آلاف الهنود يحتشدون دعما لـ«غاندي الجديد».. والحكومة تلجأ إلى الجهة التصالحية

هازاري: المعركة مستمرة حتى نحصل على مشروع قانون قوي لمكافحة الفساد

TT

احتشد الآلاف تأييدا للإضراب عن الطعام الذي أعلنه الناشط الهندي آنا هازاري احتجاجا على الفساد، حيث خرجوا في وسط نيودلهي أمس في الوقت الذي تواجه الحكومة الهندية حركة شعبية مطالبة بالقضاء على الفساد المستشري بالبلاد.

وتحدث هازاري، البالغ 74 عاما، لوقت وجيز أمام الحشود من فوق منصة قبل أن يستريح، بينما تواصلت الخطب والشعارات والموسيقى في اليوم الثاني من إضرابه عن الطعام. وقال هازاري: «ستستمر المعركة حتى نحصل على مسودة قوية»، في إشارة إلى مسودة قانون لمكافحة الفساد ينظر فيها البرلمان الهندي ويطالب المحتجون بتشديدها.

ويلقب البعض هازاري بـ«غاندي الجديد» بسبب اتخاذه من رمز استقلال البلاد المهاتما غاندي بطلا له. وتواجه حكومة رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ أزمة بسبب زيادة التأييد الشعبي لحملة هازاري، حيث يعتمل الغضب بين الهنود لسنوات لما يصفونه من فساد مستشرٍ بين كل المسؤولين وعلى صعيد البلاد بأسرها، ما وصل إلى درجة الغليان.

وخرج رئيس الوزراء أمس بلهجة تصالحية، مؤكدا انفتاحه على الحوار. وقال سينغ: «نحن منفتحون على المشاورة والحوار ونطلب إجماعا وطنيا واسعا.. ثمة مساحة واسعة للحركة». وكان سينغ قد وصف قبلا إضراب هازاري بأنه تكتيك لا ديمقراطي. وقال سينغ: «علينا جميعا العمل معا للدفع إلى الأمام من أجل مسودة قوية وفاعلة، وعلينا إزالة ما يعتري سبيلها من عقبات»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الإجراءات البرلمانية تستغرق وقتا.

وقد تصاعد الدعم الشعبي لهازاري، خصوصا بين الطبقات المتوسطة، بعد أن ألقي القبض عليه لوقت قصير هذا الأسبوع قبيل بدئه إضرابه عن الطعام. وقال سومنات ميترا المستشار الإداري لشركة «آي بي إم»، الذي شارك في الاحتجاج برفقة موظفين آخرين بالشركة أمس: «أعتقد أن العاملين بالشركات والأعمال بدأوا ينقلبون على المسؤولين». وأشار ميترا، 39 عاما، إلى أنه اضطر إلى دفع 33 ألف روبية (720 دولارا) لتسجيل ممتلكات خاصة العام الماضي دون أن يتلقى إيصالا بذلك. وقال ميترا: «لقد كانت رشوة حتى يسمحوا لي بقضاء مصالحي».وحصل هازاري على ترخيص بالقيام بإضرابه عن الطعام في ساحة رامليلا في نيودلهي لمدة 15 يوما، وقال إنه فقد ثلاثة كيلوغرامات حتى الآن منذ رفضه الطعام إبان اعتقاله الثلاثاء الماضي. وقوبل وصول هازاري إلى الساحة بمشاهد فرح بالغ أول من أمس، غير أن منظمي حملته سيتعين عليهم بذل مزيد من الجهود للإبقاء على الزخم مع عطلة طويلة هذا الأسبوع وموسم سقوط الأمطار الكثيفة. وقد احتشد عدة آلاف من قطاعات مختلفة بينهم طلبة وفلاحون ليتابعوا إضراب هازاري أمس، غير أن الأعداد كانت أقل مما توقعه مراقبون بعد مسيرة ضخمة خرجت تلقائيا تأييدا للناشط في نيودلهي خلال الأسبوع الماضي. وقال هازاري أمام الحشد المؤيد له: «الأموال لدى خزائن الدولة لنا. الخزائن مهددة ليس من قبل اللصوص ،بل من قبل المسؤولين عنها، فحاميها حراميها».

وقد أضرت الحركة الاحتجاجية برئيس الوزراء سينغ الذي لم يُشَر إليه باعتباره ضمن النظام الفاسد في الهند، إذ بدا على غير صلة بالواقع بالنسبة لقضية تمس الجماهير. وقال سينغ أمام البرلمان الأربعاء إن صوم هازاري محاولة لابتزاز البرلمان لإعادة صياغة القانون.

ويبدو أن الحكومة أخفقت أكثر بالسماح باعتقال هازاري لبعض الوقت الثلاثاء للحيلولة دون بدئه صيامه، إذ إن هازاري رفض عندها ترك السجن ما لم يتم رفع الحظر على قيامه بالصوم كإضراب عام وعلى مشهد من الجماهير. وخرج هازاري منتصرا من السجن أول من أمس حيث كانت في استقباله مسيرة جاب فيها على متن شاحنة مفتوحة شوارع العاصمة ليكمل إضرابه عن الطعام في ساحة رامليلا.

يذكر أن فضائح ضخمة بمليارات الدولارات طالت مسؤولين كبارا خلال السنوات القليلة الماضية. وقد هدد هازاري بحملة عصيان مدني على غرار ما نفذه غاندي إبان الاستعمار البريطاني ما لم تذعن الحكومة لمطالب المحتجين. وقالت ديكشا رانا، 23 عاما، المسؤولة الإدارية بمستشفى ماكس في نيودلهي: «أتيت لتوي من نوبة ليلية». وأضافت: «إنه احتجاج على مشكلة تتنامى منذ سنين، وقد أطلق آنا هازاري العنان للسخط الشعبي. إنها حركة جادة ولا بد من الدفع بها قدما».