثوار في طرابلس، حيث طلب منه توصيل رسالة إلى المجلس الانتقالي وطلب أيضا مساعدته على الخروج من طرابلس بأسرع وقت ممكن.

وتوجه جلود عبر تونس إلى إيطاليا التي سبق أن حصل منها بالفعل على حق اللجوء السياسي فيها بترتيب خاص بين المجلس الانتقالي والسلطات الإيطالية.

وقال مسؤولون مقربون من جلود إنه سيوجه خلال اليومين المقبلين رسالة إلى الشعب الليبي يحثه خلالها على الانتفاضة ضد النظام وسيطلب أيضا من القذافي الرحيل عن السلطة في أسرع وقت حفاظا على ما تبقى من البنية التحتية للدولة الليبية.

وكان مسؤول بمطار جزيرة جربة التونسية قد قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن جلود غادر مطار جربة متجها إلى إيطاليا فجرا على متن طائرة مالطية برفقة أسرته، بينما ذكر مصدر حكومي آخر أن المساعد المقرب السابق للقذافي وصل إلى جنوب تونس ليل الجمعة - السبت، وأنه «سلم نفسه للجيش التونسي قبل أن يكون قطريون في استقباله»، مشيرا إلى أن إيطاليا قد تكون مجرد محطة توقف قبل أن يستقر جلود في مكان آخر.

وشهد النظام الليبي انشقاقا آخر أمس، عندما أعلن مصدر تونسي رسمي أن عمران أبو قراع، رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، موجود في تونس ولم يعد لليبيا بعد رحلة للخارج، وفقا لما أوردته وكالة «رويترز».

وأضاف أنه وصل إلى تونس بعد رحلة إلى إيطاليا. ومثل أبو قراع ليبيا في اجتماع «أوبك» الأخير في يونيو (حزيران) بعد انشقاق سلفه شكري غانم عن حكومة القذافي وتصريحه بأنه يدعم أهداف المعارضة الليبية التي تسعى للإطاحة بالقذافي.

إلى ذلك، نفى الناطق الرسمي باسم حكومة القذافي وفاة عبد الله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية في غارة جوية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما نفت هيئة الإعلام الخارجي نجاح الثوار في اقتحام سجن أبي سليم سيئ السمعة وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين فيه.