الجزائر تحدد خارطة طريق للإصلاحات السياسية

الحكومة تناقش 5 قوانين تمهيدا لعرضها على البرلمان.. والمعارضة تشكك في جدية الخطوة

TT

بدأت الحكومة الجزائرية منذ يوم أمس التحضير لحزمة من «قوانين الإصلاحات السياسية»، أهمها قانون الأحزاب، وقانون الإعلام، وقانون تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. وجاءت هذه الخطوة بعد استشارة موسعة مع كل الأحزاب والجمعيات والشخصيات البارزة، طلبها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تمهيدا لعرض الإصلاحات على البرلمان الخريف المقبل.

ودرست الحكومة، أمس، بإشراف رئيس الوزراء أحمد أويحيى، مشروعا لتعديل قانون الأحزاب عرضه وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، وآخر لتعديل قانون الإعلام عرضه وزير الاتصال (الإعلام)، ناصر امهل. ويرتقب بحث 3 قوانين أخرى تتعلق بنظام الانتخابات والجمعيات وتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة.

وعرض وزير الداخلية تعديلات اقترحها في قانون الأحزاب، أهم ما فيها تحديد فترات رئاسة الحزب بمرة واحدة، وهي قضية ستثير جدلا في أوساط الأحزاب لأن أغلبها يترأسه سياسيون منذ سنوات طويلة، منها أحزاب تدور في فلك السلطة وأخرى تنتمي للمعارضة.

ويشدد قانون الأحزاب الجديد على توفر مقاييس محددة في الأشخاص الذين يضعهم الحزب في هياكله القيادية، أهمها أن لا يكون متبوعا قضائيا. ولا يوجد في التعديلات ما يفيد بأن الأحزاب الجديدة ستحصل على الاعتماد. وكان وزير الداخلية وعد مؤسسي تشكيلات سياسية جديدة بالاعتماد في إطار القانون الجديد المرتقب، وأبرزها: حزب العدالة والحرية، وجبهة التغيير الوطني، والجبهة الديمقراطية. يشار إلى أن السلطات تمنع تأسيس أحزاب جديدة منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999.

وبحث اجتماع الحكومة أيضا مشروع قانون الإعلام الجديد، الذي يتضمن 7 مواد تتحدث عن سجن الصحافي بسبب كتاباته ومواد أخرى كثيرة تهدد بغرامات ثقيلة. ودافع وزير الاتصال عن مشروعه بقوله إنه «باكورة استشارة واسعة مع صحافيين ومحامين وقضاة»، مشيرا إلى أنه «يندرج في صميم الإصلاحات التي وعد بها الرئيس». ويطالب الصحافيون منذ سنوات بإلغاء مواد الحبس في قانون الإعلام وقانون العقوبات.

وتأتي دراسة القانونين كمحصلة لنتائج استشارة واسعة مع الأحزاب والجمعيات والشخصيات، حول حزمة قوانين الإصلاحات، جرت في شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين. وقاد «مشاورات الإصلاحات» عبد القادر بن صالح رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) بتكليف من الرئيس بوتفليقة الذي تلقى منه تقريرا مفصلا عن نتائج اللقاءات التي قاطعتها المعارضة. وستكون الخطوة المقبلة عرض القوانين على مجلس الوزراء، ثم تحال على غرفتي البرلمان. لكن الغموض لا يزال يلف التعديل الدستوري الذي تعهد به بوتفليقة. إذ لا يعرف أحد مضمونه ولا متى سيتم.

وتعهد بوتفليقة في منتصف أبريل (نيسان) الماضي بإصلاحات «عميقة وشاملة»، تأتي بمزيد من الحريات على صعيد التعددية والممارسة السياسية والإعلامية. وقال أيضا إنه يعتزم تعديل الدستور، دون تقديم تفاصيل، وفهم من كلامه أنه سيحدد فترات الترشح للرئاسة بولايتين، بعد 3 سنوات من تعديل دستوري ألغى فيه ما يمنع الترشح لأكثر من ولايتين.

وقد طرحت قضايا الإصلاح والتغيير في الجزائر بحدة مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي بعد خروج مئات الشباب إلى الشوارع في 20 ولاية، للاحتجاج على الأوضاع. وقالت الحكومة حينها إن الاحتجاج سببه غلاء المعيشة، أما المعارضة وقطاع من المراقبين فأوعزوا ذلك إلى غياب الديمقراطية والحريات. وتزامن الاحتجاج، الذي تطور إلى صدامات عنيفة مع قوات الأمن خلفت قتلى ودمارا في المرافق، مع أحداث تونس ومصر.

وانتقد قطاع من الطبقة السياسية «مماطلة السلطة» في التوجه نحو الإصلاح. وقال الوزير السابق والمعارض عبد الحميد مهري، في لقاء مع صحافيين في سهرة رمضانية بالعاصمة الليلة قبل الماضية، إنه لا «يرى وجود نية حقيقية لدى النظام للاستجابة لرغبة الشعب في التغيير.. أقول التغيير وليس الإصلاح»، داعيا إلى «التحلي بالشجاعة لنقول إن النظام لا يمكن أن يستمر».

وأوضح رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مقتنع بأن السلطة تريد كسب الوقت، فقد وعدت بإصلاحات في عز الثورات العربية لتفادي وصول عدواها إلى الجزائر». وذكر رئيس الرابطة الحقوقية مصطفى بوشاشي في مؤتمر حول الإصلاح الليلة الماضية، أن النظام في الجزائر «لا يملك رغبة في إصلاح الأوضاع ولا في إصلاح نفسه، لهذا مطلوب من الجزائريين النضال سلميا من أجل التغيير».