طائرات تحلق فوق حمص وقصف للأحياء وإطلاق رصاص عشوائي.. و13 قتيلا حصيلة يوم دموي جديد

العثور على جثث 5 أشخاص في حقول ريف حمص كانوا اختطفوا من قبل الأمن والشبيحة

صورة مأخوذة من موقع «شام» لتشييع أحد القتلى وقد تحول إلى مظاهرة في حمص أمس
TT

استمرت العمليات العسكرية الشرسة في عدة مدن سورية أمس، وبعد يوم جمعة دموي سقط فيه 33 قتيلا بحسب الحصيلة الأخيرة، سقط أمس عدد جديد من ضحايا النظام السوري. وقال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن 13 قتيلا سقطوا أمس، بينهم 7 في الرستن (ريف حمص) وحدها «منهم 5 عسكريين منشقين تمت مداهمة وحدتهم وقتلهم قبل الفرار». وأضاف اتحاد التنسيقيات أن شخصا قتل في منطقة الحراك بدرعا، و5 قتلى سقطوا في الزعفرانية القريبة من الرستن، «أثناء محاولة اعتقال 5 مدنيين مطلوبين من منازلهم». وأشار اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إلى «مرور عشر دبابات من طريق حماه بجانب القصور إلى داخل حمص» لافتة إلى أن «وجهة هذه الدبابات غير معروفة».

وقال أحد سكان حمص لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة «أمضت ليلة سوداء أول من أمس الجمعة بعد صلاة التراويح، حيث جابت الدبابات شارع الزير، كما تعرضت عدة أحياء للقصف وإطلاق الرصاص العشوائي وسط المناطق السكنية مع إلقاء القنابل الصوتية طوال الليل لا سيما حي الخالدية وبابا عمرو وباب الدريب وباب السباع وحديقة العلّو التي تم اقتحامها وتدمير الموقع الذي كان يحتله المتظاهرون». وأضاف أن القصف تجدد ظهر يوم أمس.

وقالت مصادر محلية إنه سمع صوت طائرات هليكوبتر تابعة للجيش تحلق فوق المدينة المضطربة في الساعات الأولى من صباح أمس حيث قطع التيار الكهربائي وخطوط الهاتف الأرضية عن بعض الأحياء يوم الجمعة «بشائر النصر» التي حتف فيها أهالي حمص تسخر من الرئيس الأسد وطالبوا بإعدامه.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن نشطاء، أن قوات الجيش السوري قصفت أمس مناطق في مدينة حمص. وقالت نقلا عن اتحاد تنسيقيات الثورة السورية أنه شوهدت الطائرات تحلق فوق حمص.

وذكر الاتحاد أن قوات الأمن فتحت نيرانها بشكل عشوائي في حي الخالدية لكن لم ترد أنباء حول سقوط ضحايا. وسمع دوي انفجار كبير في وقت سابق من أمس في حي بابا عمرو في حمص لكن لم تكشف تفاصيل حول الأسباب أو عدد الضحايا.

وقال نشطاء في حمص لوكالة الصحافة الفرنسية، إن القوات الحكومية السورية أطلقت نيران مدافعها الآلية الثقيلة في منطقة سكنية رئيسية في مدينة حمص في ساعات مبكرة صباح أمس، وقال سكان إنهم رأوا طائرات هليكوبتر عسكرية تطير فوق المدينة. وأضاف النشطاء أن إطلاق النار تركز في حي الخالدية. ونقلت أيضا عن ناشطين قطع خطوط الكهرباء والتليفونات الأرضية في المدينة.

وارتفعت حصيلة جمعة «بشائر النصر» إلى 34 شخصا على الأقل بينهم أربعة أطفال قتلوا بالرصاص على أيدي قوات الأسد في محافظة درعا حيث انطلقت الشرارة الأولى للانتفاضة ضد الأسد في مارس (آذار) الماضي. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 16 شخصا قتلوا في أحياء متفرقة من حمص وريفها وقتل 15 شخصا في ريف درعا و3 أشخاص في ريف دمشق عندما أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين. وأكد المرصد «اكتشاف جثامين 5 أشخاص الجمعة في أحد حقول الحولة (ريف حمص) تبين أنها لأشخاص اختطفهم الأمن والشبيحة قبل يومين».

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن متظاهرين اثنين قتلا بنيران رجال الأمن في مدينة الرستن بينما دخل رتل من المدرعات وتعزيزات أمنية إلى أحياء في حمص أمس وشنت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات في اللاذقية. ونقل مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن عن ناشط في مدينة الرستن أن شخصين قتلا وجرح آخرون ظهر أمس عندما أطلق رجال الأمن النار على متظاهرين خرجوا بعد صلاة الظهر في المدينة. وذكر أن «رتلا من المدرعات دخل فجر» أمس إلى حي الخالدية في حمص، غداة خروج نحو 20 ألف متظاهر في الحي يوم جمعة «بشائر النصر». وأضاف مدير المرصد أن «إطلاق الرصاص الذي لم ينقطع خلال الليل كان لا يزال مستمرا لغاية مساء أمس، في أحياء الخالدية وبابا عمرو والإنشاءات».

وأشار عبد الرحمن إلى «انقطاع الاتصالات الأرضية عن حي الإنشاءات وبابا عمرو والاتصالات الخليوية والأرضية عن حي الخالدية». وأضاف «كما وصلت تعزيزات أمنية إلى حيي بابا عمرو والإنشاءات تضم 9 آليات بين شاحنة وسيارة محملة بعناصر مدججة بالسلاح» مشيرا إلى أن «إطلاق الرصاص المستمر في حيي الإنشاءات وبابا عمرو أسفر عن سقوط 8 جرحى على الأقل».

وأضاف المرصد أن قوات من الأمن والشبيحة اقتحمت صباح أمس حي قنينص في اللاذقية وروعت الأهالي واعتقلت من تصادف وجوده في الشوارع». ونقل المرصد عن أهالي الحي «إن من بين المعتقلين أشخاصا دون سن الثامنة عشرة» مشيرا إلى أن «قوات الأمن والشبيحة فرضت حصارا على الحي ومنعت الدخول والخروج منه». كما أكد ناشط من الحراك التي قتل فيها يوم أول أمس 5 أشخاص برصاص الأمن «إن الأهالي رفضوا استلام جثامين أبنائهم الذين استشهدوا يوم الجمعة لأن الأجهزة الأمنية طلبت منهم تعهدا بعدم خروج تشييع كبير للشهداء فرفض الأهالي وتحول تجمعهم قرب المشفى إلى مظاهرة أطلقت قوات الأمن الرصاص عليها لتفريقها».

وأشار المرصد إلى «انتشار أمني كثيف وتعزيزات من قوات مكافحة الإرهاب في الحراك التي فرض فيها حظر للتجول» لافتا إلى أن «فضائية مقربة من السلطات السورية تقوم بتصوير ما حصل من قمع وقتل في المدينة يوم أمس على أنه من فعل العصابات المسلحة».

في الوقت ذاته، تفرض المدرعات حصارا على قرية موحسن في دير الزور شمال شرقي سوريا حيث قام أفراد الأمن بمطاردة محتجين مطلوبين وفق ما قال النشطاء الذين أكدوا أن قوات الأمن نفذت حملات اعتقال واسعة في القرية.

في غضون ذلك، ذكرت قناة «الجزيرة» أن خمس قذائف أطلقها الجيش السوري أمس ضربت منطقة حدودية بالقرب من مدينة أنطاكية التركية. ونقلت القناة عن شهود عيان قولهم إن قذيفة سقطت بالقرب من موقع تابع للحرس الحدودي التركي.

وفي ريف حماه جرت حملة تمشيط واعتقالات واسعة، وفي مدينة مصياف - وسط - ذات الأغلبية العلوية في ريف حماه، تحول تشييع محمد وطفة إلى مظاهرة مناهضة للنظام. وقال ناشطون إن مجندا في الجيش السوري قتل برصاص الأمن، لرفضه إطلاق النار على المتظاهرين في حرستا يوم أول من أمس الجمعة. وحاولت قوات الأمن السيطرة على التشييع ورفع صور الرئيس والهتاف له لكنهم فشلوا على الرغم من الوجود الأمني والعسكري الكثيف بالسلاح الكامل، وذلك بسبب الأعداد الضخمة التي كانت تهتف للمجند القتيل والحرية والتي قدرت بنحو سبعة آلاف مشيع. وقد حدثت بعض المناوشات ومحاولات ترهيب برفع السلاح والصور عند الدفن ولكن تم فضها.

وفي ريف دمشق تحول تشييع أحمد الحسين في مدينة الرحيبة في منطقة القلمون إلى مظاهرة حاشدة مناهضة للنظام وطالبت بإعدام الرئيس رغم الحصار الأمني وتكثيف واستنفار الجيش حول المقبرة القريبة من اللواء 81.

وفي حوران قال ناشطون إنه تم اقتحام بلدة خربة غزالة في الساعة الخامسة فجرا وتم اعتقال نحو مائة وستين شخصا من قبل قوات الأمن مدعومين بالشبيحة ومن بين المعتقلين الشقيقان معتز بديوي 37 عاما ويعمل مدرسا، ومعتصم بديوي صاحب متجر 30 عاما، وكذلك معتصم عبد الكريم بديوي.

إلى ذلك، خرجت نحو 200 سيدة في مظاهرة نسائية في حي الميدان انطلقت من محيط جامع الدقاق واتجهت نحو سوق أبو حبل وهتفت المشاركات لنصرة المدن المحاصرة، ورمين منشورات في الشارع. واستمرت المظاهرة نحو عشر دقائق وانفضت قبل وصول قوات الأمن إلى المنطقة، لتكون أول مظاهرة في الميدان في غفلة عن أعين رجال الأمن.

ويأتي هذا التحرك فيما اعتبرت صحيفة «الثورة» الرسمية أمس أن «الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية اليوم تحاول الانتقال لمرحلة جديدة بعد مسلسل الخيبات». وأضافت: «بعد مسلسل الخيبات هذا وبعد استنفاد كل السبل بما فيها دعم التنظيمات المسلحة وقوى المعارضة في الخارج تحاول واشنطن وباريس ولندن وبرلين اليوم بالحركة البهلوانية التي خرجوا بها على العالم بناء تحالف دولي لفرض إرادته الاستعمارية على سوريا». وأشارت إلى أن هذه الدول «أيقنت أن المخطط مني بالإخفاق وأدركت أن كل الأفعال التحريضية التي سعت من خلالها لاستمرار الأزمة قد أخفقت هي الأخرى».

وكان من المفترض وصول بعثة إنسانية إلى سوريا بعد ظهر أمس للوقوف على نتائج عملية قمع الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد. وكانت مديرة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة فاليري اموس أعلنت الخميس أن بعثة إنسانية ستزور سوريا خلال نهاية هذا الأسبوع للوقوف على نتائج عملية قمع الاحتجاجات. وقالت اموس «لقد حصلنا على ضمانات بالذهاب حيث نريد (..) سنركز على الأماكن التي وصلت منها تقارير بحصول مواجهات».

من جهة ثانية، أوردت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أمس أنه تم «تشييع جثامين 12 شهيدا من عناصر الجيش والقوى الأمنية والشرطة قضوا برصاص المجموعات الإرهابية المسلحة أمس في حمص وإدلب وريف دمشق إلى مثواهم الأخير في مدنهم وقراهم».