أميركا: مطالب بإطالة العام الدراسي.. وتربويون يصفون الإجازة بـ«الموسم السخيف»

قالوا إن ذلك سيدعم الصحة العقلية للمراهقين ويزيد الحافز الأكاديمي

TT

لقد كنت أحد الأطفال الذين يتطلعون إلى بداية العام الدراسي في شهر سبتمبر (أيلول) التي كانت توافق عيد العمال. وكان هناك أمر لا يزال غريبا بالنسبة إلي فيم يتعلق باستكمال العام الدراسي في منتصف شهر أغسطس (آب) مثلما يحدث في مارين بولاية كاليفورنيا. لقد كان الصيف طويلا وهناك وقت للعب والقيام بوظائف غريبة ولم نكن نضبط منبها في الصباح. لكن كانت بداية العام الدراسي الجديد مفعمة بالتوقع والترقب. لقد كنت أحب التعلم والعودة إلى قضاء الوقت مع الكثير من التلاميذ.

كنت أنظر مع بداية العام الدراسي الجديد في الدعوات الحديثة المتضاربة التي ينادي بعضها بمد العام الدراسي لزيادة الإنجاز الذي يحققه الطلبة، بينما ينادي بعضها الآخر بتقصير مدة العام الدراسي لتوفير المال على ما يبدو. كلا الاقتراحين سخيف، رغم أنه ربما يكون «موسما سخيفا» فيما يتعلق بالتعليم الحكومي في الولايات المتحدة.

ما زلت أدعم الرئيس أوباما، لكن نادرا ما أراه الشخص المفكر فيما يختص بقضايا التعليم. وقد تحدث عن زيادة مدة العام الدراسي حتى ينافس معدل الإنجاز في الولايات المتحدة الدول الأخرى.

لا أتفق مع ذلك. ولم تقدم الأبحاث دليلا حاسما على أن طول مدة العام الدراسي تحسن مستوى تعلم الطالب. العام الدراسي في فنلندا، الدولة التي تشتهر بارتفاع معدل إنجاز الطلبة لديها، ليس أطول كثيرا من العام الدراسي في الولايات المتحدة.

في الواقع ربما تساعد زيادة الوقت غير المخطط له وقلة الوقت المخصص للمهام في تعزيز الصحة العقلية للمراهقين وزيادة الحافز الأكاديمي.

لكن تتبع بعض المناطق في مختلف أنحاء الولايات المتحدة حاليا عاما أو أسبوعا دراسيا أقل من أجل خفض الميزانية. وتحدث حاكم أريزونا باسم الكثير من مؤيدي هذا التوجه، مشيرا إلى أن طول العام الدراسي لم يؤثر على معدل إنجاز الطلبة. ويقول: «سيكون المعلمون الجيدون معلمين جيدين سواء في أربعة أو خمسة أيام». بعيدا عن حقيقة أن ذلك أمر بديهي وبعيد عن القضية، يوضح التعليق العقلية السطحية لهؤلاء المؤيدين.

يشير مايكل كريست، رئيس مجلس إدارة التعليم بولاية كاليفورنيا في معرض حديثه عن هذا الجدال، إلى بحث يوضح أن قصر مدة العام الدراسي سيؤثر على عملية تعلم الطلبة خاصة لمواد مثل الجبر الذي يتضمن مجموعة محددة من المفاهيم خلال العام. قد لا يكون لدى المعلمين الوقت لشرح كل تلك المفاهيم.

لم تهتم أي من تلك النقاشات بالتأثير المحتمل على الأسر التي سيكون العام أو الأسبوع الدراسي لأبنائها أقصر. هذه الممارسات تزيح العبء عن كاهل الحكومة وتضعه على كاهل الأسر التي سيكون عليها في ذلك الوقت أن تتعامل مع مشكلة رعاية أطفالها. ماذا أيضا؟

أعتقد أن هذا الجدال يغفل المشكلة الحقيقية وهي كيفية نظرنا إلى العلاقة بين التعليم والوقت، فكل طرح يمثل وضعا معكوسا لا يهتم بالأساسيات. ولا ترقى الأفكار الموروثة إلى الحد الأدنى من معايير حل المشكلات الناجع. السؤال الأساسي ينبغي أن يكون: ما الذي يحتاجه الطلبة لتعلم كل مادة وكيف ستزيد المدارس من فاعلية عملية التعلم؟ العوامل المتغيرة في التعلم هي دافع الطالب ومهارات المعلم. ولا يتعلق أحد منهما بالوقت المخصص للمادة.

في كل مادة ينبغي أن يكون التركيز على معرفة أهم ما يجب الاحتفاظ به وتطبيقه. إذا فكرنا في القول المأثور عن المعلم: «علينا الوصول إلى الحرب الأهلية بحلول أعياد الكريسماس»، فنحن إزاء مشكلة حقيقية. نحن بحاجة إلى مد العام الدراسي ليصبح أطول بثلاثة أمثال لتعليم الحقائق التاريخية أو المعلومات العملية التي تزداد كل يوم.

من الضروري التفكير في الوقت، لكن بطريقة مختلفة. إذا فكرنا من حيث المفاهيم والمهارات، يتخذ العامل المتغير وهو الزمن بعدا جديدا. إذا تناولنا ذلك بشكل فعال، سنجد على الأرجح أنه يجب أن تكون مدة تعليم بعض المقررات التعليمية أطول من تعليم مقررات أخرى. لكننا لا نقوم بذلك بطبيعة الحال. البتر أو التمديد السريع يتحاشى التحليل المعقد وإعادة الهيكلة، وهذه هي الطريقة التي عادة ما نتخذ بها القرارات المتعلقة بالتعليم.

ماذا لو تم تقليل الوقت الفعلي في المدرسة لإتاحة المزيد من الوقت لبرامج تدريبية منسقة للطلبة وفرصة اكتساب خبرات تعليمية مجتمعية وليس لمشاكل تتعلق بالميزانية؟ إنها مجرد فكرة على أي حال.

* خدمة «واشنطن بوست»