القصف الإسرائيلي يعيد إلى ذاكرة الغزيين فظائع الحرب الأخيرة

حماس تتحلل من التهدئة بعد مقتل أكثر من 15 فلسطينيا وجرح العشرات منذ الخميس الماضي

TT

كان يفترض بالدكتور منذر قريقع، الذي يعمل في قسم العناية المكثفة في مستشفى دار الشفاء بغزة، أن يكون في بيته مساء أول من أمس عندما هاجمت طائرة إسرائيلية من دون طيار السيارة التي كان يستقلها برفقة أخيه معتز وولده إسلام (خمسة أعوام)، مما أدى إلى مقتل الثلاثة على الفور، بالإضافة إلى إصابة عدد من المارة بجراح متفاوتة. لقد اضطر الدكتور منذر، الذي ينتمي إلى حركة فتح، إلى نقل إسلام نجل شقيقه معتز، المنتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي، إلى المستشفى لعلاجه من مرض ألم به، وكان لزاما على منذر مرافقته للمستشفى. وقبل دقائق من أذان المغرب ليعلن انتهاء يوم آخر من أيام شهر رمضان المبارك، وبينما كان طفلان يلهوان بالقرب من مستشفى الوفاء المختص بالإعاقات الحركية شرق مدينة غزة، حيث تقطن عائلتيهما، عاجل صاروخ أطلقته طائرة من دون طيار إسرائيلية، الطفلين ليصابا بجراح بين بليغة ومتوسطة.

أعادت هذه المشاهد إلى أذهان الكثيرين في قطاع غزة صورة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل إبان الحرب الأخيرة على قطاع غزة أواخر عام 2008 وانتهت في 17 يناير (كانون الثاني) 2009.

ومنذ مساء يوم الخميس الماضي وتحديدا بعد عملية إيلات، بلغ عدد القتلى الفلسطينيين 15 قتيلا وعشرات الإصابات، نصفهم من لجان المقاومة الشعبية، التي صفي قائدها العام مساء الخميس الماضي أبو عوض النيرب مع عدد من قادتها في منزل في مدينة رفح استهدفته غارة إسرائيلية ردا على العملية التي اتهمت إسرائيل اللجان بالوقوف حولها. واعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل خاص في تنفيذ الهجمات التي استهدفت الأشخاص على استخدام الطائرات من دون طيار التي لا تفارق أجواء قطاع غزة، في حين استخدم الطائرات النفاثة من طراز «أف 15» في مهاجمة المؤسسات والأنفاق. وفي المقابل، واصلت الفصائل الفلسطينية إطلاق الصواريخ والقذائف محلية الصنع باتجاه البلدات الإسرائيلية في منطقة النقب الغربي. وأسفرت عمليات القصف عن إصابة 14 إسرائيليا منذ مساء الخميس الماضي. واستخدمت لجان المقاومة الشعبية صواريخ من طراز «غراد» في قصف مدينتي أسدود وعسقلان. وأعلنت حركة حماس أمس أنها لم تعد ملتزمة بهدنة دامت لأكثر من عامين مع إسرائيل. وقالت حماس في بيان لها بثته إذاعة محلية تابعة لها أنه لم تعد هناك أي هدنة «مع العدو».

إلا أن السفير المصري لدى السلطة الفلسطينية ياسر عثمان قال إن مصر نجحت في التوصل لاتفاق مبدئي للعودة للالتزام بالتهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. وأوضح عثمان في تصريح صحافي أن الاتصالات بين الجانبين «المصري والإسرائيلي» توصلت لاتفاق «مبدئي» لإعادة الهدوء ووقف كافة العمليات العسكرية على قطاع غزة. وأشار السفير المصري، إلى أن كلا الطرفين «الإسرائيلي والفلسطيني» ليس لديهم رغبة في تصعيد الأمور الميدانية، وعودة الهدوء إلى القطاع إلى ما كان عليه قبل عملية إيلات. واعتبر عثمان أن قرار سحب السفير المصري من إسرائيل «يمثل رسالة قوية للجانب الإسرائيلي، مفادها أن مصر لن تسمح بالمساس بحياة مواطنيها وجنودها، وأن ما قامت به إسرائيل من قتل للجنود المصريين غير مقبول ويمس بسيادة جانب المصري».

وفي ذات السياق، حذر المحلل السياسي في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، بن كاسبيت من أن الوضع الأمني في سيناء لن يتحسن، بل على العكس من ذلك، من غير المستبعد أن تتحول الحدود الجنوبية مع مصر إلى جنوب لبنان. ودعا للتعامل مع الحدود مع مصر على أنها حدود إرهابية بكل ما يحمل هذا المصطلح من معان، زاعما تحول سيناء إلى «معقل كبير للإرهابيين، وهناك بنية تحتية خصبة جدا للتنظيمات الإرهابية، وكل ذلك يجري من دون حسيب أو رقيب، وبالتالي إذا استمر الوضع على ما هو فإن إسرائيل ستخسر، وستخسر كثيرا»، على حد تعبيره.