«الكرامة».. أيقونة الثورة المصرية تتوهج مجددا أمام السفارة الإسرائيلية

نشطاء: النخب ضيعتها في متاهة السياسة وتوزيع الغنائم

جندي إسرائيلي يسير أمام مدرعة على الحدود مع قطاع غزة في وقت تزايدت فيه حدة التوتر بين الفصائل الفلسطينية في غزة وبين إسرائيل مع إطلاق صواريخ من القطاع وقصف إسرائيلي له (رويترز)
TT

بات مفهوم «الكرامة» أيقونة للثورة المصرية التي تفجرت في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. وبعد أن اختلطت الأوراق على موائد السياسيين في الغرف المغلقة، أعاد ميدان «نهضة مصر» الذي يواجه المبنى الذي تقع به السفارة الإسرائيلية في القاهرة، للمصريين روح الثورة التي تجلت في ميدان التحرير.

وبينما أنشد مئات المتظاهرين أمس السلام الوطني أمام السفارة الإسرائيلية، احتجاجا على مقتل جنود مصريين برصاص إسرائيلي، كان العلم المصري يرفرف في سماء الإسكندرية في فناء القنصلية الإسرائيلية في الإسكندرية، فيما قال المتظاهرون إنهم لن يبيتوا ليلتهم أمام مقر السفارة شريطة أن يتم إنزال العلم الإسرائيلي.

وفيما بدأ أحمد صلاح الذي جاء من حي بولاق الشعبي في شراء الأعلام المصرية، كان نشطاء آخرون يتفاوضون مع رجال أمن السفارة والشرطة العسكرية لكي يسمح لهم بمنح سكان المبنى هذه الأعلام لكي تكتسي البناية بالأعلام المصرية والفلسطينية.

«الحوار مدان.. مدان مع صهاينة وأميركان. كنا نردد هذا الهتاف بصوت خافت كلما مررنا أمام السفارة».. هكذا يقول الناشط السياسي الناصري محمد عبد الحليم، ويتابع: «لا أصدق أننا وصلنا بالفعل إلى اليوم الذي تدوي حناجرنا به وتؤرق أحلام الصهاينة في تل أبيب».

لكن أسماء السيد التي أتت بصحبة والدها تشير إلى أمر آخر، تقول «لقد أعاد المصريون تأكيد أن ثورتهم جاءت من أجل أن تعلي مرة أخرى من كرامة المصري، هذا الشعور الذي ربما فقدناه منذ زمن طويل، في كل مرة كنا نتعرض للإهانة داخل الأقسام ويراق دمنا على الحدود».

ويقول مراقبون إن الشهور الأخيرة دفعت المصريين لتشكك في جدوى تحركهم الذي أطاح برموز نظام مبارك، بعد أن دخلت النخب السياسية معركة «الدستور أولا.. أم الانتخابات البرلمانية أولا، هذه الأسئلة لا تعني المواطن العادي على أهميتها، كما أن الحكومة المصرية التي جاءت من الميدان لم تقدم لهم على المستوى الاقتصادي أي فارق يمكن الشعور به».

لكن اصطفاف المصريين مرة أخرى خلف هدف محدد وعدو واضح أعاد لهم الإحساس الذي ولد في ميدان التحرير، وجعلهم يحددون تاريخ 25 يناير موعدا للثورة.

وكانت القوى الشبابية قد تحركت يوم 25 يناير الذي يوافق احتفالات الشرطة بعيدها، احتجاجا على الممارسات التي يتعرض لها المصريون على أيدي ضباط وجنود الشرطة، التي اعتبرها المراقبون المؤسسة التي استند إليها نظام مبارك خلال العقد الأخير في معالجة أزماته وقمع معارضيه.

ورغم تكرار حوادث قتل الجنود المصريين على الحدود مع إسرائيل، فإنها المرة الأولى التي يظهر فيها المصريون هذا الغضب. ويقول سالم الحفناوي الذي جاء من محافظة القليوبية المتاخمة للعاصمة إن «الحوادث السابقة كانت تثير غضب المصريين لكنهم لم ينجحوا في التعبير عن هذا الغضب، لكن اليوم المسألة مختلفة فما نتوقعه ليس فقط أن نتظاهر ونعلن عن غضبنا بل أن يؤثر هذا الغضب في صانع القرار المصري».

واتخذت حكومة الدكتور عصام شرف موقفا لم يلبِ تطلعات المصريين، وزاد الأمر سوءا تضارب في الأنباء حول قرار سحب السفير المصري من تل أبيب، لكن الاعتذار الإسرائيلي قبل مرور 24 ساعة، ساهم في تخفيف حدة احتقان الشارع.

وقالت مصادر دبلوماسية أمس، إن شالوم كوهين، سفير إسرائيل السابق في القاهرة، الذي وصل إلى القاهرة في ساعة مبكرة من صباح السبت، قدم للمسؤولين في وزارة الخارجية خلال لقاء امتد لقرابة الساعة، اعتذار الحكومة الإسرائيلية عن الحادث.

وأشارت المصادر إلى أن كوهين أبلغ الخارجية بأن تل أبيب وافقت على فتح تحقيق مشترك بين مصر وإسرائيل في الحادث.

\